عامٌ يئس فيه الأعداء من الإمارة

سيف الله الهروي

 

دخلتْ مجلة الصّمود عامها التاسع عشر،  العام الذي يحقّ لنا فيه أن نقول أن الإمارة الإسلامية استقبلته وقد تجاوزت أبرز التحديات التي كانت تواجهها بعد تولي حكم البلاد؛ في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية، بينما كان أعداؤها يتوقعون فشلها في إدارة البلاد في الأشهر الأولى من حكمها. والخدمات التي قدمتها الإمارة الإسلامية خلال هذه الفترة القصيرة من حكمها لا مثيل لها مقارنة بـعشرين عاماً من عمر الجمهورية السابقة. وعلى الرغم من كل الضغوطات والعقوبات الاقتصادية والسياسية، فإن الأمن الشامل الذي عمّ البلاد لا يقل إبهاراً؛ بالنسبة لجيش قليل العدد مثل جيش الإمارة الإسلامية!

قضت الإمارة الإسلامية على عصابات السلطة التي نشأت تحت ظل الاحتلال. وأنشأت حكومة مركزية قوية ليس لأي مسؤول فيها استغلال منصبه والامتناع عن تنفيذ أوامر القادة؛ حيث أن الأمر لم يكن كذلك في الماضي؛ بل كان المسؤولون يرفضون أوامر قادتهم الكبار بكل وقاحة، بل أسوأ من ذلك كان المسؤولون الحكوميون يغتصبون هكتارات من الأراضي الحكومية ويبيعونها تحت مسميات مختلفة. لكن -والحمد لله- قد تغلبت الإمارة الإسلامية على كل هذه المشكلات وأعادت الأراضي المغتصبة. كما قامت بجمع مدمني المخدرات من الشوارع ومن تحت الجسور، وأنقذتهم من مستنقع الفساد والدمار الذي كانوا غارقين فيه، ووضعت حداً لزراعة المخدرات وبيعها. وقد أثبتت الإمارة الإسلامية عملياً خلال العامين المنصرمين أن أقوالها تطابق أفعالها؛ فبحسب الإحصاءات، تقلصت نسبة زراعة وبيع المخدرات في أفغانستان حتى ٥ بالمائة، ويرى البعض أنها اقتربت من الصفر.

يكاد يتفق الشعب الأفغاني على أن  الدوائر الحكومية السابقة كانت مصدراً للفساد المالي والإداري وإيذاء المواطنين بصور شتى وابتزازهم بأساليب متنوعة. لكن الدوائر الحكومية في عهد الإمارة الإسلامية أصبحت اليوم مثالاً يُحتذى بتقديم التسهيلات للمراجعين، ولو ثبت تورط مسؤول ما في الفساد المالي؛ فسيتم فصله من العمل في أسرع وقت ممكن، وإذا لزم الأمر فسيتم تسليمه إلى الجهات القضائية.

إلى جانب  كل ذلك، تولي الإمارة الإسلامية اهتماماً بالغاً بمشاريع عمرانية كبرى؛ كقناة غوشتيبه، ونجاحها في استغلالها ثورة اقتصادية نحو الاكتفاء الذاتي للبلاد. كما أن استكمال بناء المشاريع الصناعية والتجارية والزراعية التي يتضمّنها مخطط هذه القناة سيقرّب أفغانستان من الاكتفاء الذاتي في الزراعة والقطاعات الأخرى، ويفتح فصلاً جديداً أمام المواطن الأفغاني بعد عقود.

وبما أن الطرق السريعة هي الشريان الرئيسي للبلد، وعليها يرتكز التدوير الاقتصادي؛ أولت الإمارة الإسلامية اهتماماً خاصاً بإعادة بناء الطرق السريعة في البلاد، ولا سيما طريق كابول – قندهار الذي يعد الشريان الرئيسي للوسط مع الجنوب والجنوب الغربي، والطريق السريع الحيوي وأنفاق سالنغ المهمة، والذي يعد بوابة لعدة محافظات في الشمال والوسط والجنوب. بينما الحكومة السابقة التي كانت تتوفر لديها أموال طائلة وتتدفق عليها مليارات الدولارات، لم تعر هذه الأمور الاهتمام الواجب خلال العشرين عاما من حكمها.

ولا يفوتنا أن هذه المشاريع والخدمات الكبيرة للشعب وغيرها مما لا يسع ذكره في هذا المقال؛ لم تعجب أبداً العصبة المجرمة في العالم المتربصة بالإمارة الإسلامية وشعب أفغانستان الدوائر، تلك العصبة التي ترى أن من حقها تدمير أي بلد واحتلاله، والتي جلّ همها إما في احتلال بلادنا -إن استطاعت- أو فرض هيمنتها عليها، أو محاصرتها ليركع أهلها أمام مطالبهم ويخضع البلد أمام خططهم الاستعمارية.

ورغم أن الإمارة الإسلامية أعلنت سياستها الخارجية الواضحة والشفافة في التعامل مع العالم، ومدّت يد المصالحة والتعاون مع كافة الأطراف البعيدة والقريبة على أساس المصالح المشتركة؛ إلا أن المجرمين في العالم يختلقون حيناً بعد حين مشكلات وأعذار صبيانية ويضعون عراقيل تجاه الاعتراف الدولي الرسمي بالإمارة وقبول ممثلها في الأمم المتحدة.

ورغم أن الإمارة أعلنت، والتزمت بما أعلنت رسمياً؛ أنها لن تسمح لأحد باستغلال أراضي أفغانستان ضد مصالح البلدان الأخرى. إلا أن العصبة المجرمة في العالم، ضربت كل ذلك بجدار الإهمال والتغافل، وقامت مؤخراً بتعيين ممثل خاص آخر لأفغانستان وكأنها بلاد لا يزال يجري احتلالها أو تجري فيها الحروب! وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حقدهم الدفين ضد الإمارة الإسلامية، وعلى يأسهم من إخفاق الإمارة في الميادين التي كانوا يتطلّعون إلى فشلها فيها، فلم يبق لهم الآن إلا مثل هذه الإيذاءات التي تكشف عن حقيقة إدعاءاتهم  الكاذبة والمزوّرة في مجال السلام وحقوق الإنسان.