الحجاب حكم شرعي أولا..وثقافة أفغانية ثانياً

غلام الله الهلمندي

 

أثيرت ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي مرة أخرى إثر إعلان الإمارة الإسلامية عن أوامر حول تغطية النساء وجوهَهن، هذا الأمر في حقيقته أمر شرعي غير قابل للجدل والنقاش في شرع الإسلام. قام العالَم وقعد (أو لم يقعد بعدُ) احتجاجاً على هذه الأوامر، كأنها أكبر جريمة في تاريخ البشرية على الإطلاق، بينما هو صامت على الاعتداءات والجرائم التي تُرتكب ضد المسلمين المستضعفين في أنحاء العالَم.

إن الإمارة الإسلامية لم تفرض الحجاب على النساء المسلمات الأفغانيات، وإنما فرضته الشريعة الإسلامية قبل أكثر من أربعة عشر قرنا، والإمارة الإسلامية إنما ذكّرت بعض النساء اللاتي يتكاسلن في أمر الحجاب فقط، إنما هي دعوة إلى الالتزام بأحكام الشريعة. وإن الأعداء وعملاؤهم هم مَن يفرضون زيّا على نسائنا مخالفا لتقاليدنا وأحكام شريعتنا، ويريدون كشف مفاتن نساء المؤمنين. إن خلع الحجاب فسق وخروج عن أحكام الشرع أولاً، ثم خروج عن قيم وتقاليد المجتمع الأفغاني المتديّن المحافظ، ثانياً.

ويحق لهم أن يحترقوا من الداخل إلى هذا الحد، كيف لا؟ وهم أنفقوا الملايين خلال العشرين سنة الماضية من أجل خلع الحجاب وفرض برنامج ثقافي تغريبي يصادم أوامر شريعة ربنا، ويصادم هوية بلادنا وهوية شعبنا وتقاليد أقوامنا، استهدفوا -ولا زالوا يستهدفون- ثقافتنا الإسلامية والأفغانية باعتبارها رمزا للتخلف وعائقا في وجه الازدهار، في تحد صارخ لأعراف وقيم المجتمع الأفغاني. والآن، مع عودة الإمارة الإسلامية إلى سدة الحكم من جديد، وتنفيذ أوامر الشريعة في أنحاء الوطن، يرون كل ما أنفقوا من القناطير المقنطرة، وكل ما قدّموا من التضحيات في سبيل الشيطان وفي سبيل امتهان المرأة المسلمة، يرون كل ذلك في مهب الرياح معرَّضا للفشل والفناء أمام أعينهم، ولا يستطيعون فعل شيئ سوى التنديد والغضب وإثارة الجدل. هذا الذي يُحرقهم من الداخل بالضبط.

دعوا خلال هذه الفترة إلى كشف الحجاب باعتبار ذلك مظهرا من مظاهر التحرر، ليت شعري ألا يعلمون أن التحرر (إن يكن له حد) جنون مطلق، والحرية لا شك مطمح كل نفس بشرية وتكمن في أعماق النفس، ولكن إن لم نضع لها حدا معيّنا ستكون فوضى وضرباً من الجنون.

 

لقد أولى الإسلام المرأة عناية بالغة، فرفع قدرها وأحيا أمرها وشأنها، وصان عفتها وجعلها عزيزة الجانب سامية المكانة في المجتمع. إن الإسلام أمر بستر مفاتن المرأة والحفاظ عليها وعدم تعريضها لأذى الأوباش والفاسدين، وسخرها لعلاقات شرعية منظمة تحترم كرامة المرأة وتكفل لها وللأسرة وللمجتمع الاستقرار والسلامة والعفاف والطهر.

 

إن الحجاب زينة المرأة، وشارة غيرة الرجال، إنه حكم الإسلام وثقافة الأفغان السائدة في بلادنا، إنه عقيدتنا التي لا نحيد عنها أبدا، ومسلكنا الذي التزمناه بدقة، ولن نتهاون فيه، ولن نتخلّى عنه، فإن ربنا يرتضيه وشعبنا يحبه ويحافظ عليه، وحسبُنا مرضاةُ ربِّنا ومرضاة شعبنا الملتزم بشرع الإسلام، لا نبالي بما يقول أعداء الإسلام والمنافقون المنبهرون بثقافتهم التي أوحاها إليهم إبليس.

 

يجب على الإمارة الإسلامية شرعا وعرفا أن تؤدي دورها في الحفاظ علی مكانة وعفاف وستر نساء المؤمنين، وهذا دون شك واجب الإمارة الإسلامية تجاه المرأة، إذ أن الدولة كما أنها مسؤولة عن صون أرواح واموال الناس، فهي مسؤولة أيضا عن صون أعراض الناس بما في ذلك صيانة حشمة المرأة وعفافها وطهرها وحيائها. وكما أن الدولة مسؤولة عن الحفاظ على حدود الوطن الجغرافية، فهي كذلك مسؤولة عن الحفاظ على حدود الوطن الثقافية والعقائدية، فالنساء المسلمات مكرمات ومصونات في الإسلام، أعراضهن معصومة كما أن دمائهن معصومة.