المستعمرون المدمّرون

أبو غلام الله

 

وللمستعمرين وإن ألانوا *** قلوب كالحجارة لا ترق

 

يمتص المستعمرون المدمّرون دماء الشعوب المسلمة، وينهبون خيرات بلادهم، ثم يدّعون أنهم ما احتلوا ديار المسلمين إلا لاسترجاع حقوقهم المهضومة، وترسيخ قوائم الديموقراطية المزعومة، وإعمار البلاد، وتعميم الرفاهية والرخاء، ومكافحة الأمّية.

شعاراتهم برّاقة فضفاضة وخدّاعة، ربما ينخدع بها ضعاف القلوب، أو الذين خفيت عنهم مؤامرات الغرب، وأحقاده الدفينة التي يحملونها بين جنبيهم على بني الإسلام.

لو كان هدف الاستعمار تعميم الخيرات في البلاد التي يحتلها، فلم لا نراه يعمل بشعار واحد من هذه الشعارات البراقة، وأفغانستان نموذج حيّ على التخلف والدمار بعد احتلال القوات الغربية المحتلة ترابها.

أجل؛ مضت 17 سنة، ولكن أين الديموقراطية المزعومة التي كانوا يتشدقون بها؟

أين إعمار البلاد؟

أين الرّفاهية والرخاء؟

أين مكافحة الأمية؟

أين الأمن والسلام والعيش الهنيء؟

أين مكافحة المخدرّات مع أن 3 ملايين من الأفغان يعانون الإدمان؟

أظنّ بأننا سنجد أجوبة جميع هذه الأسئلة بقراءة كلمات خالدات قالها الكاتب الإنكليزي الشهير “سدني لو” سنة 1912م، إذ يقول:

“ما أشبه غالب الدّول النصرانية في سلوكها هذا الذي ما برحت سالكته منذ عدّة سنوات إزاء الأمم الشرقية، بعصابة من اللصوص يهبطون على الحلل الآمنة، أهلها ضعفاء عزل، فيثخنون فيهم ثم ينقلبون بالغنائم والأسلاب. ما بال هذه الدول لا تنفك تدوس حقوق الأمم المجاهدة في سبيل النّهضة، وعلام هذا العسف الذي تضرب به الشعوب المستضعفة، وهذا الجشع الكلبي لانتياش ما بين أيديها وما خلفها. إنّ هذه الدول الغربية النّصرانية هي بعملها هذا مؤيّدة للدعوى الباطلة أنّ القوي الشاكي السلاح يحق له الانقضاض على الضعيف الأعزل، وآتية بالبرهان القاطع على أن مكارم الأخلاق والآداب الاجتماعية لا شأن لها البتة حيال القوّة المسلحة. أجل إنّ هذه الدول قد تجردت عن كل حسنة في معاملة الشعوب الشرقية تجرداً لم يسبق له مثيل حتى بين أشد الجيوش الشرقية همجية في الزمن القديم”.