قصيدة من ديوان الشيخ محمد سعيد الجميلي

قصيدة من ديوان الشيخ محمد سعيد الجميلي

كابل .. جراحي النازفات سواك

عقدت لسان الشعر حين بكاك
وتعطلت لغة الدموع بمحجري وذُهِلْت من خطبٍ أظل رباك
وكفرت بالشعر المعدِّ لمأتم حتى إذا ما شيعوك رثاك
وكرهت هذا الكون مات ضميره إذ راح يرقب شامتا مدماك
وسمرت أستجدي الهدوء سويعة متبتلا بصوامع النساك
أنسى بها ثقل الزمان فأنثني إذ تستثير مشاعري عيناك
فأرى (البخاري) والثقاة رجاله بعلوِّ إسناد الحديث رواك
وعرفت سر تشبث النعمان في بغداد يفتي الناس وهو فتاك
يا بضعة منا نقاسمك الأذى ونسائل المذياع عن أنباك
تتجسدين على موائد فطرنا وتسيل دمعا ساخنا ذكراك
ونراك طيفا في عيون صغارنا يحكي أساهم صورة لأساك

ونراك في المحراب عند صلاتنا

إذ نشتكي لإلهنا بلواك
ما أجبن الطاغوت وهو مجيش من خلف أسوار الجبال رماك
ما أظلم الطاغوت وهو ملفق من كل نغل حاقد أفاك
يستل سيف الغدر دون جريرة ويبل حقد سنينه بدماك
ما أسخف المتدرعين بجيشه الخائنين العهد من أبناك
لا تعجبي ممن تنز جراحهم قيحا بسيف إبائك الفتاك
فلكم أدرت رحى المنون بجيشهم ودفنت سر عرمرم بثراك
بممر خيبر هاتف لو أنصتوا سمعوا نصيحة مصطل بلظاك
وحطام صرح الروس ينعق بومه فلتعرف الأجيال سر هلاكي
لا تعجبي فالمجلبون بخيلهم كانوا على وتر العويل بواكي
لكن تملّكني الذهول لفتيةٍ رضعوا حليب الطهر من أثداك
كيف امتطوا دبّابةً فتكت بهم وتخيلوا الخنزير محض ملاك
أفلم يسيروا في فيافي الخائنيــ. ـــن فينظروا عقبى خؤون حماك
ما حجة الأعراب حين تدافعوا كي يمتطيهم كالحمير عداك
أَوَ ما دَرَوْا أن الفتات خديعة كخديعة الصياد للأسماك
وغدا إذا نضبت حقول هوانهم تستبدل الأزهار بالأشواك
والله ما مُدت مع الجاني يد إلا بتوجيه من السافاك

لا تغفري للحاكمين جناية

حتى وان لثموا شراك حذاك
وترفعي عن كل مأفون يرى عوجا بعيني أحول بخطاك
يا أختنا والعاديات غوائل لكنما أن تذبحي بمداك !

ويكبر المتمسلمون مخافة

إن يرتقوا بصغارهم لعلاك
ويطل رأس الشامتين تلهفا كي يشهدوك ذليلة حاشاك
صبت عليك مصائب تبلى البلى لو أنها صبت على دنياك
يا مؤتة الزمن الجديد تطاولي لو لم تكوني قلعة بسماك
لم يستعن جيش الصليب وهوده بالفرس والإعراب والأتراك
(فجذام)([1])مازال الجذام حليفها و(القين)([2]) و(البهراء([3])خُنَّ لواك
يا مؤتة الزمن الجديد تصبري فمحمدٌ ينعى لنا شهداك
وبجيشك الكرار يحدو خالد وتظل تشهر سيفها يمناك
فستذكر الأجيال أن نجيمة دارت عليها دورة الأفلاك
وتواطأت أقطابها حين التقى من يدعي التوحيد بالإشراك
كي ينقلوها عن مدار سموِّها أو يطلقوها في دجى الأحلاك
فأبت على كل المجرات التي راحت تدور بحلبة الإرباك
طوباك ما ارتجف الفؤاد بهولها أو قال أخشى أو ونى طوباك
قد  يرهقوك بقضِّهم وقضيضهم لكنهم لا يحجبون سناك
يا أنت يا قارورة العطر التي حاروا بأي الحسنيين أذاك
إن يتركوك يغيظهم هذا البها أو يكسروك يفوح عطر شذاك
يا قلعة الإبطال صبرا قاتلي بالسيف بالأحجار بالمسواك

واستهزئي بالقاعدين أذلة

يتأملون من الذبيح ورآك

لا ترتجي من ذي العواصم نجدة

فالمترفات اليوم رحن فداك

يغفين في أحضان قوم همهم

هز البطون ورجفة الأوراك

يا حرة ما استبدلت أثوابها

إياك أن تستبدلي إياك

يا قلعة الإعلام ظلي هكذا

حتى تلاقي باللحى مولاك

[1] – قبائل عربية متنصرة قاتلت مع الروم ضد المسلمين في معركة مؤتة .

[2] – الهامش نفسه .

[3] – الهامش نفسه .