طائفة غمر الإيمان قلوبهم وثبّت الجهاد أقدامهم

 

سيف الله الهروي

طائفة من أمّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن غمر الإيمان قلوبَهم، وثبّت الجهاد أقدامهم، والآمال ملأتْ وجودهم، واللّحی زيّنتْ وجوههم، والعمائم توّجتْ رؤوسهم، جلسوا في الرابع من رجب ۱۴۴۱ هقـ. في الدوحة عاصمة قطر، فسجّلوا هزيمة العفريت الإمريكي،

وانهيارأكبر قوة عالمية بعد هزيمة الامبراطوريتين البريطانية والاتحاد السوفياتي؛ وسيبقى هذا اليوم يوما تاريخيا في جبين التاريخ، وسيسجل التاريخ أنه في اليوم الرابع من رجب 1441/ 28 فبراير 2020 ، جلست جماعة مؤمنة مرابطة من أمة رسول الله، قائمة بأمر الله، منصورة بإذن الله تعالى، ما ضرّتهم لومة لائم، ولا خذلان صديق،

ولا نفاق منافق خلال المدة التي قاتلوا، وصابروا وثبتوا، فوقّعوا بمسمع من العالم ومرأى منه هزيمة العفريت الإمريكي الذي طالما تباهي بإذلال حلفائه والعالم أجمع، وطالما مكر ضد الصديق والعدو ليلا ونهارا، ولعب بمصير قوی إقليمية وعالمية، وأخذ منهم الجزية وهم صاغرون؛

جلست في اليوم الرابع من رجب 1441 جماعة من الشعب الأفغاني الغيور لم تتعبهم ساحات الوغى، ولم تصرفهم محبة الأهل والأولاد عن القتال في سبيل الله، ولم توسوسهم ملذات الدنيا ورغباتها، ولا قصف الطائرات، ولا تخويف المخوفين، ولا إرجاف المرجفين، فأثبتوا للعالم أن عدوهم المدجج بأحدث الأسلحة والتقانة المعاصر هو الذي تعب، وهان، واستكان أمام صمودهم وأثبتوا للعالم مرة أخرى أن قوة الإيمان والصبر والاستقامة أقوى من كل ما يملكون من عدة وعدة؛

جلس في الرابع من رجب 1441 هقـ مَن طابت لهم من الدماء دماء الإمريكان وحلفائهم، ومن هنأت لهم من الحياة حياة الأسود، ومن أعجبهم من الرنين زخات الرصاص ورشّات المدافع، وعلّموا قادة العالم الإسلامي الغافلين والنائمين أن ما يحصل لهم بالقوة العسكرية لن يحصل بلغة الحوار والاستسلام، وأن لذة التفاوض مع العدوّ المرغم على الحوار بالجهاد يختلف عن لذّات الدنيا كلها؛

جلس في الرابع من رجب 1441 هقـ أولئك الغرباء الذين دعوا المجتمع الدولي قبل تسعة عشر سنة إلى طاولة التفاوض والحوار، و أكدت أنها لا تريد القتال، وأنها مستعدّة للتفاوض مع كافة الأطراف، فوقّعوا على أكبر خطأ ارتكبه المجتمع بحقهم لما حسبوا عرضهم ذلك ضعفا لهم ووهنا فيهم، وقرروا استئصالهم، وردّوا إلى الوراء تلك اليد التي مدت إليهم للتفاوض آنذاك بطائرات الانتقام، وأعلنوا الحرب ضدهم بغير حق، وهتفوا في وسائل الإعلام بكل غرور واستكبار: «إمّا معنا أو ضدّنا مع الإرهابيين»؛

جلست في الدوحة في الرابع من رجب 1441 هقـ تلك الحركة التي زعم العالم أنها سوف تموت بمقتل زعمائها وأمرائها كغيرها من الحركات، فوقّعت من جديد أنها أكثر قوة وحياة، وأنها على قدم وساق تجاهد وتقاتل في سبيل الله وتنشط وتعمل وتقيم الصلاة إن مكنت في الأرض وتأمربالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقف في وجه الظالمين والمستبدين بكل قوة؛

جلست في الدوحة في الرابع من رجب 1441 هقـ تلك الجماعة التي كان المجتمع الدولي يتوقّع استسلامها وخضوعها، وتمرّد حواضنها القبائلية ضدها بعد القصف المستمر، فوقّعت من جديد أن حاضنة هذه الحركة ليست القبائل المحدودة في شرق أفغانستان، بل حاضنتها قلوب الشعب الأفغاني بل العالم الإسلامي كله، وأن هذه الحركة حركة إيمانية ذات هيكل تنظيمي قوي لا تعرف لغة الهوان و الاستسلام؛

جلس في دوحة قطر في الرابع من رجب 1441 هقـ مَن سُمع الآن بعد أكثر من تسعة عشر سنة صوتهم للتفاوض الذي غيّبته قبل هذا طائرات التجبر والغرور والاستكبار، فوقّعوا هزيمة الطغاة والمتجبرين والمستكبرين في الأرض، وإن لم يسمع صوتهم الآن، ولم تستجب مطالبهم بانسحاب القوات الإمريكية الآن فسوف يسمعون لهم ويستجيبون لمطلبهم في ظروف أشدّ وأنكى وأصعب في قادم الأيام.