فيروس كورونا… ابتلاء قاسٍ لكافة المعمورة

لقد تحول فيروس “كورونا” إلى بلاء عظيم وابتلاء قاسٍ للبشرية على مستوى العالم بأسره، فلم تمض سوى ثلاثة شهور على وجود هذا الفيروس، لكنه سرعان ما انتشر في جميع أجزاء العالم، ومازال ينتشر بشكل سريع جداً.

هذا الفيروس قد ألحق أضراراً بالاقتصاد العالم، وأرهق معنويات الناس، وأفسد الحياة الاجتماعية، بل إنه لم يترك جانباً من جوانب الحياة إلا وترك عليه أثراً سيئاً لم يعهد لذلك مثيل في السابق، وإن البشر الذين كانوا يعتبرون أنفسهم أقوى موجود وأذكاه على الإطلاق أصبحوا حيارى عاجزين عن مواجهة ذرة صغيرة لا ترى بالأعين المجردة لصغرها وخفتها.

للإنسان تاريخ طويل في هذه الأرض، لكن القرون الأخيرة من هذا التاريخ مهمة جداً، لأن الانسان بسبب الاختراعات والكشوفات العلمية استطاع أن يحقق أعلى مستوى من التقدم والتطور في جميع مجالات الحياة، وهذه الاختراعات والتطورات العلمية تعتبر منة إلهية خاصة على أهل هذه القرون، وكان يتوجب عليهم أن يشكروا ربهم على ذلك؛

لكن الإنسان لجهله وضعفه بدأ بالإعراض عن القوانين الإلهية، فوصل معاداة الدين في القرون الأخيرة إلى ذروتها، وانتشرت نظرية الإلحاد بشكل أكبر عن أي وقت مضى.

حتى أن دولة متدينة مثل أفغانستان تأثر بعض شبانها بهذه النظرية نتيجة الدعايات والتبليغات التي كانت تتم بدعم وتأييد دوليين، فقد تم السعي من خلال وسائل الإعلام وغيرها من البرامج المختلف بدس الأفكار الإلحادية في أذهان الجيل الناشئ وتشكيكهم تجاه دينهم وعقيدتهم، وبشكل تدريجي أصبح المتأثرون بهذه الأفكار الباطلة يظنون أنهم على الطريق القويم، وأن اعتقاداتهم صحيحة، وذلك ما أدى إلى ازدياد نسبة البعد عن الله عز وجل والإعراض عن دينه وأحكامه.

لكن الله جل في علاه قد سلط عليهم واحداً من أصغر المخلوقات حجماً، وأظهر للعالم برمته قوته وجبروته، واضطر الملحدون أيضاً أن يلجؤوا إلى الدين كآخر ملجأ يفرون إليه وآخر مسندٍ يعتمدن عليه.

علينا أن نتذكر بأن فيروس كورونا وإن كانت في الظاهر مرضاً، إلا أنها تحمل رسالة مهمة للإنسانية المنحرفة، وذلك أن الإنسان فانٍ وليس بخالدٍ، وأن الإنسان ضعيف وليس بقوي، وأن القوة الحقيقة هي لله رب العلامين، الذي خلق الخلق كله ويدبر أمرهم ويتولى شؤونهم.

كما أن هذا الابتلاء يحذر البشرية، ويدعوا المعرضين عن الله وعن دينه وقوانينه بأن يعودوا إلى الفِطَر السليمة، وأن يتركوا سبل الإلحاد والانحراف، وأن يستشعروا التكليف ويعيشوا وفق الأوامر والقوانين الربانية

وعلى المنحرفين عن الإسلام بأن يعتبروا هذا الابتلاء فرصة للتغير والتبديل، كما يجب على عامة المسلمين بأن ينوبوا إلى ربهم، ويتوبوا عن ذنوبهم ومعاصيهم، وأن يجددوا عهودهم وانقيادهم واستسلامهم لهذا الدين، وإن فيروس كورونا بقدر ما هو فتنة ومصيبة فهو بذلك القدر ابتلاء موقظ ودرس مليء بالعبر والعظات.