الافتتاحية: من مؤامرات الاحتلال الأمريكي

 

دأب الاحتلال المعروف لإثارة الضغائن والاحقاد بين أبناء الشعب، هو إيجاد التفرقة بينهم على أساس العرقية البغيضة والطائفية المقيتة والعصبية المنتنة والحزبية الضيقة.

وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول:{قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} النمل34.

نعم، سياسة “فرق تسد” سياسة قديمة استخدمها المحتلون قديما وحديثا للفتك بالمجتمعات وتشتيت شمل الشعوب، فالاحتلال يؤمن بسياسة الجشع ويطمع أن تكون المنطقة كلها تحت رايته الحمراء المخضبة بالدماء، ولا يضيع أية فرصة متاحة للنيل من الشعب المستباح، وهو دائما يشهر سلاحه لبسط سلطانه ونفوذ سيطرته عليهم.

وعلى غرار يهود المدينة ومنافقيها؛ يتربص المحتلون الأمريكيون وعملاءهم بالشعب الأفغاني الدوائر ويسعون حثيثا لإشعال جذوة حروب جديدة وصراعات دموية في أفغانستان، ليجروا على الشعب الأفغاني مزيدا من المصائب والمعاناة والويلات.

جهود الاحتلال الأمريكي مركزة في الآونة الأخيرة على إذكاء نيران الحروب الطائفية والعرقية، مما يفتح المجال للمخابرات والجهات المغرضة ليلعبوا دروهم في تسعير الحروب وسفك الدماء المعصومة، وذلك من خلال ما يأتي:

– تهيئة الظروف لحرب إعلامية بين أبناء الشعب من خلال تدشين قنوات خاصة تنحاز لجهة أو حزب أو عرق أو طائفة معينة تثير النعرات العرقية والعصبية والحزبية، تحريشا بين القلوب وتسعيرا للفتن وتأجيجا للصراعات.

– تصريحات قادة بعض الأحزاب المشتملة على اللمز والهمز والإهانة والسخرية بعرقيات أخرى والتي تصب الزيت على النار.

– تفجيرات عشوائية مشبوهة تستهدف عرقية أو طائفة معينة، تنفخ في أتون هذه الحرب المشؤومة، حيث وصفها البعض بمفتاح شر للحروب العرقية أو الطائفية الفوضوية تأكل اليابس والأخضر لا قدر الله.

– استيراد المحتلين لتنظيم داعش وتخويف شعوب المنطقة بغوله. إضافة إلى ما يجري في الإعلام الغربي من التطبيل لداعش وتضخيم أمره.

وهذا مما جعل السياسيين الأفغان يوجهون أصابع الاتهام نحو الاحتلال الأمريكي برعاية داعش ووقوفهم وراء مشروعها في أفغانستان.

إن المحتلين يريدون بهذه المؤامرات إحداث الخلافات بين أطياف الشعب وتمزيقه ودفع البلاد إلى أزمة أخرى ليجعلوا الحرب أكثر تعقيدا وأطول أمدا، ولينفسوا الكربة عن أنفسهم، وليجدوا ملاذا آمنا لهم في هذه البلاد، وليسلبوا عن الشعب الأفغاني إرادته ليفقد وعيه، و يخضع للمحتلين ويقبل بالحلول المستوردة والجاهزة مسبقا من قبلهم على أساس نظرية الصدمة.

كما أنهم يظنون أنهم سيتمكنون من صياغة أهداف خيالية للمجاهدين لينشغلوا بها عن الهدف الحقيقي، وينزلقوا في أوحال حرب أهلية مستمرة.

إن المحتلين هم مسعروا الحروب وموقدوا الفتن وجالبوا شر ووبال على أهالي المنطقة حكومات وشعوبا.

فواجب دول المنطقة وشعوبها أن يسعوا بكل ما يملكون لإفشال مؤامرات الاحتلال الخبيثة في المنطقة، ولا يأذنوا لها لتحرق المنطقة في أتون حرب تبقى آثارها التدميرية والكارثية على المنطقة إلى قرون.

وعلى شعوب المنطقة أن يدعموا المجاهدين في التخلص من سرطان الاحتلال، وأن يتحدوا لاستئصال هذه النبتة الخبيثة من المنطقة واجتثاث جذورها.

يا شعوب المنطقة إن الاحتلال يريد أن يسيطر على كل المنطقة ويبسط نفوذه عليها فلا تتهاونوا بأمره، و أدركوا خطورته و شمروا عن سواعدكم لاجتثاث ذلك السرطان الخبيث الذي لا يزال يهدد أمن المنطقة بل العالم كله، فإن السرطان إذا لم يجتث من الجذور فإن خلاياه تتكاثر، فعليكم أن تقضوا عليه قبل أن ينهش ويدمر ويهلك جسدكم.

فأنقذوا العالم من شرهم وأريحوا الشعوب من أعمالهم الإجرامية.

وإن الإمارة الإسلامية متيقظة لهذه المؤامرات وتسعى أن تجنب الشعب خوضها، ولا ترى أن من مصلحة الأفغان الانشغال بها، كما لا تريد أن تشتت قوتها في جبهات مختلفة، بل تريد أن تركز على أصل الشر ورأس الأفعى الاحتلال الأمريكي.

وعلى المحتلين أن يدركوا أن الشعب الأفغاني ليس فريسة سهلة لأهدافهم الاستعمارية وأفكارهم الشيطانية، فأفغانستان أبية وعصية على أن تنطلي عليها مثل تلك المؤامرات الخبيثة إن شاء الله.