جهاد شعب مسلم: قصتين من قصص مقاومة الشعب الأفغاني

الأستاذ خليل وصيل

 

الجهاد في أفغانستان هو جهاد شعب مسلم ضد الاحتلال الصليبي دفاعا عن العقيدة والأرض والعرض، يقدم فيه الغالي والنفيس، ويشترك فيه الشعب الأفغاني بجميع أطيافه وطبقاته ومكوناته، يسابق الصغار الكبار، والأغنياء الفقراء، وتنافس النساء الرجال والكهول الأطفال.

وفي هذه الحلقة نقدم لكم قصتين كنموذج من تضحيات الأطفال والنساء في جهاد شعب مسلم والذي يخوضه الشعب الأفغاني ضد الاحتلال الأمريكي.

 

خنساوات أفغانستان:

لقد سطرت نساء الأفغان أروع الأمثلة في التضحية والفداء ولكنها لم تحظ – للأسف الشديد- بتغطية إعلامية، فقد ساعدن آباءهن وإخوانهن وأزواجهن وأبناءهن في ميادين القتال، وأنجبن الأبطال وأرضعنهم لبن الإباء والكمال، وربينهم على حب الإسلام والتضحية في سبيل ذي الجلال، ولم يتخلفن عنهم في ميادين الكفاح والنضال، ولا غرو فهن شقائق الرجال.

ومنهن الخنساوات اللاتي قدمن أربعة أو ثلاثة من فلذات أكبادهن قرابين في سبيل الله، أو الصابرات المحتسبات التي يستقبلن نبأ استشهاد أفلاذ أكبادهن بصبر واحتساب.

إن الخنساوات في أفغانستان كثر، وإليكم قصة واحدة منهن:

(إقبال) جندي من جنود الإمارة الإسلامية من ولاية باكتيكا، وقبل مدة قتل شقيقه الثالث في غارة أمريكية، وصرح في مقال أنه الثالث من أشقائه والثامن من أسرته الذين قتلوا في الجهاد ضد الصليبيين المحتلين، وكتب عن تلقي أمه نبأ استشهاد ابنها الثالث وردة فعلها: (فتحت باب المنزل وكانت أمي جالسة في صحن الدار، فنهضت قائمة واستقبلتني، وقالت: أي بني، نسأل الله السلامة، ما ذا جاء بك؟ فإن العيد بعيد، لماذا جئت فجأة؟

قلت لها: اشتقت إلى لقياك فعجلت إلى المنزل وأتيت هذه المرة بدون أن أخبركم.

ضمتني إلى صدرها وقالت: يا بني، ما كان من عادتك أن تأتي فجأة، وأظن أن هناك حدث ما، فأخبرني بسرعة.

قلت لها: أماه، ما رأيك؟ لماذا أتيت إلى المنزل؟

قالت لي: لا أدري يا بني، ولكن قل لي بسرعة، فلا أطيق الانتظار.

التفتُ يمنة ويسرة، لكي لا تسمع صوتي زوجة أخي، لأنها لا زالت عروساً ولم يمر على زواجها سوى عام واحد، اقتربت منها وهمست في أذنها وقلت لها: أماه، فوضي أمرك إلى الله واصبري فإن الصبر عند الصدمة الأولى، واطلبي الأجر من الله سبحانه وتعالى، وإن الأخوات كلهن سيقتدين بك، فإن جزعت يجزعن وإن صبرت يصبرن.

أقدم إليك التهاني فقد نال ابنك درجة الشهادة العليا، وقد وصل جثمانه الطاهر إلى قرية “شيرو” وستزورينه بعد نصف ساعة.

نعم أخبرت خنساء أفغانستان باستشهاد ابنها الثالث فشكرت الله وجددت الوضوء، وأمرت زوجة ابنها بأن تعطيني ملابس نظيفة، لأن ملابسي قد اغبرت وتوسخت، ثم قامت تصلي صلاة الشكر).

 

وأما الأطفال فعلى الرغم من أن الإمارة الإسلامية لا تجندهم ولا تسمح لهم بممارسة أعمال قتالية إلا أنهم يحاولون بين حين لآخر تنفيذ عمليات جهادية ويقومون بعمليات فردية ضد العدو المحتل والعميل، كما قام الطفل الأفغاني البطل “سيد محمد” قبل أيام بالهجوم على دورية للمشاة الأمريكيين في مدينة جلال آباد، وأدى الهجوم إلى مقتل جندي أمريكي واصابة آخرين بجروح، كما نال البطل درجة الشهادة العليا التي كان يحن إليها، نحسبه كذلك والله حسيبه.

وقبيل الانطلاق إلى العملية كتب البطل هذه الرسالة بيده ثم وقعها بدمائه الطاهرة:

(بسم الله الرحمن الرحيم

أنا سيد محمد، أطلب العفو من أمي ومن جميع أفراد العائلة، وقد كنت العب بجوال “خان” خلسة فسامحني، سامحوني إن كنت قصرت في حقكم ولم أوقرالكبار، ولم أرحم الصغار، أماه سامحيني إن كنت قد قصرت في خدمتك.

أخذت المسدس بغير إذنكم من المنزل للجهاد في سبيل الله، وعسى الله أن يبارك في بيتنا وسامحوني.

و سأنفر يوم الجمعة إلى الجهاد في سبيل الله، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يكرمني بالشهادة في سبيله.

إن أمامنا يوم شديد يوم القيامة، فأرجو من الأم والأب والإخوة والأخوات، والعم وأبناءه والجيران أن يسامحوني).

إن أطفال الأفغان يكرهون المحتلين الأجانب وكفى بذلك دليلا أنهم يرشقون دباباتهم ومدرعاتهم بالحجارة إذا لم يجدوا شيئا من الأسلحة.

إن في هذا لعبرة للعدو المعتدي بأن الأفغان يرفضون الاحتلال ويسعون بكل ما في وسعهم لمقارعته والتحرر من براثنه.