الخسائر المدنية لا تحدها التقارير والبيانات

نشرت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان (يوناما) تقريراً ربعياً للأشهر الثلاثة الأولى من العام الميلادي الجاري حيال الخسائر المدنية، حيث ذُكر فيه أرقام الخسائر المدنية في القتال الدائر ومرتكبيها.

وفي الحين الذي تُمطَر النيران على شعبنا من الهواء، وتُزال قرى برمتها في الغارات الجوية، وتُباد أسر بأكملها من قبل الجنود الأمريكيين وعملائهم الداخليين في المداهمات الليلية، ويُقتل الشباب والشيوخ والنساء والأطفال عمداً، وتُنهب بيوتهم، وحتى يُستهان بمقدساتهم.

لكن وظيفة بعثة الأمم المتحدة ( يوناما) حيال هذا الظلم والعدوان والدُهمة الذي يرتكبه الاحتلاليون ينحصر في تسجيل أرقام هذه الجرائم، وجمعها شهرياً، ثم إعداد ونشر تقارير هذه الأرقام بنهاية ثلاثة أشهر أو بنهاية العام، وإن تسجيل أرقام الخسائر المدنية اليومية، ثم جمعها في نهاية الربع أو العام وإعلانها عمل بسيط وعادي، ويمكن لفرد واحد القيام به.

إن منظمة الأمم المتحدة التي تعد واحدة من المنظامات والهيئات الدولية المعتبرة والعريضة، شعارها الأول حماية الحقوق الأساسية للإنسان، ومنع تعرض الأفراد العزل للقتل والإصابات، ومن الواضح بأن حماية حقوق الإنسان ومنع قتل وإصابة الأفراد المدنيين لا يتم فقط بإعلان الأرقام ونشر التقارير والبيانات، بل هي بحاجة إلى اتخاذ خطوات ضرورية واقعية وعملية مخلصة

نحن نعلم بأن جزءاً كبيراً من الميزانية السنوية لمنظمة الأمم المتحدة تُأَمن من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، إن كانت هذه الميزانية لا تمنح لهذه المنظمة جراء صفقة خفية لالتزام الصمت والسكوت على أفعال أمريكا؛ فيجب على منظمة الأمم المتحدة العالمية أن تمنع هذا الظلم والعدوان على الشعب الافغاني باستخدام صلاحياتها الحقوقية والتنفيذية الواسعة.

على مسؤولي يوناما بأن يقوموا بالتحقيق حيال الجرائم الحربية المرتكبة في تلك المناطق التي تشهد الغارات الجوية الأمريكية والمداهمات الليلية بشكل يومياَ.

فهذه المناطق ليست بعيدة، بل ترتكب هذه الجرائم في مسافات قريبة من المكتب المركزي ليوناما (كابل) وتحديداً في مناطق ريفية في لوجر وننجرهار وميدان وردك وبكتيا وغزني، ويُستهدف عامة الناس في هجمات درون، وتُقصف منازلهم وسياراتهم ومساجدهم في الغارات الجوية.

يجب أن تقوم يوناما بالتحقيقات حيال العمليات والمداهمات الليلية بأنها تنفذ من قبل من وعلى أي أساس وتحت أي أصل؟ وماذا تحصل في هذه العمليات؟ وما مدى الظلم المطبق على هذا الشعب؟ ومن هم ضحايا هذا العدوان؟ وما هي نسبة الخسائر المادية والأمراض النفسية الملحقة بالعشب الأفغاني حتى الآن؟

إن إمارة أفغانستان الإسلامية تعتبر المظالم والاعتداءات الجارية من قبل الاحتلاليين وعملائهم جرائم حرب لامثيل لها من نوعها.

وسكوت وسائل الإعلام، والتشكيلات السياسية، والمنظمات الحقوقية وردة أفعلها الناقصة حيال الهمجية و الوحشية والقتل والأعمال التخريبية الجارية هو عمل قبيح آخر لا يسوغه أي قانون.

هناك حاجة ملحة لإتخاذ خطوات عملية لمنع الظلم والأعمال الوحشية من قبل الاحتلاليين في المناطق الريفية لأفغانستان؛ لأن حياة البشر لا يمكن الحفاظ عليها بمجرد نشر بيانات وتقارير ورقية.