أمريكا وتفقد المسامير

أمريكا تريد إبقاء قواتها وإنشاء قواعدها في بلادنا إلى أمد بعيد ولذلك تصر التوقيع علی الاتفاق الأمني الذي في ضمنه ينص على منح حصانة قضائية للجنود الأمريكيين المجرمين  من القانون الأفغاني حال ارتكابهم الجرائم وقد أكد الأمريكيون في حينه أنه إذا لم يكن هناك اتفاق حول مسألة حصانة الجنود فلن يكون هناك اتفاق أبدا، مشيراً إلى أن العسكريين الأمريكيين الذين يرتكبون الجرائم والفضائع في أفغانستان سيخضعون للمحاكمة وفقا لقوانين الولايات المتحدة ويفرض لهم حصانة تامة من العقاب  بحكم القانون الافغاني. وفي الأيام الأولى لانعقاد مجلس لويا جيركا قالت الحكومة العميلة إنها تلقت تأكيدا من الأمريكيين بأن رسالة من أوباما ستقدم للمجلس الأعلى للقبائل (لويا جيركا) معتذرا من أخطاءات الحرب في الماضي  ؛ لأن خلال الاتصال الهاتفي بين كرزاي وكيري ، أقر الأخير بـ”ارتكاب أخطاء في الماضي” في إطار عمليات القوات الغازية العسكرية ولضمان عدم تكرار هذه الأخطاء “اتفق الجانبان على أن يوجه أوباما رسالة إلى الشعب الأفغاني يطمئنهما إلى أن القوات الأميركية لن ترتكب تجاوزات” خلال الحملات فيما بعد.

لكن قالت مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس بعد هذه الإظهارات لتلفزيون (سي.إن.إن) “لاحاجة للاعتذار وإن تقديم مثل هذا الاعتذار غير وارد قطعا و يثير مثل هذا الأمر انتقادات من جانب الجمهوريين وغضب قدامى المحاربين الأمريكيين  وقالت : “إن الولايات المتحدة لن تعتذر إلى أفغانستان عن أخطاء ارتكبها جنود أمريكيون في البلاد وأضافت “لن تتم صياغة أو تسليم رسالة كتلك. لا حاجة كي تعتذر الولايات المتحدة إلى أفغانستان”. وتابعت “على العكس، لقد قدّمنا تضحيات ودعمنا تقدّمهم الديمقراطي و….. لذا (رسالة الاعتذار) ليست على الطاولة” .

وهكذا يكون شان الفراعنة في أحقاب الدهر يأخذون الحصانة لجنودهم النزلاء ويصرون على توقيع العبودية من الشعوب ويستكبرون من الاعتراف بأخطاء ما اقترفت أيديهم القذرة بمصاير الشعوب المستضعفة.

كان من حظ فرعون موسى عليه السلام أن أخذ شهرة الفراعنة والآن يؤخذ اسمه لكل متكبر جبار متغطرس في الأرض أنهم في أحقاب الدهر يسعون في الأرض فسادا يسفكون دماء الأبرياء ويضرمون نيران الحروب على المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها إنهم يقتلون المسلمين في عقر دارهم ويجوسون خلال ديارهم وبين أيديهم العيون والجواسيس والعملاء والدبابات المدججة وفوق رؤوسهم الطائرات المحلقة ووراء ظهورهم مئات الآلاف من العساكر المدربة الذين يقطعون على الناس طريقهم إلى الحياة الآمنة. إن هؤلاء الكفار ، الذين يظهرون في ثوب البطش والاستكبار ، ويتراءون لأنفسهم وللضالين من أتباعهم قادرين أقوياء لكن هناك أصحاب العقيدة لايخضعون أمام الفراعنة والجبابرة وهناك الخوارق صنعتها العقيدة في الأرض وماتزال تصنعها كل يوم، الخوارق التي تغير وجه الحياة من يوم إلى يوم وتدفع بالفرد والجماعة إلى التضحية والفداء في سبيل الحياة الكريمة الكبرى التي لاتفنى ولاتبيد وتقف بالفرد أمام قوة السلطان و قوة الحديد والنار فإذا هي كلها تنهزم أمام هذه العقيدة إن هذه العقيدة قوة هائلة في أيدي المؤمنين قوة استمدت منها الينبوع المتفجر الذي لاينضب ولاينحصر ولايضعف أمام الغطرسة والسلطان وهذه القوة مستمدة من الدين القويم الذي يعلن التحرير التام من العبودية للإنسان ولكن الفراعنة لايعلمون ماتصنعه العقيدة الإيمانية الراسخة والإرادة الصلبة للشعوب المؤمنة وهكذا تدور عجلة الدهريوما بعد يوم.
إن حيل الأمريكيين اللامتناهية بإبقاء قواعدهم واستكبارهم البالغ وحماقتهم البغيض يذكرنا بما سمعنا في الحكايات أن أحد الأشخاص قد اشترى بيتا ولكن عند الشراء وقع في خطاء فادح وسببه حسن ظنه بالناس وبعض الناس يحسب ذلك الظن غباوة وقلة إدراك.

اشترط البائع عليه أن له الحق في دخول البيت ليتفقد المسمار المدقوق في الجدار في أي وقت يشاء ولايحق للمشتري أن ينزع المسمار من مكانه وأبرم العقد كان البائع يزور المسمار مرة واحدة في اليوم ويرحل وكان أحيانا يبكي تحت المسمار واستمر الحال على ذلك اياما عديدة تارة يأتيه بالليل وتارة قبل طلوع الشمس وتارة بالظهيرة.

وازدادت الزيارات اليومية حتى ضاق صاحب البيت به ذرعا فقال له يوما : أليس لك عملا يشغلك إلا هذا المسمار كنت تزوره مرة واحدة في اليوم فسكتنا احتراما للشرط بيننا ثم زاد عدد الزيارات !

إذا كنت تظن أني سأنزعج وأترك البيت فلا تضع هذا في حسابك ولاتظن أنني مغفل إني أعرف مقاصدك ونواياك.

قال له البائع: إن قصتي مع هذا المسمار سر من أسرار الأسرة كان البيت لجدي بالوراثة ثم ورثه أبي عن جدي وورثته أنا عن أبي إننا نعتبر هذا الإرث تاريخيا جدنا الأكبر هو الذي دق المسمار وأوصی بعدم نزعه من الجدار هكذا توارثنا البيت والوصية، انني أبكي أحيانا لأن ولدي لن يرث البيت من بعدي وبذلك تحل بنا الكوارث والمذلات .
قال له المشتري: اشتريت البيت منك وانتهى حقك فيه وكنت متسامحا معك وقلت دعه يزور المسمار أياما فلابد أن يضجر يوما.

إسمع لاتأمل أن أترك البيت واهرب، أنا باق هنا إلى الأبد سأنتزع هذا المسمار وأدقه في نعشك ! لقد نفد صبري، أخرج وإلا قبرتك تحت هذا المسمار !!. مرت أيام وأيام وانقطع خبره فسمع المشتري أنه مات وطوي سجله إلى الأبد وانتهت القصة والإزعاج بسبب هذا الشرط الفاسد في البيع.لما قرأت هذه القصة تذكرت حيل الأمريكيين مثل شرط تفقد المسمار وفي نفس الوقت ناسى الأم ريكيون أوتناسوا مصير الذين تسول لهم أنفسهم تسخير هذه البلاد والتربع فيها وتفقد المساميرالمدقوقة لكنهم دفنوا في هذه الأرض بآمالهم المشئومة وأمانيهم النحسة. نعم على المؤمنين أن لايفقدوا أعصابهم في أشد الأوقات حرجا ولم ينسوا مبادئهم في أعظم الفتوحات انتصارا وكذلك في أشد المعارك احتداما وفي الاوقات العصيبة التي تحمل على الانتقام والثأر وسفك الدماء لأن الغاية من الحرب على أعداء الله هي طرد المعتدين واستقلال البلاد من الاحتلال واستتباب الأمن والاستقرار .

وإن الفرج سنة ماضية وقضية مسلمة كالصبح بعد الليل لاشك فيه ولاريب وإن في المكاره مع الأغلب أجمل عائدة وأرفع فائدة وقد عرف الإنسان من قديم الزمان أن انكشاف الغمة والشدة حتم لابد منه كما علم أن انجلاء الليل يسفر عن النهار فعليه أن يحسن الظن على ربه في موافات الإحسان عند نهاية الامتحان.

إن شعبنا المؤمن من (الذين إذا اصابهم البغي هم ينتصرون) فالذي ينتصر بعد ظلمه، ويجزي السيئة بالسيئة، ولا يعتدي، ليس عليه من جناح لأنه يزاول حقه المشروع  فما لأحد عليه من سلطان  ولا يجوز أن يقف في طريقه أحد إنما الذين يجب الوقوف في طريقهم هم الذين يظلمون الناس، ويبغون في الأرض فسادا فإن الأرض لا تصلح وفيها ظالم متغطرس لا يقف له الناس ليكفوه ويمنعوه من ظلمه وغطرسته فعلى الناس أن يقفوا لهؤلاء الكفرة المعتدين ويأخذوا عليهم الطريق.

ويمكرون ويمكرالله والله خير الماكرين.

صدق الله العظيم .