سلاح الإمارة وسلاح الإدارة الفاسدة

سيف الله الهروي

 

قاتلت الإمارة الإسلامية المحتل الأمريكي وصمدت في وجهه رغم تخاذل الخاذلين، وكان قتالهم ضد المحتل الأمريكي جهادا شرعياًّ باتفاق العلماء والفقهاء المخلصين في العالم الإسلامي، ولقد ثبت بالتجربة أن الإدارة الفاسدة في كابول كانت أكثر إجراماً في تعاملها مع معتقلي الإمارة من الأمريكان والنيتو، بحيث أن مقاتلي الإمارة الإسلامية كانوا يفضّلون المحابس والمعتقلات الأمريكية على معتقلات إدارة كابول، والسبب في ذلك أن الإدارة الموجودة في كابول -ولا سيما قبضتها الأمنية- خليط من الشيوعيين والأقليات الحاقدة على الإسلام وأهل العلم بصفة خاصة، وهؤلاء لا يعرفون شيئا عن الرحمة والإنسانية. والآن بعد الرحيل الأمريكي من أفغانستان، يُتوقع من الإمارة أن تضع سلاحهها، وتسلّم كل شيء إلى هذه الإدارة الفاسدة من أجل التوصل إلى السلام والأمن!

فهل تضع الإمارة السلاح؟ وهل يجوز لها وضعُ السلاح شرعا؟ وماذا لو وضعت الإمارة الإسلامية السلاح؟
لا شك أن الإمارة لن تضع سلاحهها أبدا، والسبب في ذلك أن سلاح الإمارة ليس كغيره من الأسلحة، فهو سلاح جهاد وقتال في سبيل الله، والحكم الشرعي في سلاح القتال الثابت من كتاب الله تعالى أنه لا يوضع بعدما أخذ، بل لا ينبغي أن يُغفل عنه لحظة واحدة، ولقد صرح القرآن الكريم: {ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة}، فلا يوجد أي ضمان من جانب الأعداء والخصوم والمجرمين (الكفار وأعوانهم) -ولا سيما الأشداء منهم- وهم لا يزالون موجودين في أفغانستان أن لا يميلوا على مقاتلي الإمارة وقادتها إذا غفلوا عن أسلحتهم أو وضعوها، ميلة واحدة، فيستأصلوا شأفتهم ويذيقوهم سوء العذاب.

فلو أن الإمارة وضعت السلاح أمام الإدارة المفسدة بعدما قاتلت وجاهدت، ستكون حينها أوضاع الوسط الديني في أفغانستان مثل أوضاعهم المؤسفة في طاجيكستان التي كان فيها قتالٌ ثم وُضعٌ للسلاح، فهاهو اليوم يُحارَب الدين وشعائره، و يُكره الرجال على تحليق اللحى والفتيات على نزع الحجاب، ويهين الرئيس العلماني الملحد الدين صراحة، ولا قوة لأحد ولا حول، والقادة الذين قاتلوا ثم وضعوا السلاح يعيشون في المنفى.

ولو أن الإمارة وضعت السلاح سيكون حالها مثل ثوار الجزائر الذين وضعوا السلاح بعد قتالهم الذي أدى إلى رحيل فرنسا، فامتلأت السجون والمحابس والمعتقلات بالعلماء والدعاة منذ عقود، وحورب الدين الإسلامي وشعائره قديما ويحارب إلى يومنا هذا. ولو أن الإمارة وضعت السلاح ستكون الأوضاع مثل ثوار سوريا الذين ثاروا ضد المحتل الفرنسي، لكنهم غفلوا بعد طردها  عن أسلحتهم، فاستحوذ الملحدون والأقليات الحاقدة بالحكم في دمشق ثم كان ما كان من جرائم، وكانوا أسوأ وأخبث من فرنسا وجنودها المعتدين في سلوكهم وتعاملهم مع المسلمين والمتدينين. فليس وضع سلاح القتال في سبيل الله، والسلاح الذي طُرد به محتلّ كغيره من الأسلحة.

 

إبان الاحتلال الأمريكي في أفغانستان كان ثمّة سلاحان في أفغانستان، سلاحٌ يقاتل المحتلّ وهو سلاح الإمارة الإسلامية الصالحة، وسلاحٌ يقاتل به المحتلٌ، وهو سلاح الإدارة الفاسدة في كابول، والآن بعد الرحيل الأمريكي، إن كان ولا بد من سلاحٍ يُوضع من هذين، لأجل التوصل إلى سلام وصيانة للدين وشعائره وحقن للدماء، فهو السلاح الذي كان يقاتل به المحتل الشعب الأفغاني ويحتل به البلد، وهذا هو المطلوب عقلا وشرعا، وتجربة، وهذا هو الذي لصالح الشعب الأفغاني، ولصالح الدين وهو أعظم المصالح، وغير ذلك قد يؤدي إلى فتنة وفساد كبير، قال تعالى:{وإلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}.