ما أشبه اليوم بالبارحة!

328649 img650x420 img650x420 crop

328649 img650x420 img650x420 crop

التاریخ الإسلامي لا ینسی الجنایات والغارات التي شنها الأعداء علی البلاد الإسلامیة. تلك الغارات والهجمات التي قتلت وأبادت وشرّدت آلاف المسلمین ما بین طفل وشیخ وامرأة. لا سيما الهجمة التي شنها حكام المغول ومن والاهم من الخونة المارقین على الدین.

قام الأعداء بهذه الهجمات والحروب للقضاء علی الإسلام وإبادة الأمة الإسلامیة بأسرها. ولولا أن قضى الله بخلود الإسلام وحفظه من مكائد الأعداء لما بقی من الإسلام إلا اسمه. إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.

وفي ظل تصاعد الوهن الذي اكتسح العالم الإسلامي آنذاك من أقصاه إلی أقصاه، ارتكب حكام المغول أبشع الجنایات من قتل وتشرید وإبادة جماعیة للمسلمین وتخریب للبیوت وإهلاك للحرث والنسل. فتأزمت الأوضاع وطال شقاء المسلمین تحت وطأة الاستبداد.

وفي تلك الحقبة الزمنیة قام الحاكم الغولي “جنكیزخان” بغارات دامیة علی البلاد الإسلامیة. مدینة بعد مدینة وقریة بعد قریة. وقتل من المسلمین ما لا یعد ولا یحصی، وأعمل فيهم جمیع الأعمال اللا إنسانیة. فكان المسلمون في كل مدینه یأخذون أهبتهم للفرار ومغادرة البیوت وحمل جمیع ما أمكنهم من أموالهم الثمینة.

فكان هذا الحاكم الجاني یحتل البلدة بعد البلدة. ويريق دماء أهلها. إلى أن انتهى الأمر باحتلال مدینة العلم والحضارة، مدینة بخاری. وكدأبه في احتلال البلاد الأخری، ارتكب في هذه المدینة من أنواع القتل والإهانه والهتك والهدم علی الأبریاء ما یندی له الجبین وتدمى له القلوب. فلم یبق من أهل بخاری إلا المغادرین للبلد قبل هجوم جنكیز. فكان ممّن نجی رجل فرّ إلی خراسان. فسأله الخراسانیون عن المصیبة الكبری والأزمة الألیمة التي حلت بسكان بخاری، فأجاب الرجل البخاري بكلمات قصیرة، جامعة، بلیغة، اتفق علماء الأدب أنها أوجز الأجوبة في الأدب الفارسي. فقال الرجل: “آمدند وكندند وسوختند وكشتند وبردند وسوختند”، أي: جاءوا فقتلوا واقتلعوا وحرقوا واغتصبوا ونهبوا [جهانگشای جوینی- ج 1- ص 82/80].

لاشك أن هذه الكلمات القصیرة الخالدة تنطبق تماماً علی طاغیة العصر وحاملة لواء الفساد، أمریكا وحلفائها المحتلین بما ارتكبته من أبشع الجنایات في أفغانستان والعراق.

كم قتلت وحرقت واغتصبت وسرقت، وبعد ارتكاب كل هذه الجرائم ترید مغادرة أفغانستان. والفارق بینها وبین الحاكم المغولي أن ذاك الحاكم غادر بخاری ولم یواجه الهزیمه آنذاك، أما أمریكا تغادر أفغانستان للهزیمة التي لقيتها نتیجه للتضحیة التي بذلها الشعب الأفغاني.

ما أشبه الیوم بالبارحة.!

إن المحتلین هجموا علی بلادنا بشعار قمع الظلم والفساد وتنمیة الاقتصاد وإعمار البلاد وإزالة الجهل والأمیة وإحیاء حقوق الإنسان. أما الیوم -بعد انقضاء ثلاثة عشر عاماً- تیقنا أن تلك الشعارات كلها كانت كسراب بقیعة یحسبه الظمآن ماءاً، فلم یتحقق من تلك الوعود شيء بل ازداد البلد فساداً ودماراً وظلماً.

عندما نسافر إلی الخارج یسألوننا عن الثورة العلمیة والاقتصادیة المزعومة التي شهدتها أفغانستان بعد الاحتلال ویقولون: یاله من حظ كبیر، ویالها من سعادة عظیمة، سعادة حضور الغرب في بلادكم!.

أحسن وأوجز جواب لهؤلاء المساكین، هي كلمات ذلك الرجل البخاري الذي أوجز فأجاد وأصاب في الإجابة.

إن هؤلاء متأثرون بالإعلام الغربي الذي یصوّر أفغانستان جنة تحظی بالأمن، والهدوء، والاستقرار، والسعادة، وتملك اقتصاداً قویاً، وتشق الطریق نحو الرقي والازدهار. أما الذي یعیش في داخل أفغانستان ویشاهد الأزمة الشاملة التي تغللت في جمیع مجالات حیاة الشعب الأفغاني، یدرك مدی الجنايات التي ترتكبها أمریكا وحلفائها في البلاد.