معالي الوزير أمير خان متقي حفظه الله في حوارٍ مع الجزيرة: الأمن الذي حققته الإمارة لأفغانستان خلال 4 أشهر عجزت أميركا عنه طوال 20 عامًا

تفريغ: مجلة الصمود

 

الجزيرة: ضيفنا هو وزير الخارجية الأفغانية بالوكالة أمير خان متقي، كثير من القضايا التي تمسّ الشأن الأفغاني نطرحها مع وزير الخارجية الأفغانية، أهلا ومرحبًا بكم.

نبدأ معالي الوزير بالقضية التي تشغل الجميع الآن وهي قضية الشرعية أو الاعتراف الدولي بالحكومة الأفغانية الجديدة، ما الذي تحقق في هذا الإطار؟

الشيخ أمير خان المتقي: الحمدلله، خلال الـ 4 أشهر الماضية أحرزنا تقدما ملموسًا في المجال الدبلوماسي بشكل يلفت النّظر، لقد أقمنا علاقات مع دول كثيرة، فتحت بعض الدول سفاراتها في كابل وستفتح أخرى قريبًا، نستقبل الوفود الأجنبية هنا، كما أننا نزور الآخرين، ورغم عدم الاعتراف الرسمي بنا من جانب البعض فإن تعامل العالم معنا شبه رسمي، ونحن راضون عن أدائنا ونحقق تقدمًا كبيرًا والكثير من المكاسب.

 

الجزيرة: الآن هناك كثير من الاشتراطات، أو المطالب الدولية يقولون أنّ الحكومة الأفغانية لا تلبيها وهذا هو السبب في تأخر الاعتراف بالحكومة الأفغانية الجديدة وعلى رأس هذه المطالب، هو بالتأكيد حقوق الأقليات، وحقوق المرأة كما يقولون، وحرية السفر، العلاقة مع الجماعات الأخرى مثل القاعدة وتنظيم داعش، فما ردّكم على ذلك؟

الشيخ أمير خان متقي: لقد حقّقنا جميع شروط الاعتراف الدولي، فشرعية أية حكومة أن تسيطر على الأرض، وتوفّر الأمن وسبل العيش، والحكومة الإسلامية الحالية في أفغانستان وفّرت هذه الشروط، وبالنسبة لحقوق الإنسان ليس لدينا سجينٌ سياسيٌ واحدٌ، ولم يتعرض أحدٌ للانتقام، وأصدرنا عفوًا عامًا حتى عن الذين ظلمونا وحاربونا، بينما وضعت الولايات المتّحدة كلّ من تعامل مع الإمارة الإسلامية في معتقل جوانتانامو أو السجن المركزي أو قاعدة باغرام، وكانوا يقولون إنّ هؤلاء المعتقلين لا يُصنّفون كبشر.

أمّا سؤالك لماذا يغادر النّاس البلاد، انظر لكل من يغادر أفغانستان؛ هؤلاء لايغادرون لأسبابٍ سياسية وأمنية، هذه مشاكل اقتصادية مثل كلّ دول العالم الثالث، الولايات المتّحدة دعت النّاس لمغادرة أفغانستان، ولو فعلوا ذلك مع دول الجوار، ودول إقليمية أخرى، لتوجهت أعداد أكبر مقارنة بالأفغان، إلى المطارات بهدف الوصول للولايات المتّحدة، وأروبا. أمّا الأقليات فلديها كامل الحرية وليس لدينا تمييز، ولم يُطردْ أحد من الحكومة، وهناك كثيرون يلفّقون التهم من أجل الحصول على تأشيرة أمريكية وأروبية.

 

الجزيرة: إذا كنتم قد لبّيتم كلّ المطالب الدولية كما تشير في كل هذه القضايا، لماذا يتأخر إذًا الاعتراف الدولي، هل ترى أنّ هناك تعمّد لعدم الاعتراف بالحكومة الجديدة، ووضع أفغانستان تحت هذا الضغط الشديد؟

الشيخ أمير خان متقي: نعم؛ هناك بعض القوى الدولية تعرقل عملية الاعتراف بحكومتنا ولا تسمح للآخرين أن يبادروا بهذا الأمر، ومن يسأل لماذا؟ طبعًا لقد قاتلونا 20 سنة، ووقفنا ضدّهم عشرين سنة، احتلال أفغانستان وزجّ الأفغان في السجون هو الذي يفتقر إلى الشرعية، كما أنّ عدم الاعتراف بحكومتنا هو الذي يفتقر إلى الشرعية لأنّه ظلمٌ علينا، وسلبٌ لحقوقنا المشروعة.

 

الجزيرة: ما هي العقبة الرئيسية التي تحول دون الاعتراف الدولي حتى الآن، والتي حتى لا تقال في الإعلام، يعني ما هي العقبة الرئيسية من خلال لقاءاتكم مع المسؤولين الغربيين، من خلال المؤتمرات التي تحضرونها؟

الشيخ أمير خان متقي: أعتقد أنّ العالم ينتظر التوافق بهذا الخصوص، والجميع يراعي الآخرين كثيرًا خاصة القوى الكبرى، وهذا التوافق سيتحقق قريبًا بإذن الله، ولا مفرّ من ذلك، لأنّه حقّ الأفغان، أمّا العقبة الرئيسية في ذلك فعليك أن تكتشف من يضع هذه العراقيل؛ فمثلا مقعد المندوب الدائم لأفغانستان في الأمم المتحدة مُنح لشخصٍ لا يسيطر على شبرٍ من الأرض، ولا يمثل إلا نفسه، وهو نفسه قدّم استقالته، وقال: لا أستطيع القيام بهذه المهمة، مع ذلك يصرّون على وضع هذه العقبات.

 

الجزيرة: هل تتوقعون أن تحصلوا على الاعتراف الدولي في فترة زمنية معيّنة؟

الشيخ أمير خان متقي: في هذا المجال لسنا جامدين، بل نتحرك إلى الأمام، لقد حققنا تقدمًا ملموسًا والحمدلله، أقمنا علاقات إيجابية مع دول كثيرة، وهذه العلاقات تتوسع بمرور الوقت حتى نحصل على الاعتراف الكامل قريبًا.

 

الجزيرة: أحد شروط الاعتراف الدولي التي يقولها الغرب تشكيل حكومة شاملة، وأنتم أيضًا كنتم أعلنتم على أنّ هذه الحكومة حكومة مؤقتة وسيتمّ حكومة شاملة، متى يُتوقع أن يتم ذلك؟

الشيخ أمير خان متقي: انظر لو كانت الحكومة الشاملة تعني إشراك جميع الأقاليم، فلدينا وزراء من كافّة الأقاليم، من بنجشير وبدخشان، وفارياب وكابل وقندهار وننجرهار، ولو كانت تعني جميع العرقيات فلدينا وزراء من البشتون والطاجيك والأوزبك والبلوش والنورستان. ومن يقول إنّ حكومة أشرف غني كانت شاملة، نقول له: إنّ هذه الحكومة مازالت موجودة والتشكيلة الحكومية باقية في مكانها وما تغيّر إلا الوزراء، بينما 500 ألف موظف من الحكومة السابقة مازالوا في مناصبهم، وبينهم وكلاء وزارة، أمّا المطالبة بتعيين أشخاصٍ بعينهم، مثل زيدٍ وعمرو وبكرٍ وأحمد في الحكومة، فنحن لم نرى مثالا في العالم لمثل هذه الحكومة، وهي إملاءات نحن نرفضها.

 

الجزيرة: هناك الأوضاع الاقتصادية والأوضاع المعيشية تأثّرت طبعًا بهذا (عدم الاعتراف) وتأثرت أيضًا بعدم رفع التجميد عن الأموال الأفغانية في الخارج، فإلى أي مدى يمكن أن يتحمل الشعب الأفغاني، أو تتحمّل الحكومة الأفغانية استمرار هذا الوضع؟

الشيخ أمير خان متقي: بالنسبة للوضع المعيشي، الحمدلله أفغانستان بلدٌ زراعيٌ، وأراضيها خصبةٌ، ومياهها عذبة، لدينا مناجم وثروة حيوانية، وهذه المشكلات الاقتصادية ميراث عشرين سنة، خلال الفترة السابقة تلقّت أفغانستان مساعدات بمليارات الدولارات، لكنّها سُرقت ولم تُستغلّ في بناء مشاريع اقتصادية وتنمية مستدامة، نحن الآن نسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأوقفنا انهيار النظام البنكي، ووضعنا حدًّا للسرقات، وتمكّنا من دفع رواتب الـ3 أشهر لجميع الموظفين، وهذا أمرٌ عظيمٌ، خاصة بعد إفراغ البنوك من الأموال. العقوبات المالية قد رُفع بعضها، ويستطيع الناس الآن إرسال الأموال والمساعدات إلى أفغانستان، ويتعاملون مع البنوك الأفغانية. بقي موضوع الأصول المجمّدة بالخارج، وهذه أموال الشعب، ونأمل أن يرفع هذا التجميد قريبًا، وهناك أصواتٌ في أميركا تؤيّدنا في ذلك، بينهم نوّابٌ، بعد خطابٍ أرسلته إلى كونغرس.

 

الجزيرة: أحد القضايا الذي يتردد أيضًا أنه يقف حجر عثرة أمام هذا الاعتراف هو موضوع مكافحة الإرهاب وأنّ هناك مطالب أمريكية وغربية بالمشاركة في مكافحة تنظيم الدولة، والجماعات التي تصفها بالمتطرفة والإرهابية وأنتم ترفوضون ذلك، فهل هذا صحيح؟

الشيخ أمير خان متقي: انظر، هناك افتراءات كثيرة، لقد وقّعنا اتفاق الدوحة مع الولايات المتّحدة، الآن على واشنطن والعالم أن يقدّما دليلًا واحدًا أنّهم تضرّروا انطلاقًا من الأراضي الأفغانية، لم يتضرّر أحد، نحن تعهدنا بأنّ الأرضي الأفغانية لن تُستخدم ضدّ الآخرين، نحن مُلزَمون باتفاق الدوحة وحكومتنا تسيطر على كامل أفغانستان، عندما كنّا نسيطر على 70% من أراضي أفغانستان، تراجعت أنشطة داعش إلى الصفر، وعندما سيطرنا في أغسطس الماضي على مراكز الولايات والعاصمة، هنا أخرج داعش رأسه من جديد؛ لأنّ الحكومة السابقة أطلقت سراح 1800 معتقل من تنظيم داعش من السجون لإرباكنا، ولكننا تمكّنّا -وفي فترة قصيرة- من السيطرة على كل هذا، ما حقّقناه من نجاح أمني في أربعة أشهر، لم تستطع أمريكا ومعها جيوش خمسين دولة تحقيقه في عشرين عامًا، ولو فعلوا ذلك لاعتبروه انتصارًا عظيمًا، وقد قمنا بذلك لوحدنا، وهو ما نستحق عليه الثناء وليس العقوبات.

 

الجزيرة: كيف تديرون علاقتكم بدول الجوار، وكيف علاقتكم بدول الجوار في ظلّ المصالح المتضاربة، وفي ظلّ التنافس أيضًا، يعني هناك التنافس حتى على المناجم مثلا أوالتعدين في أفغانستان، وعلى الاستثمارات في أفغانستان؟

الشيخ أمير خان متقي: سياسة الحكومة الإسلامية الحالية متوازنة، ونقف مع الجميع على مسافة واحدة، ولدينا علاقات حسنة مع دول الجوار ومع الجميع. كما تشاهد أفغانستان بفضل موقعها الاستراتيجي صارت حلقة وصل وبدأت التجارة تزدهر، وبعد أربعين سنة أصبح لدينا حكومة مركزية، وأصبح السفر من ولاية لأخرى ممكنا ليلا ونهارًا بفضل الأمن، وهذه فرصة ثمينة للاستثمار لصالح المنطقة والعالم.

 

الجزيرة: كيف تديرون هذه العلاقات أصلًا في ظل إغلاق السفارات الغربية لمكاتبها وإجلاء موظفيها، كيف يؤثر عليكم هذا الوضع؟

الشيخ أمير خان متقي: الطرق مفتوحة ولله الحمد، كل من لديه وثيقة سفر وتأشيرة، يستطيع الدخول إلى البلاد، وأي دولة تريد تسيير رحلات إلى بلادنا تستطيع ذلك، عددٌ من السفارات استأنفت أعمالها في كابل وسيعود الآخرون بإذن الله، وسنكسر هذا الجليد.

 

الجزيرة: موضوع تشغيل المطار، استغرق وقتًا طويلًا، يعني هناك من يرى أنه تأخر كثيرًا ربما بسبب عدم حسم الحكومة الأفغانية لهذا الأمر، الآن هناك مفاوضات اليوم في الدوحة مع الجانبين التركي والقطري حول تشغيل المطار، هل نتوقع أن تسفر هذه المفاوضات عن اتفاق قريب؟

الشيخ أمير خان متقي: نعم، بخصوص المطار هناك مفاوضات جارية مع تركيا ودولة قطر، والمطارات بدأت تعمل، وننتظر وصول وفدٍ رسمي من تركيا وقطر إلى كابل لاستكمال المناقشات بهذ الشأن على أمل التوصل لاتفاق نهائي، وحسم الأمر بصورة نهائية قريبًا.

 

الجزيرة: تعقدون الكثير من اللقاءات مع المسؤولين الغربيين من الولايات المتحدة الأمريكية وأروبا، وأنا شخصيًا تابعت كثير من اللقاءات قادة الطالبان في الدوحة مع المسؤولين الأمريكيين والأروبيين، ولكن مع ذلك يقولون أنّ هذه اللقاءات لا تعني الاعتراف بالحكومة الأفغانية، فكيف تفسّر ذلك؟

الشيخ أمير خان متقي: هذا معناه الاعتراف الرسمي أم لا، لدينا مثل شعبي يقول: “نحن نشرب الشاي من أجل الدفء”؛ الهدف من اللقاءات والاجتماعات هو بناء العلاقات، دفع الضرر وجلب المصلحة، ولقد حققنا مكاسب جيدة في هذا المجال. كما تشاهدون لقد رفعت بعض العقوبات من قبل الولايات المتحدة، وصدرت موافقات لإرسال الأموال والتعامل مع البنوك الأفغانية وهذا تقدم كبير، وهذه هي الدبلوماسية، وهذه هي العقلات، وهذا هو الاعتراف، وإذا قال أحد إنّ هذا لا يعني الاعتراف فإنّ الأمر يرجع إليهم، ويجب أن نراعي ظروفهم وأعذارهم.

 

الجزيرة: رغم كل هذه اللقاءات مازالت الولايات المتحدة الأمريكية تصنّف الطالبان كحركة إرهابية وتضع كثير من قيادات الحركة على القائمة السوداء، هل أسفرت الاتصالات معهم والاجتماعات معهم عن إحراز أي تقدم في هذا المجال؟

الشيخ أمير خان متقي: لقد نصّ اتفاق الدوحة صراحة على أنّه خلال أشهر سيتم شطب أسماء قادة الإمارة الإسلامية من القائمة السوداء، والولايات المتحدة تعهدت بذلك. وكانت تقول لنا أثناء المفاوضات إنّ جميع حلفائنا سيلتزمون بهذا الاتفاق، لقد اتفقنا على ذلك فإذا لم يلتزموا بذلك فهذه مشكلتهم.

 

الجزيرة: ماهي توقعاتكم أخيرًا معالي الوزير للمرحلة المقبلة؟

الشيخ أمير خان متقي: بما أن هذه الحكومة هي الأولى من نوعها منذ أربعين سنة التي تسيطر على كامل التراب الأفغاني وتخضع لقيادة واحدة وتوفّر الأمن وتصدر العفو، هذه كلها بشائر للمستقبل.

 

الجزيرة: معالي الوزير! في الختام ما هي الرسالة التي توجهونها كأول حكومة بعد التحرير للغرب والقوى الدولية وأيضًا للعالم الإسلامي وأيضًا للشعب الأفغاني.

الشيخ أمير خان متقي: رسالتنا للعالم أن لا ينظر إلينا بعيون الآخرين، ولا يستمع لمن يتحدث عنا بصورة سلبية، نحن نحترم حقوق الإنسان وحقوق الأقليات. والنظام عندنا يقوى ويتحسن يوما بعد يوم، ويعمل لخدمة الشعب. والمنطقة بأسرها تعاني من الجفاف والمشكلات الاقتصادية. وقد ورثنا من الحكومة السابقة اقتصادًا ضعيفًا، وانتشارًا للفساد، ونحن نريد بناء اقتصاد قوي وعلاقات جيّدة مع العالم.

 

الجزيرة: شكرًا لكم معالي الوزير على وقتكم وسعة صدركم.

الشيخ أمير خان متقي: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.