جنايات القوات المسلحة التابعة لإدارة كابل لا تنتهي

نبيل هاشم

 

إن القوات المسلحة في كل بلد مصدر الأمن والسلام والطمأنينة في ذلك البلد، وهي المحور الأساس الذي تدور حوله جميع أمور البلد، بصلاحها يصلح المجتمع وبفسادها يفسد المجتمع. والمتوقع من القوات المسلحة أن ترعى الشعب كالأب الشفيق والأم الحنون وأن ترد جميع الأخطار والتهديدات التي تحدق بالبلد، وأن يضحي منسوبوها بأنفسهم حفاظا على أمن الوطن.

فالجيش والشرطة وقوات الأمن في غاية الأهمية في كل بلد؛ لذلك تخصص جميع الحكومات أكبر الميزانيات لها، وتعتني بها عناية مركزة.

وهنالك عوامل عديدة تقف بالقوات المسلحة عند حدودها ولا تسمح لها بالتعدي على حقوق المواطنين. نخص بالذكر عاملين منها وهما: الإيمان القوي بالمبادئ، والمراقبة الشديدة من جانب الحكومة. وكلما ضعف هذان العاملان، كلما أخذ أمر البلد إلى الخراب والفوضى وتفشي السرقة والتعدي على حقوق المواطنين.

وإن مرد ما نشاهده اليوم في أفغانستان من ظلم وإجحاف وتعدٍ صارخ على حقوق المواطنين من قبل القوات المسلحة، إلى ضعف هذين الأساسين في البلد.

الإيمان هو الحاجز القوي أمام الإنسان الذي يردعه عن اتباع الشيطان وتضييع حقوق الله وحقوق الإنسان. إن هذا الإيمان كثيرا ما يقع عرضة للضعف والانفلات؛ لذلك يجب على صاحبه تقويته وتنميته.

إن المحتلين في أفغانستان قد أنفقوا مليارات الدولارات لتجفيف شجرة الإيمان في نفوس شبابنا عامة وقواتنا المسلحة خاصة. واليوم يجني المحتلون أثمار غرسهم بتكوين قوات مسلحة ظاهرها إنسان ولكن تحمل بين جنبيها قلوب الذئاب؛ فهي لا ترحم صغيرًا ولا توقر كبيرًا؛ في غفلة عن الأعداء ويقظة علينا. وقد سلك المحتلون شتى الطرق للتأثير على عقول شبابنا؛ فأرسلوا الوفود من العساكر إلى البلاد الغربية لتعليمهم الفنون العسكرية، مع توفير جميع أسباب إضلالهم وإفسادهم من تعاطي المخدرات وارتكاب الفحشاء والمنكرات.

يقول الأستاذ اللواء الركن محمود شيت خطاب: “التحقت بإحدى المعاهد العسكرية الغربية للاستزادة من أحدث التجارب العسكرية. فلما ذهبت للتسجيل هنالك، سألني المسجل عن هدف التحاقي، فأجبته بأنني جئتُ للاستزادة من المعلومات العسكرية الحديثة. رد علي بهذه الجملة: كذبت، إنك مثل جميع زملائك جئت لتعاطي المخدرات والمعاشقة مع الجميلات.”

مع الأسف هذا واقع كثير من شبابنا الذين يرسلون إلى الغرب، ولذلك نرى كثيرًا من البلدان الإسلامية تقف جيوشها في صفوف المحتلين والعلمانيين، وربما مهدوا الطريق للاحتلال.

أما ضعف إدارة كابل فلا تسأل عنه، فبحسب الخبراء لا تملك إدارة كابل من أمر الجيش والشرطة وقوات الأمن الوطني إلا تأدية الرواتب وإطعامهم. والوقائع المؤلمة من التعدي على أموال الشعب وأعراضهم وتعاطي الرشى بين القوات المسلحة التابعة لإدارة كابل بعض من نتائج إنفلات الأمور من يد إدارة كابل.

إن الفساد قد تغلغل في أحشاء نفوس القوات المسلحة، وهنالك عشرات الملفات من تعدي القوات المسلحة على حقوق المواطنين. منها ماحدث قبل سنتين وتحديدًا عام 2018 الميلادي، حيث قامت شرطة الحدود الوطنية الأفغانية في مقاطعة باكتيكا بإساءة معاملة صبي يبلغ من العمر 13 عامًا، ثم أطلقت عليه النار وتوفي من جراء إصابته.

ووفقا لبعثة الأمم المتحدة، فقد أصيب أكثر من 12 مدنيا بالرصاص عند نقاط التفتيش. وفي حادثة من هذا القبيل أطلقت الشرطة المحلية الأفغانية عند نقطة تفتيش في مقاطعة جوزجان، النار على رجل وأمه. وفي نفس العام أطلقت الشرطة الوطنية النار على رجل يبلغ من العمر 65 عاما وهو عائد من رعي أبقاره، وتوفي لاحقا في المستشفى. وبعد مدة قليلة قتل جندي من الجيش الوطني صبيا يبلغ من العمر 13 عامًا، كان يجمع العشب بالقرب من إحدى نقاط التفتيش في مقاطعة بادغيس. وخلال الأشهر الستة الأولى من العام قتل 95 مدنيا، نصفهم من الأطفال في غارات جوية. وشوهد أحد الرجال الذين يرتدون زي الشرطة وهو يعض ذراع رجل، في حين شوهد آخرون وهم يركلونه ويلكمونه. والأخبار المؤلمة من هذا القبيل كثيرة.

لن ينسى شعبنا غارة القوات التابعة للجيش الوطني على حفلة قندوز التي كانت تضم جمعًا من حفاظ القرآن الكريم وجمعا كثيرًا من العلماء والمدنيين. فاستشهد في تلك الغارة الجارحة للقلوب أكثر الحضور. أما الهجمات على حفلات العرس وتبديلها إلى عزاء فلا تعد ولا تحصى.

وفي الأيام الأخيرة، بلغ السيل الزبى واشتد ظلم القوات المسلحة للشعب بعد جائحة فيروس كرونا وفرض الحجر الصحي على المدن والأسواق. ففرضت إدارة كابل الحجر الصحي على الشعب دون أي برمجة وتخطيط مسبق لتأمين قوت الفقراء والمساكين، وكلفت آلاف العناصر من الشرطة بتطبيق الحظر. ومن الطبيعي أن تخرق الطبقة الفقيرة الحجر الصحي لما تعانيه من العوز وشدة الفقر وتخرج إلى الأسواق. فكان الرد من الشرطة مؤسفاً ومؤلمةً جدًا، حيث مصادرة الأموال والضرب والشتم.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطعا يصور إساءة معاملة الشرطة الوطنية للشعب المسكين. ففي ذلك الفيديو يهجم رجال الشرطة على رجل مسكين يبيع البترول على حافة الطريق فيشتمونه ويهينونه، ثم يصبون بتروله في الشارع. وقد التقط أحد المواطنين هذا الموقف ثم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي. وهذا المقطع غيض من فيض، فهنالك كثير من المظالم والتحرشات خافية عن أعين الشعب والعالم.

إن تصرفات القوات المسلحة الحالية تذكرنا بمعاملة عملاء السوفييت لشعبنا إبان الاحتلال السوفييتي لبلدنا. الشعب قد تعب من جميع القوات التابعة لإدارة كابل وينتظرون بفارغ الصبر مجيء أسود الإمارة الإسلامية. نرجو الله أن يعجل بذلك اليوم.