الدروس الحسان من انتصار الطالبان

محمد بن عبد الله الحصم

 

الدرس الأول: اليقين بموعود الله والثقة بنصره

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وإمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين محمد بن عبد الله، من جعل الله عزه على عاتقه، ورزقه تحت ظل رمحه، وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين… وبعد،

فالحمد لله الذي صدق وعده، وأعز جنده، وهزم حلف الناتو وحده، نعم… نرى بما جرى من انتصار الطالبان وفقهم الله وسددهم تحقق هذا الوعد الذي كتبه الله، ووعد به عباده المرسلين وأتباعهم فقال جل وعلا: “ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، إنهم لهم المنصورون، وإن جندنا لهم الغالبون”، وقال سبحانه: “كتب الله لأغلبن أنا ورسلي”، وقال: “إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد”.

فالنصر للمؤمنين وعد من الله الذي لا يخلف الميعاد، ولكنه ليس وعدا مطلقا؛ بل وعد مشروط بأسباب إذا أتى بها العباد تحقق هذا الموعود، وإن أخلّوا بها لم يكونوا موعودين بالنصر، وسنتطرق في مقال آخر لأسباب النصر كاملة إن شاء الله.

إن هذه الإمارة وخاصة أميرها الراحل ملا محمد عمر مجاهد أتوا بهذه الأسباب كاملة، ومن أعظمها اليقين بموعود الله، والثقة بنصره، تلك الثقة التي عبر عنها الملا محمد عمر مجاهد بقول: وعدنا الله بالنصر، ووعدنا بوش بالهزيمة، فلننظر أي الوعدين أصدق؟

وقد صدق الله وعده، بعد عشرين عاما من الجهاد، وبعد أن سالت دماء أكثر من مائة وخمسين ألف شهيد، هاهي أمريكا وحلفها بقضهم وقضيضهم جرّت أذيال الهزيمة، وخرجوا صاغرين من أفغانستان، وينصر الله هذه الطائفة (الطالبان) على ما هم فيه من الفقر والعوز، لكنهم استغنوا بالله فأغناهم، واستنصروا بالله فنصرهم ووثقوا بوعده فصدقهم.

وهذا ليس خاصا بأحد فكل من صدق الله وأخذ بأسباب النصر فسينصره الله على عدوه ولو كان بطغيان فرعون أو عتو أمريكا.

ونذكر أحبابنا الطالبان بالاستمرار بهذه الثقة واليقين بالله، فكما نصرهم والعالم بين متآمر ومتخاذل، فكذلك سيرزقهم الله والعالم بين محاصر ومتخاذل، فأيقنوا ثبتكم الله أن الله عنده خزائن السموات والأرض، وأنه الرزاق ذو القوة المتين، وأن (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم)، ولكم أسوة بالحبيب صلى الله عليه وسلم عندما حوصر في الشعب ثلاث سنين، فلم يتنازل عن شيء من دينه، ولا مبادئه، ولم يفاوضهم على دعوته، وكذا عندما قال بعض المنافقين: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، فرد عليهم الحق سبحانه بهذه الحقيقة الراسخة والعقيدة الجازمة بأنه سبحانه بيده خزائن السماوات والأرض فقال جل وعز: (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون)، فالله يختبر صبركم، ويبتليكم بهذا الحصار أتصبرون على لأوائكم ؟ أم تُغيّروا كمن غير؟

واعلموا وفقكم الله أن ولاية الله للعبد ما استجلبت بمثل الثبات على دينه، وتقديم أمره على أمر غيره. فالثبات الثبات والصبر الصبر، وأبشروا وأنتم من جرب هذا بمدد من الله يغبطكم به إخوانكم ويحسدكم عليه أعداؤكم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.