الشهيد البطل الحاج ملا غلام اخند تقبله الله

 

لقد أبصر النور البطل الصندید الحاج الملا غلام آخند بن الحاج كل محمد حفید دادالله الذي كان مشهوراً فیما بین المجاهدین بـ ” الحاج عمر” عام 1383هـ.ق الموافق 1963م في بیت عریق بالعلم والتدين، في قریة اوبه بمدیریة جهارجینه بولایة أروزجان، وكان من قبیلة النوروزي.

عرف الطریق منذ الصغر:

تعلّم العلوم الابتدائیة في مسجد الحي شأنه شأن الأطفال الأفغان الآخرین، ولم يبلغ سن المراهقة حتی هاجم الدبّ الروسي بلاد الإسلام، فانتقل إلی خنادق القتال إبّان الاحتلال، فكان یساهم في العملیات في مختلف أنحاء البلاد حتی ینال الشهادة، فساهم في القتال في مناطق ترینكوت، وخاص أروزجان، وقندهار، وباشمول، فكان یساهم بكل إخلاص وإیمان في عمل أبدع التكتیكات وأحدثها وأروع التجارب وأحسنها حتی یبید الروس المحتلّین، واستطاع خلال مشواره الجهادي طیلة سنوات الإحتلال أن یهلك عشرات الجنود الروس، وظلّ في الجهاد حتی فرار آخر جندي رّوسي من أفغانستان.

مهمته عند بزوغ فجر الإمارة الإسلامیة:

وعندما اشتعلت أفغانستان بنار الفتنة، وتبلبلت بالجور والعدوان، وتعقدت السبل وانسدت الطرق، وكثر الإرجاف، وكثر خطف الناس، وانتشر بطر المعیشة، وساءت الظنون، وضجّت العامة، والتبس الرأي وانقطع الأمل، ونبح كل كلب من كل زاویة، وعوى كل ثعلب من كل تلة.

وأصبحت أفغانستان كبحر لجي یغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض. في هذا الجوّ القاتم العابس قام موسی القوم العصامي سیدنا أمیر المؤمنین الملا محمد عمر الفذ الذي لم یكن من بیت الملك، ولكن كانت له همم الملوك یدعو الی الجهاد وإقام الصلاة وإیتاء الزكاة، وبسط العدالة وقلع جذور العصبیات القومیة والقبلیة، والتركیز علی الحجاب الشرعي للمرأة وإلزامها به في جمیع المجالات، والقضاء الجرائم الأخلاقیة ومكافحة المخدرات والصور والأفلام المحرمة، والتحاكم في جمیع القضایا السیاسیة والدولیة إلی الكتاب والسنة. ونشر الوئام والسلام وحفظ الأموال وصیانة الأعراض بكل صراحة تمدّها قوة الإیمان والإخلاص والجهاد.

فالتف حوله (… فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15)) سورة الكهف.

سیرة الشهید رحمه الله:

فكان الشهید الباسل أحد هؤلاء الفتیان، يذبّ عن الإسلام ويظهر في ساحات الوغی من ضروب البسالة، وصنوف الإقدام ما زاد أقرانه إعجاباً به، وإكباراً له، وتقدیراً لمزایاه.

لقد كان فتیً جمع المجد من أطرافه كلها، حتی لم یفُته منه شيئاً، كان ذو جسم قوي، مشرق الوجه، حلو القسمات، رائع المجتلی، وبطلاً هصوراً مقداماً، وهو فوق ذلك كله توّج هامته بتاج التّقی والعلموالتواضع والحلم. یعامل الناس بخلق حسن یحنو لإخوانه ورفاقه حیث كان هیّناً لیّناً، إلا أنه كان شدیداً علی الكفار.

الوظائف والمسئولیات:

عندما سيطرت الإمارة الإسلامیة علی البلاد، فوّضت إلیه مسؤولیات شتی، منها: قائد اللواء ببالاحصار، وأیضاً كان قائداً لغرب هیرات تحت قیادة الملا عبدالرؤوف خادم.

لم یكن بطلنا المغوار بمعزل عن الابتلاء والاختبار شأنه شأن خیرة عباد الله الذین یتحمّلون المصائب والمتاعب في سبیل الله. فنذكر بعض المشكلات التي عاناها شهيدنا على سبيل المثال لا الحصر:

1- قضی البطل الصندید رحمه الله سنة كاملة في السجون ثم نقل إلی جلال آباد، ثم شاء الله بأن یخرج من هنالك بطریقة ما.

2- جرح الشهید المقدام رحمه الله ثلاث مرات في سبیل الله، ونال هذا الوسام المشرف، فقبل بزوغ فجر الإمارة الإسلامیة، أُصیب ذات مرة في یده، ومرة أخری أصیب في عنقه، وأما في المرة الثالثة جُرح عندما احتل المحتلون بلاد الإسلام، وهكذا نال الشرف الذي طالما قرأنا فضله في سبیل الله، ونذكر بعض هذه الأحادیث لتعم الفائدة،

فضل الكلم في سبيل الله:

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة، ومن جرح جرحا في سبيل الله، أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها الزعفران وريحها كالمسك } صحيح رواه الترمذي وغيره.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم والريح ريح المسك } رواه البخاري.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { كل كلم يكلمه المسلم في سبيل الله يكون يوم القيامة كهيئتها إذ طعنت تفجر دما اللون لون الدم والعرف عرف المسك } رواه البخاري.

وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين قطرة من دموع في خشية الله وقطرة دم تهراق في سبيل الله وأما الأثران فأثر في سبيل الله وأثر في فريضة من فرائض الله } حسن رواه الترمذي.

3- استشهد أخوه الأصغر منه سناً في عهد الإمارة الإسلامیة وهو الملا شهزاده رحمه الله في مدیریة اشكمش بولایة تخار، في الاشتباك الذي دار بین المجاهدین ومیلیشیات العهر والفساد.

4- استشهد ابن أخته وهو الملا مرجان آخند في القتال مع الجنود الصلیبیین المحتلین. إنا لله وإنا إلیه راجعون.

مواقف من حیاته:

إن بطولات الشهید الملا غلام الجهادیة كثیرة، ولكن مع الأسف الشدید والبالغ استشهد الأخ الذي كانت لدیه المعلومات من الفقید رحمه الله، حیث ضاعت جمیع تلك المعلومات باستشهاد ذلك الأخ، ولكن مع ذلك ذكر أخ آخر بعض بطولات الشهيد رحمه الله:

حيث أنه استطاع أن یدمّر 6 دبابات للمحتلین، بالإضافة إلی قتل 32 من المحتلین الأمیركیین والصلیبیین الآخرین في مناطق مختلفة كـ ” سرججي في كشي ناوه، وتبه حاجی اخترجان، ودوراهي أوبي یمني، ومانده كدني، دهانه اوبه”.

ونال البطل الشهادة:
عندما احتل الصلیبییون بلاد الإسلام ( 7 ــ 10 ــ 2001 ــ م ) بقیادة الأمیركان، أعلن أمیر المؤمنین الجهاد ضدهم فكان الحاج الملا غلام من سهام أمیر المؤمنین، الذين یضرب بهم أروع الأمثلة في التضحیة والفداء في مناطق كشي ناوه والضواحي. حيث استطاع شهيدنا أن یكبد العدوّ خسائر فادحة بالألغام وحرب العصابات، فدوّخ العدوّ مما حدى بالأخير لبذل قصاری جهوده الجبّارة لاعتقاله بكل الوسائل، إلی أن جاء الموعد بتاریخ 28 رجب عام 1432 هـ ق یوم الإثنین، حیث هاجم العدوّ في الساعة 1 ظهراً علی ریف إبائي شهید، وقد استعان الصلیبیون في هذه العملیة بالمروحیات، فأمر الشهید إخوانه بالقتال وصد عدوان الصليبيين الجائر، فاستشهد في أول الهجوم 2 من رفاقه وهما الملا محمد ولي (مصطفی) والملا عمر كل، وبعدما ضرب الإخوة أروع الأمثلة في البطولة نفدت ماعندهم من الذخائر والرصاص، فقبض الأعداء علیه ورفیقه الآخر الملا رستم (مقدس) فقتلوهما شر قتلة، إنا لله وإنا إلیه راجعون.