الاحتلال من الانتصار إلی الانکسار

  1. الحمدلله رب العالمین، ربّ السموات والأرضین، والصلاة والسلام علی سیّد المرسلین، صلوة دائمة بدوام الله باقیّة ببقاء ذات الله تعالی.
    أما بعد:
    إنّ المتابع لقضية افغانستان يعرف بوضوح وجه الحکومة العمیلة الموالیة لاحتلال والتي تدعي إرساء الأمن، وإعادة الإعمار، ورفع مستوی المعیشة، والقضاء علی زراعة المخدرات، وتنشیط الموارد الاقتصادیة، ومعاناة الشعب الأفغاني، والقضاء علی البطالة و… و…
    لکن المتأمل في الوضع الأفغاني یلاحظ بسهولة حقیقة الوضع السیاسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي في أفغانستان خلال أعوام الاحتلال مما أدّی إلی ظهور انکسار وفشل حکومة أحمد كرزاي العميلة.
    المؤشرات تدل دلالة واضحة إلی التراجع والفشل الذي منیت به قوات الاحتلال في أفغانستان حیث لم تحرز الحکومة الموالیة لاحتلال أي تقدّم کاف في اي مجال من مجالات الحياة ؛ لأنّ الحکومة العميلة لازالت تفقد الشرعیة فضلاً عن فشلها بوظائفها الرئیسیة في تحقیق الانتصار والاستقرار، وتقدیم الخدمات الأساسیة للأفغان بسبب انتشار الفساد وعدم القدرة علی فرض السیطرة الأمنیة.
    والفشل الأمني أظهر من الشمس في رابعة النهار حیث عادت قطاع الطرق وأمراء الحرب ورجال الحکومة الخائنة الموالیة لاحتلال إلی سیرتهم الأولی من النهب والسلب وهتک الأعراض والجرائم الأخلاقیة.
    والجانب الآخر الذي زاد من تأزم الأوضاع الطریقة الهمجیّة التي تعاملت بها قوات الاحتلال الشعب الأفغاني من قصف القری وقتل النساء والأطفال وعدم مراعاة التقالید والأعراف التي تحکم الأفغان، ولم یسلم من التطاول الأمریکي حتی المساجد مادفع قطاعاً عریضاً من الشعب الأفغاني إلی الإلتحاق بجبهة الطالبان.
    وکان الجنرال البریطاني دیفید ریتشارد القائدالسابق لقوات الناتو في أفغانستان قد حذّر من أنّ الدولة تمرّ بلحظة فارقة وأنّ 70% من الأفغان قد یتحوّلون لمساندة طالبان مالم یشعروا بأي تحسین في ظروف حیاتهم».
    والعامل الذي جعل الاحتلال في مهبّ الریح صعوبة القضاء علی المقاومة أو تحقیق انتصار عسکري حقیقي حیث لم یتمکن الاحتلال لفرض سیطرته علی المناطق النّائیة والکهوف والجبال التي تشکل عائقاً کبیراً لایسمح بتحقیق النّصر.
    والعامل الآخر مواطن القوّة التي یمتاز بها الطالبان من التماسک الداخلي والرباط العقدي القوي الذي یجمع عناصر طالبان من الإخلاص الشدید والتضحیة والولاء الكامل لقائد الحرکة الجهادیة أمیرالمؤمنین ملامحمد عمر حفظه الله.
    والعامل الآخر تنویع محاور المواجهة لدی طالبان حیث أدرک المقاومة أنّ التصدّي للمشروع الأمریکي المتعدد الأهداف في أفغانستان لایمکن بمجرد المقاومة العسکریة وحدها بل لابد من التحرک علی محاور مواجهة متعددة یکون العمل العسکري دعامتها. کالمستوی السیاسي، والاجتماعي والدعوي والإعلامي.
    وأخیراً یحق لنا أن نقول بأنّ الاحتلال سیغادر أفغانستان نادماً خاسئاً لکن لدیها سیناریوهات لمستقبل أفغاستان کإشعال فتیل الاقتتال الداخلي لإعادة البلاد للحرب الأهلیة عن طریق دعم الفصائل المتناحرة عسکریاً وإثارة النعرات الطائفیة لیصل الوضع في النهایة إلی حالة من عدم الاستقرار لفترة طویلة لیصعب معها علی طالبان السیطرة علی مجریات الأحداث أو الوصول للسلطة.
    واختراق الصف الطالباني عن طریق اجتذاب بعض ضعاف النفوس من الطالبان ودمجهم في العملیة السیاسیة لخلخلة الصف وإضعاف المقاومة الجهادیة بإفقادها واحداً من العوامل المهمة للثبات والترابط بین العناصر، فالاحتلال لایستطیع أن تحمل نزیف الخسائر التي مالانهایة له.
    فیلزم علینا أن ننتبه من جمیع خطوات الاحتلال کي لا یغرس بذور الشذوذ والنفاق في اوساط د الشعب الأفغاني الأبي.