الافتتاحية: يستأسدون على القتيل وفي الحروب ثعالب!

انتشر قبل أيام مقطع فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي، تم فيه التمثيل بجثث الشهداء، وانتهاك حرمتهم بشكل تقشعر له الجلود والأبدان.

ليس هذا غريبا عن الذين فقدوا فطرتهم، جراء البعد عن الدين، وجراء الخيانة التي يرتكبونها بحق الدين وبحق الشعب، وهذا ديدن العملاء المنهزمين عسكريا ومعنويا منذ البداية، ليست هذه هي الجريمة الوحيدة أو الأولى التي يرتكبها عملاء أمريكا بحق الشهداء، فقد سبق أن مارسوا التمثيل بجثامين الشهداء مرارا، شوّهوها وبتروا أيديها وأرجلها وأشعلوا النار فيها من أجل شفاء غليلهم وإرواء عطشهم ونيل ثأرهم.

ولكن لا يدرون أو ربما يدرون أنه يتم تشويه صورتهم المفتضحة قبل أن يتم تشويه الجثامين. يقوم المنهزمون بهذا الفعل الهمجي اللاعقلاني حتى يؤثروا على معنويات المجاهدين، وبالتالي حتى يشفوا غليلهم واحتراقهم من الداخل، ولكن العالَم يعرف جيدا أنهم لا يستطيعون أن يحاربوا فرساننا وجها لوجه، ومن أجل ذلك بدأوا يحاربون شهداءنا، يحطمون رؤوسهم ويهشمون عظامهم بفؤوس الهمجية والجهالة، يسحبون أجسادهم داخل الأزقة،

يريدون أن ينتصروا عليهم أمواتا، إذ فشلوا في الانتصار عليهم أحياء، يريدون أن يُثبتوا للعالَم بأنهم أبطال المعارك وفرسان الميادين! ولكن هيهات! هذا لن يُثبت بطولتهم، وإنما يُثبت همجيتهم وجهالتهم وجبنهم ونذالتهم، وضعفهم وانهزامهم، يريدون أن يعرف الشعب بطولتهم النادرة! ويشهد العالَم شجاعتهم! يا لها من بطولة وشجاعة! إن الأبطال لا يستخدمون الجثث كوسيلة للردع أبدا عندما يشعرون بالعجز عن أخذ الثأر، إن الأبطال لا ينالون ثأرهم من جثة لا روح فيها ولا حراك.

مهما يكن البغض والحقد، ومهما تكن القسوة والوحشية والنذالة لا يستطيع الإنسان التمثيل والتنكيل بجثامين القتلى إلا من فقدَ فطرته البشرية، وعششت في داخله الوحشية والبريرية. ومن المؤسف أنهم وثّقوا فعلتهم تلك بالفيديو، ومن بعد ذلك بثّوه على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتفرج العالَم على جرائمهم، على توحشهم وبربريتهم وبدائيتهم.

مهما فعلوا، مهما مثّلوا بأجساد شهدائنا لن نجزع ولن نخاف، وهذا لا ينقص من عزمنا وإرادتنا وإيماننا، ولا يقلل من سمو شرفنا، وهذا لا يغير منهجنا، نحن أصحاب البطولات والمكارم، نحن أصحاب النخوة والرجولة، لا نخالف قواعد الحرب وقوانين الأسر، لدينا مبادئ، لدينا قِيَم، لدينا قناعات، لدينا معتقدات، لا ننحرف عنها قيد شعرة، نحن لا نقتل النساء، لا نقتل الأطفال، لا نقتل الشيوخ، وهذه دون شك من خصائل الفرسان، لا نمثل بأجساد قتلاهم وموتاهم،

لا نهتك حرمات الأسرى، ولو هتكوا حرمات أسرانا، بل نأخذ ثأرنا في ساحات القتال وجها لوجه، ولا نأخذ ثأرنا إلا من عدونا، لا ننتقم من المدنيين كما ينتقمون من المدنيين، وهذه سنّتنا، لن نغير سنتنا، إن التمثيل بأجساد القتلى ليس من خصالنا، والتنكيل بأجساد الموتى ليس من صفاتنا، والتقاط الصور مع القتلى ليس من سلوكنا.

أيتها الوحوش البشرية، اعلموا أن الانتقام من الشهداء لا يزيدكم شرفا، بل يزيدكم نذالة، إنه سيبقى وصمة عار على جبينكم إلى الأبد. يا من لا تملكون شرفا، اعلموا أن القتال ضد القتلى ليس بطولة! وإنما هو نذالة، إنه ليس قوة بل هو ضعف، إنه ليس شجاعة، وإنما هو جبن، إنه ليس انتصارا، وإنما هو هزيمة، فإن المنتصر لا يقاتل القتلى، إنها جريمة لن يغفرها التاريخ ولن يغفرها الشعب لكم، عجيب أمركم أيها العملاء، تجبنون في ساحات المعارك وتستأسدون في مواجة القتلى!

لا بأس فأرواح شهدائنا في عليين (نحسبهم كذلك والله حسيبهم) ولكن ليعلم المجرمون بأن انتهاك حرمتهم لن يذهب سدى، إنما يعاقبهم الشعب على هذه الجريمة عما قريب بإذن الله.