رسالة الشيخ محمد الحسن الددو إلى المستثمرين والجمعيات الخيرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين، وأصلي وأسلم على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذه رسالة موجهة لإخواننا المستثمرين من المسلمين والمسلمات في مشارق الأرض ومغاربها، أوصيكم بالاستثمار في أفغانستان، وبمساعدة الإمارة الإسلامية فيها على النهوض بهذا الشعب المجاهد الإسلامي المسلم الذي يستحق على الأمة الإسلامية مساعدته والوقوف معه، والاستثمار في هذه الأرض فيه ربحان؛ ربح دنيوي، فهي أرض صالحة للاستثمار وفيها كثير من الخيرات الهائلة من المعادن وغيرها، وربح أخروي بمساعدة هذا الشعب المسلم المحتاج إلى المساعدة.

ثم بعد ذلك، رسالة ثانية إلى اخوتنا العاملين في العمل الخيري، بمختلف جمعياته في مشارق الأرض ومغاربها؛ أن الشعب الأفغاني المسلم أُصيب بكثير من النكبات؛ منها: الحرب التي دامت مدة طويلة، والجفاف الذي ضرب الزروع والمواشي، والزلازل والفيضانات التي ضربت كثيراً من المناطق، وهو محتاج إلى المساعدة والوقوف معه.

في أفغانستان عدد كبير جداً من الأيتام والأسر التي استشهد آباؤها، وبعض الأسر استشهد الأب والأم معاً وبقي الأولاد فقط، وكثير من الطلبة قُتلوا فثكلتهم أمهاتهم، وكثير من المدرسين والمعلمين وأئمة المساجد قُتلوا؛ فلابد أن تتحرك أيدي أهل الخير، وأيدي العاملين في العمل الخيري لمساعدة هذا الشعب ولكفالة هؤلاء الأيتام ولإيجاد فرص عمل لهؤلاء الطلبة، وإيجاد ما يُقام به على الأرامل فهن ذوات عدد في أفغانستان في مختلف مناطقها ولهن وجود كبير، فما أحوج الشعب الأفغاني إلى من يقف معه ابتغاء مرضاة الله في هذا الوقت، وبالأخص أن الإمارة الإسلامية تفتح الباب لكل الجمعيات الخيرية ولا تضايقها؛ بل ترعاها وتحميها وتوصلها إلى الأماكن التي تصل فيها إلى الفقراء والمساكين وإلى اليتامى والأرامل.

وهذا العمل لاشك أنه من الأعمال التي تقرب إلى الله سبحانه وتعالى ويُلتمس بها رضاه؛ فبادروا إخواني وأخواتي إلى الأعمال الخيرية النافعة مادامت الفرصة متاحة، واعلموا أن الدنيا قُلّبٌ لا تستقر على حال وأن المحتاج إليك اليوم هو غني عنك غداً، وأنك إذا كنت غنياً عنه اليوم فقد تحتاج إليه غداً، فكثير من البلدان مرّت بها نكبات وافتقر أهلها واحتاجوا إلى المساعدة ثم أصبحت هي التي يرغب فيها الآخرون وتساعد الآخرين، وهذا شأن الدنيا كلها، فالله تعالى يقول: (وَتِلْكَ ٱلْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ)، والله وحده هو الغني الحميد الذي لا يحتاج إلى أحد من عباده، والعباد جميعاً فقراء إليه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ). الله سبحانه وتعالى هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، بيده الأمر كله، وإليه يُرجع الأمر كله، وقد امتحن الأغنياء بالفقراء، وامتحن الأصحاء بالمرضى، وامتحن المعافين بالمبتلين.

وقد أخرج مالك في الموطأ، وأحمد في الزهد عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه بلغه أن عيسى ابن مريم كان يقول: (لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله فتقسوا قلوبكم؛ فإن القلب القاسي بعيدٌ من الله ولكن لا تعلمون. ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد. وإنما الناس مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية).

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من لا يرحم؛ لا يُرحم). وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما يرحم الله من عباده الرحماء). وفي حديث الرحمة المسلسل بالأولية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الراحمون يرحمهم الرحمن؛ ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).

تقبل الله منكم أجمعين وحفظكم وسددكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.