الافتتاحية: الصمود تضيء شمعتها الخامسة عشرة بانتصار المقاومة

بحلول شهر رجب 1441هـ، تشعل مجلة (الصمود) شمعة جديدة ضمن شموع مسيرتها الإعلامية التي استهلّتها في عام 1427هـ. كانت “الصمود” حينئذ -ولا تزال- تشعل قناديلها عاماً بعد عام رغم قلة الإمكانات ووعورة الظروف؛ لتنير ليل التعتيم الاعلامي الذي ينتهجه الاحتلال الأمريكي للتكتم عن خسائره منذ اليوم الأول لعدوانه على البلاد.

وشأنها شأن كل من حمل على عاتقه مسؤولية إيصال صوت المستضعفين للعالم وتوثيق حقبة مهمة من تاريخ النضال المشرف في أفغانستان؛ حاول الاحتلال على مدار السنين إسكات هذا الصوت وخنقه بكل مافي وسعه من طغيان بأسر وقتل أعضائها وإيقاف وحتى اختراق موقعها الالكتروني على الشبكة العنكبوتية. ولكن كل تلك المحاولات المستميتة لإضعاف أداة من أدوات الحق والحقيقة آلت إلى فشل وخسران بفضل الله، إذ كانت معية الله وتوفيقه قبل كل شيء يُظلان “الصمود” خلال مسيرتها، وكان صدق وإخلاص أعضاء المجلة -نحسبهم كذلك إن شاء الله- وقودها الحقيقي الذي لا ينضب.

ما يميز ذكرى إصدار مجلة الصمود الخامسة عشر هذه؛ هو أنها تتزامن مع توقيع الإمارة الإسلامية لاتفاقية إحلال السلام في أفغانستان والتي تقضي بخروج العدو المحتل من بلاد الأفغان الأبية، وإنهاء احتلال هذه البقعة الإسلامية العزيزة الجائر، والذي استمر قرابة عقدين من الزمان يعيث فيها فساداً وتخريباً وتقتيلاً وتدميراً.

إن نيران الحرب المشتعلة في أفغانستان منذ قرابة العشرين عاماً فُرضت على الشعب الأفغاني فرضاً، فالشعب لم يردها ولم يخترها ولم يشعل يوماً فتيلها، ولكن صلف قوات الاحتلال حينذاك واغترارها بعددها وبما في يدها من الحديد والنار والتقنية والسلطان أغراها وأطمعها في الاعتداء على هذا البلد المثخن بالجراح الذي لم يكد يلتقط أنفاسه ويستجمع قواه حينها بعد اندحار الاحتلال السوفييتي وهزيمته النكراء.

إن انتصار الشعب الأفغاني وإرغامه للمحتلين المعتدين على الخروج من أرضه، دون التنازل عن سنتيمتر واحد لهم ودون التنازل عن مبدأ من مبادئه، رغم التباين الشاسع جداً في إمكانات وقوى كلا الفريقين -فريق الحق وفريق الباطل- ورغم اللأواء والمحن والآلام التي عاناها وقاساها هذا الشعب الكريم الأبي؛ لهو آية من آيات الله سبحانه وتعالى، وانتصار مبين بكل المقاييس يثلج صدور المؤمنين، مهما حاول المرجفون والمثبطون والتنابلة البليدين وجحافل الطابور الخامس تقزيمه وتوهينه والتقليل من شانه.

 

لاشك أن غد أفغانستان المشرق آتٍ بإذن الله تعالى، أفغانستان الآمنة المطمئنة الرغيدة، وذلك لن يتحقق إلا بسواعد أبناءها المخلصين الأمناء، الماهرين في المهن والعلوم بجميع أنواعها، كلٌ حسب فنه وتخصصه.

وإننا اليوم إذ تمر بنا الذكرى الخامسة عشرة لميلاد مجلة الصمود بالتزامن مع توقيع اتفاقية إنهاء الاحتلال؛ نشدّ على أيدي أبناء الشعب الأفغاني ونوصيهم بالتيقظ والتنبّه والحفاظ على مكتسبات جهادهم ونضالهم والاستعداد لمرحلة تحرر أفغانستان بالعلم والعمل والجد والعطاء.