اليوم العالمي للطفل !

كتبه الاستاذ وصيل خليل

 

في الساعة الثامنة صباحا من 20 نوفمبر دخل المعلم “محمد عالم” إلى الفصل في ولاية هلمند وتحديدا في مديرية ميوند، وحيّى الأطفال ولاطفهم في القول وخاطبهم قائلا: أيها الأطفال، أنتم قرة أعيننا وفلذات أكبادنا وثمار أفئدتنا وأزهار لحقول حياتنا.

أيها الأولاد، أنتم زينة وروعة هذه الحياة، ولا قيمة للحياة بدونكم لأنكم رمز البراءة والعطاء والحياة.

هل تعرفون يومكم هذا؟

أجابه الطلاب وقالوا: نعم، اليوم يوم الإثنين الموافق لـ 20 من شهر نوفمبر.

الأستاذ: أحسنتم يا أولادي، وهل تعلمون أن اليوم يومكم؟ اتفق العالم على واجبات وحقوق ووعود تجاهكم. هذا يوم هام جدا بالنسبة لكم.

تم إعلان يوم الأمم المتحدة العالمي للطفل في عام 1954، ويُحتفل به في 20 نوفمبر من كل عام لتعزيز الترابط الدولي، والتوعية بين الأطفال في جميع أنحاء العالم، وتحسين رفاه الأطفال.

وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة وأعلنت الإتفاقية التي تنص على حقوق الطفل في أن يعيش حياة هادئة وبحرية تامة لا قيود فيها، ولا خوف يشغله عن قضاء حياته كإنسان أولا وكطفل ثانيا.

و لكل طفل حول العالم – دون استثناء أو تمييز – الحق في التمتع بالحقوق التي نصّت عليها الإتفاقيّة، وهي كما يلي:

من حقكم أن تُوفر لكم خدمات صحية.

ومن حقكم أن تعيشوا في مسكن ملائم، وفي مستوى معيشي ملائم.

ومن حقكم التعليم، بحيث يكون التعليم إلزاميّاً مجانيّاً على الأقل في المرحلة الابتدائيّة.

ومن حقكم أن تتغذوا الغذاء السليم.

وأيضا من حقكم الأمر المهم والمحبب لكم، اللعب.

وفي أغلب دول العالم يتم الاحتفال بيوم الطفل العالمي، ويتيح يوم الطفل العالمي لكل واحد منا نقطة دخول ملهمة للدفاع عن حقوق الطفل وتعزيزها والاحتفال بها، وترجمتها إلى حوارات وإجراءات ستبني عالما أفضل للأطفال.

فعليكم أن تلعبوا دورا هاما في جعل يوم الطفل العالمي ذا صلة بمجتمعاتكم، والمجتمعات والأمم الأخرى.

ولما أكمل المعلم كلامه، سأله الطالب “فضل حق” برباطة جأش ومبديا استغرابه من كلام المعلم: أيها المعلم، وهل هؤلاء الذين آثروا الصمت تجاه الجرائم التي تصبها أمريكا علينا يناضلون عن حقوقنا؟

هل هؤلاء الذي تواطؤوا على قتلنا وقتل آباءنا وأمهاتنا وتدمير منازلنا يدافعون عن حقوقنا؟

أبدا.

إنهم هم قتلة الطفولة.

عندئذ رفع الطالب “زار ولي” رأسه وقال: أيها الأستاذ، إن هؤلاء يخدعوننا بشعارات براقة ونؤكد أن حقوقنا لا تضمن بإقامة حفلات الأغاني والموسيقى، ولا بإنتاج أفلام خيالية.

فنحن محرومون من الحياة محرومون من الأسرة، محرومون من الأب العطوف والأم الحنون، محرومون من التعليم، محرومون من الحقوق الأساسية، يموت كل يوم عشرات الأطفال من أجل الحرب التي أوقدت نيرانها أمريكا في بلادنا، أو يفقدون آباءهم وأمهاتهم فيها، أو تدمر منازلهم، حياتنا محفوفة بالمخاطر والمخاوف والآلام.

دعكم من الحديث الفارغ والشعارات الجوفاء عن ضمان حقوقنا، كفانا كفاحكم لتأمين حمايتنا من العقاب البدني والضرب بالعصي والصفع بالأيدي.

لا تستهدفونا بصواريخ طائرات دون طيار، لا تقصفونا بقنابل تصل وزنها إلى أطنان، لا تلقوا على رؤوسنا براميل الموت.

نحن لا نعاني من العقاب البدني، لا نعاني من لطمة يلطمنا بها معلم أو ضربة خفيفة يؤدبنا بها أبونا أو أمنا، بل إننا نعاني من الحروب التي أضرمتم نيرانها في بلادنا.

نحن نعاني من الطائرات الأمريكية التي حصدت أرواح آلاف الأطفال الأفغان الذين تتراوح أعمارهم بين أشهر و14 عامًا.

 

وقاطعه الطالب “نور محمد” البالغ من العمر ثلاثة عشر عاما، وقال: ألم تقل لنا أيها المعلم قبل عامين، إن الأمريكيين قصفوا وقتلوا أطفال المدرسة وهم يلعبون في منطقة “سياه كرد” بولاية “بروان”.

وقبل أعوام سمعنا أنهم استهدفوا الأطفال في عمر الزهور في ولاية كونار وهم يحتطبون في الجبال لعوائلهم ليطبخوا الطعام ويستدفؤوا بنارها.

وقال الطالب: “محمد ولي” بـ صوت باكٍ: أيها المعلم، لا نريد أن نلهو ونلعب وزملاءنا يقتلون وتبتر أيديهم وأرجلهم. لا نريد أن نلعب والقاذفات الأمريكية تحلق فوق رؤوسنا، وتخيفنا بصوتها المرعب. لا نريد أن نلعب وأقراننا محرومون من حنان آباءهم وأمهاتهم، ومن الوصول إلى التعليم الأساسي. لا نريد أن نلهو وأطفال الأفغان مهجرون مشردون ومحتجزون في خيام وأكواخ، يفتك بهم البرد القارص، يتسولون في الطرقات أو يتجولون لتأمين لقمة عيش لهم على القمامات.

ونادى الطالب “شير محمد” بأعلى صوته وقال: رسالتنا للعالم بمناسبة هذا اليوم أننا لا نريد العيش الهنيء والحياة الرغيدة، نحن فقط نريد منهم أن يعطونا حق الحياة ويتركونا لنعيش بأمن وسلام.

ورفع الأستاذ رأسه والدموع تسيل على خديه وقال: صدقتم وأحسنتم يا أولادي، طالما كانت أمريكا تقصفنا بالطائرات، وتمطر علينا القنابل وتدمر منازلنا وترهبنا بوحشيتها وهمجيتها فلن نصدق هذه الدعايات الخداعة والشعارات البراقة.