مشاعر مسلم تجاه ما يجري في غزة

محمد بن عبد الله الحصم

 

الحمد لله القائل: ﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله لقوي عزيز﴾ وسبحان الله الذي جعل الأًيام دولاً بين أهل الحق وأهل الباطل، فيديل المبطلين على أهل الحق إدالة لا تستمر لحكمة بالغة لتنقية الصفوف واتخاذ الشهداء، ثم تكون العاقبة في كل صراع لأهل الحق لا غير؛ فقال سبحانه: ﴿ والعاقبة للمتقين﴾.

والصلاة والسلام على نبينا القائل : “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله”.

أما بعد:

فتتدافع المشاعر في نفوسنا هذه الأيام؛ مشاعر فرح وسرور واعتزاز وافتخار بما قام ويقوم به ليوث الوغى وآساد الشرى من إخواننا في غزة على عدو الله وعدو الأمة اليهود عليهم لعائن الله، وما جرى على أيدي هؤلاء الأبطال من آيات النصر الرباني. هذا النصر العظيم الذي أعز الله به أمة الإسلام، وأحياها نحو مسراها، وأذل به أمة الكفر اليهود قتلة الأنبياء ومن وراءهم من الصهاينة والصليبيين، فقبلة على جبين كل قسامي وكل مجاهد شارك في هذه العملية المباركة “طوفان الأقصى”.

ومشاعر حزن وأسى ومواساة وتعزية لأهلنا في غزة العز الذين يتعرضون للإبادة من هذا النظام الفاشي المتغطرس، ونقول صبراً يا أهل غزة فإن موعدكم العزة والجنة. العزة لمن بقي والجنة لمن استشهد.

ووالله إننا لنخجل أن نكتب لكم مثل هذا ونحن نسمع من عبارات عجائزكم والبسطاء منكم ما هو أعمق بكثير، فلله دركم وعلى الله أجركم، فأطفالكم شيوخ لنا في الصبر والثبات، فسبحان من هداكم لهذا وجعلكم أئمة للناس في الصبر واليقين بموعود الله.

ويثور في أنفسنا طوفان من مشاعر الغضب والسخط على هذا الكيان اللقيط المغتصب للمقدسات والسافك للدماء، ونقول لهم سيذهب بكم الطوفان إلى حيث لا رجعة، وستذهب بكم الدماء التي تسفكون والمباني التي تهدمون والفساد الذي تقومون به إلى مزبلة الشتات التي جئتم منها، وتسليط من يسومكم سوء العذاب، “وعد الله لا يخلف الله وعده”.

ويا إخوة القردة والخنازير عبد الطاغوت سيحل بكم ما حل بأسلافكم، ولا تحسبوا أن هذه الأنظمة التي تحميكم ممن تسلطوا على بلادنا ستدوم، بل ستجري عليها سنة الله في المنافقين أمثالها من الذهاب والزوال، فالأرض أرض الله وقد كتب سبحانه أن من يرثها هم الصالحون لا المفسدون، قال عز من قائل: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون).

وبمثل هذا الغضب والسخط نتوجه لأنظمة الخسة والعمالة التي تدعو للتطبيع مع هذا الكيان اللقيط الغاصب السافك للدماء، ونقول لهم: أربعوا على أنفسكم، ولا تذهبوا في التطبيع كل مذهب فمهما عملتم وتعاملتم وكدتم ومكرتم فلن تستطيعوا إطفاء نور الله، فآية واحدة فقط يقرؤها مسلم بسيط كقوله تعالى: “لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا” تهدم كل مساعيكم في الباطل، فانتظروا إنا منتظرون، وسوف يعذبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فاعتبروا يا أولي الأبصار – ولستم منهم – إن كان لكم في إخوتكم اليهود معتبر.

وفي مثل هذا الواقع لنا ثلاث رسائل :

الأولى لأبطال غزة فنقول:

سلمت أيديكم، وتقبل الله شهداءكم وعجل بشفاء جرحاكم، فلقد تكسرت على أيديكم أصنام الباطل وأوهام الضعف والعجز والذل والهوان.

فسيروا على بركة الله ولا تلتفتوا لأبواق الباطل،  وأدعياء الحكمة، واستجيبوا لربكم القائل: ﴿ يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم﴾ والحياة هنا هي الجهاد في سبيل الله في قول أكثر المفسرين، وهذه الآيات لئن كنا نتلوها عليكم تذكيرا وتواصيا، إلا أنكم تعيشونها واقعا في حياتكم منذ أن شرفكم الله فجعلكم من المجاهدين في سبيله، وقد رأيتم من حسن صنيع الله بكم وحفظه ومعيته ما لا يضركم بعد ذلك من خذلكم أو خالفكم، وصدق الحبيب صلى عليه وسلم لما قال: “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك”. قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: “ببيت المقدس ‌وأكناف ‌بيت ‌المقدس”.

 

ورسالة أخرى لحكومات الشعوب الإسلامية نقول لهم:

قد أظهرت لكم الأحداث وهن اليهود وذلهم، وأسقط الواقع الملموس والمشاهد أكذوبة أن جيش اليهود لا يهزم ولا يغلب، فلا عذر لكم اليوم بعد أن مكنكم االله من حكم العباد وثروات البلاد، فهذه الكتائب المحاصرة التي لا تملك أحيانا رواتب للمقاتلين قد هزموا الدولة المدللة المدعومة من الشرق والغرب، فلم يكن الفقر عائقا من النصر، ولا قلة ذات اليد سببا للذل والهوان.

فعودوا إلى ربكم واستغفروه وتوبوا إليه يسددكم ويوفقكم وينصركم على اليهود، حركوا جيوشكم، وضحوا في سبيل الله، ولا تخافوا على مناصبكم، فما عند الله خير وأبقى كونوا مع الله يكن معكم، وثقوا به وكفى به وكيلا.

 

ورسالة أخيرة للشعوب المسلمة نقول:

إن إخوانكم في غزة يدافعون عنكم وعن مقدساتكم، فدونكم إخوانكم فانصروهم واعلموا أن الله غني عنكم وسوف يغني المجاهدين عنكم إن خذلتموهم فقد قال تعالى: ﴿ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين﴾، وقال عزوجل :﴿ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم﴾.

وأضعف الإيمان هو الدعاء لهم والدفاع عنهم:

لا خيل عندك تهديها ولا مال *** فليسعد النطق إن لم تسعد الحال

 

فنسأل الله تعالى أن يعز أهل غزة وأن يتم عليهم نصرهم ويجعل كيد اليهود في نحورهم وتدبيرهم في تدميرهم، اللهم الطف بأهلنا في غزة وفلسطين. اللهم لا يهلكون وأنت رجاؤهم، ولا يهزمون وأنت ناصرهم، اللهم اربط على قلوبهم وثبت أقدامهم وأحسن عاقبتهم، يا ربنا وأنت خير مأمول ومسؤول.عهل غوزة

 

كتبه: محمد بن عبد الله الحصم

13 جمادى الآخرة 1445 – 26 ديسمبر 2023