هل من فضيحة أكبر من هذه؟

حبيبي سمنغاني

يقال: إن كل ما تجاوز حدّه افتضح. إنّ الدعاية العبثية لإدارة كابول عن الهجوم على “دشت برجي” أضافت على فضيحة هذه الإدارة المجرمة. فالهجوم على النساء الحوامل والأطفال الرضع كان أرذل سلوك ارتكبته الإدارة المجرمة العميلة بهدف تخريب عملية إنهاء الاحتلال وإحلال السلام في أفغانستان،

والمسؤولون المجرمون الأراذل في إدارة كابول، أثبتوا بهذه الجريمة التي لا تغتفر، أنهم لن يألوا من القيام بأي عدوان ولا جريمة لتحقيق أهدافهم المشؤومة.

الهجوم على المستشفى، وموقف متحدثي الحكومة، وكيفية تغطية وسائل الإعلام الحكومية له، دل على أن هناك شيئا وراء الكواليس وفي ضمائر المسؤولين في هذه الإدارة، بينما أدان متحدث الإمارة الإسلامية في الساعات الأولى الهجوم، رافضا من أن يكون هذا الهجوم من جانب مجاهدي الإمارة الإسلامية.

وبالمقابل أعلنت ميليشيات داعش بكل فخر مسؤوليتها عن الجريمة التي لا مبرر لها، لكن مسؤولي الحكومة مع ذلك أصرّوا على أن طالبان لا تستطيع تبرئة نفسها من هذا الهجوم!

كأن أصحاب السلطة كانوا يودون أن تتم هذه الجريمة باسم طالبان، بحيث لا يريد أحد من داعمي الحكومة ولا أعضائها أن يذكروا اسم داعش عند حديثهم عن الجريمة، ويروجون أن طالبان وداعش شيء واحد، وهذا كذب واضح أبيض لا يخفى على من له مثقال ذرة من الإنصاف.

كان من المقرر أن يعلن أشرف غني رئيس الحكومة موقفه تجاه هجمات “لغمان” و”ننجرهار” و”كابول”، لكن لوحظ أن لسانه لم يكن ينطق إلا بطالبان، وكان يمتنع من تذكرة داعش، لكنه ذكر مرة واحدة اسم داعش، ومن المحتمل أنه كان زلة لسان له، ثم صرّح أشرف غني في نهاية حديثه عن بدء عملية أو شن حرب هجومية على طالبان.

من المعلوم للجميع أن الهدف من ردود الأفعال العاطفية والمخططة لأصحاب السلطة في كابول، لم يكن في الحقيقة بدء حرب جديدة على طالبان،لأن إدارة كابول وأجهزتها العسكرية، بعد ما خسرت شطرا من المساعدات الإمريكية، أضعف من أن تشن حربا على طالبان على الإطلاق، بل كان هدفهم الحقيقي من كل هذا الضجيج والغوغاء الإعلامي هو صرف انتباه دونالد ترامب وتعاطفه، وإثارة مشكلات للاتفاقية الموقّعة بين الإمارة الإسلامية والولايات المتحدة.

مشكلة إدارة الكابول أنها ترى بقاءها في الوجود العسكري الإمريكي في أفغانستان، أو بعبارة أخرى، في استمرار احتلال هذا البلد، فبمجرد فرضية مغادرة القوات الأمريكية، هتزت أركان الإدارة العميلة في كابول، وفي الآونة الأخيرة، كان هدف جميع جهود الإدارة العميلة هو صرف أنظار البيت الأبيض عن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.

لا ننسى أن أشرف غني كتب في رسالة إلى ترامب في أوائل عام 2019م مفادها: قللوا تكاليفنا، لكن لا تغادروا أفغانستان بالكامل، كما اعترف في مقابلة مع تلفزيون “سي بي اس” بأن إدارة كابول ستزول في غضون ستة أشهر حال ما إذا سحب عنها الدعم الإمريكي.

في الواقع، تمّ التخطيط للهجوم على مستشفى في “دشت برشي”، من جانب الحكومة والمؤسسات التابعة لها، وتمّ تنفيذها من قبل الحكومة نفسها، وميليشيات داعش التي لا تسيطر على أرض، لم تقم بعملية مثل هذه بمفردها وإمكاناتها البسيطة، وتشير الأدلة إلى أن هذه الجريمة كانت بمخطط مباشر من جانب الحكومة،

وأن داعش لم تستخدم إلا كأداة، لطالما كانت العلاقات بين السلطة وداعش موضع تساؤل، ولا تزال الأسئلة حول إنقاذ عناصر داعش من قبل قوات كابول من حصار طالبان لجوزجان وجلال أباد قائمة بغير إجابة.

لكن الأفعى لسعت لسان أصحاب الحكومة ومؤيديها، لما أكد دونالد ترامب مرة أخرى أن الولايات المتحدة لا تريد أن تقوم بدور الشرطي في أفغانستان، وسوف تغادر هذا البلد، وأيضًا حينما سُئل ترامب عن تصعيد الهجمات، أظهر الجهل بها، كما أن تغريدات زلماي خليل زاد الأخيرة أذهلت مسؤولي الإدارة الفاسدة في كابول.

في الماضي، كان دعم إدارة كابول لداعش ينحصر في المجالات العسكرية، لكنه بدأ الآن في الدفاع عن داعش في المجالات الإعلامية أيضا، وإذا ربط أي شخص الهجوم على “دشت برجي” بداعش، يكون ذلك ثقيلا للغاية على إدارة كابول، والحقيقة أن إدارة كابول أفضحت نفسها بهذه الجريمة اللإنسانية، وهل من فضيحة أكبر وأكثر من هذا؟