على ماذا تصالح الإمارة الإسلامية نظام كابول؟

سيف الله الهروي

 

السؤال الذي يتداول بكثرة مؤخراً: لماذا الإمارة الإسلامية التي صالحت الأمريكان لا تصالح الإدارة الموجودة في كابول، أليس الأفغان أولى بالمصالحة؟

إنّ الإمارة الإسلامية كانت تحكم أفغانستان، ولم يكن آنذاك الأمريكان، ولا النظام الموجود الحالي. جاء الأمريكان، وفرضوا النظام الموجود على الشعب بقوة البنادق والطائرات، فالنظام الموجود في كابول فرضه الاحتلال الأمريكي، وهذه حقيقة لا ينكرها أحد، وهو نظام متكون من رموز ضعفاء لا يمثلون أي طبقة من الشعب الأفغاني، وخليط من وجوه معروفة بالعمالة والفساد والخيانة من الشيوعيين والعلمانيين الحاقدين على الإسلام والمسلمين والعلماء والمدارس الدينية مثل أشرف غني وعبدالله عبد الله وأمر الله صالح…

بالنسبة إلى جنود الإمارة الإسلامية؛ فهم لم يعترفوا بالاحتلال أبدًا، ولا يمكن لهم أن يعترفوا بما أنتجه الاحتلال، ومن ضمن انتاجاته هذا النظام الفاسد. وكيف يعترفون بنظام جمهوري فاسد وعندهم الإمارة، والإمارةُ خير من الجمهورية التي جُرّب فسادها، فإنهم بتلك الإمارة حاربوا الأمريكان إلى أن  أجبروهم على الرحيل من أفغانستان، وبتلك الإمارة بسطوا الأمن في أرجاء البلاد سابقًا، وبها يحكمون شطرًا كبيرًا من أراضي البلاد حاليًا، بينما الجمهوريات في العالم الإسلامي لم تأت بشيء للشعوب سوى الفساد والمحسوبية والعمالة.

ثم الرموز الموجودون في هذا النظام أعداء ألدّاء للإمارة الإسلامية سابقاً، فهم لا يزالون يتهمون قادة المجاهدين بالعمالة لباكستان، ويتّهمونهم بالتخلّف والوحشية، كما أن هذه الرموز ارتكبت جرائم بحقّ مجاهدي الإمارة الإسلامية.

على الأقل لو كان رموز النظام سياسيين منفتحين عقلاء، يملكون مثقال ذرة من سعة الأفق والوعي، لكان من المعقول أن يُتوقع من المجاهدين أن يجلسوا على طاولة الحوار بحثًا عن الحلّ السياسي الذي يحقن الدماء، ويحفظ البلد من الدمار.

لكن ما دام النظام المفروض من جانب الاحتلال قائمًا، وما دامت رموزه هي رموز الفساد والمحسوبية والإجرام، فالإمارة الإسلامية إن استعدت لمصالحتها فلا شك أنه لا يعقل إلا أن يصالحوه على الرحيل الآمن من السلطة ولا غير، كما صالحوا الاحتلال الأمريكي على الرحيل من أفغانستان.

وهذا هو الحل السياسي المعقول الذي فيه مصلحة الشعب الأفغاني وفلاحهم وأمنهم واستقرارهم ولا غير.