عمليات النصرة والصفعات المتتالية

أبو زبيدة

بدأت الصفعات الأفغانية على وجوه مستعمريها مع دخول موسم الربيع المسمى بموسم الحرب في الأوساط العسكرية والسياسية المختصة بالشؤون الأفغانية وخاصة بعد إعلان النصرة من قبل الإمارة الإسلامية على لسان نائب الإمارة الإسلامية الملا برادر.

ولاحظ المتابعون للشأن الأفغاني من يومها أن الساحة الأفغانية والحربية بدأت تأخذ شكلا مغايرا عما قبلها، فالطالبان بإعلانها ذلك بدأت تأخذ استعداداتها لنهاية المعركة وتحقيق النصر الكاسح على أعدائها في أفغانستان.

الأمر الذي استوجب على الجانب الآخر في المعركة من المحتلين الأمريكيين والصليبيين من أخذ تدابير واحتياطات وقائية عاجلة لصد هذه العمليات التي تميزت بالجدية وعلى وجه الخصوص بإسقاط طائراتهم وتفجير دباباتهم بشكل توحي بأن الأمريكان كما فقدوا السيطرة على الأرض أيضا لم يبقوا متحكمين بالجو كما كان الحال في بداية الحال، بل وصل الأمر إلى أن علق أحدهم على خبر سقوط الطائرات والتي تسقط دائما بحسب ادعائهم بسبب أعطال فنية أو أحوال جوية بأن فايروسا جديدا انتشر مؤخرا في أفغانستان وسماه بانفلوزا الطائرات قياسا على انفلوزا الخنازير..إلى غير ذلك من التعليقات الساخرة المشابهة لها التي تتداول هذه الأيام بكثرة في الأوساط الشعبية والسياسية والتي تسخر من القوة التي تسمى نفسها بالقوة العظمى على وجه الأرض..

فعمليات النصرة كانت ولا زالت وقعت على المحتلين بمثابة صفعة مدوية على وجوه الصليبيين وكانت لها وقع وصدى خاص على قلوب وأذهان الساسة والعسكريين الصليبيين مما اضطرهم إلى اتخاذ تدابير وإجراءات وقائية، وبما أن تلك الإجراءات والتدابير في مواجهة عمليات النصرة جاءت على عجل ومتأخرة جدا كان لها أثر عكسي تماما..

فلو نظرنا مثلا للإجراءات والاستراتيجيات التي سلكتها واتخذتها الإدارة الأمريكية السوداء لوجدنا بأن جميعها باءت بالفشل الذريع.. ومن تلك الإجراءات العاجلة تغيير قائد القوات الأمريكية مكرنان الذي حصل على تجربة عظيمة من هذه الحرب وصرح بأنهم ببساطة لا يمكنهم النصر في هذه الحرب مهما حاولوا، وعينوا مكانه القائد استانلي مكريستال الذي لا يعرف من أفغانستان حتى الآن سوى الاسم، وكذلك من تلك الاجراءات ارسال مزيد من القوات الأمريكية والصليبية لتكون هدفا سهلا لقوات الإمارة الإسلامية بسبب كثرة جنودهم ومن الطبيعي أن كثرة الأهداف يؤدي إلى كثرة المستهدفين.

وكذلك من تلك الاجرات العاجلة بدء العمليات الأكبر من نوعها بعد حرب الفيتنام وتسميتها بالخنجر وتضخيم تلك العمليات في الوسائل الإعلامية الأمر الذي استدعى منهم نتائج ايجابية عاجلة على الأرض ولكنهم فشلوا في ذلك أيضا حتى أن الجنجر الذي وجهوه بسبب حماقتهم إلى صدر الشعب الأفغاني غير مساره وارتد عليهم وعلى صدورهم..

ومن تلك الاجراءات اتخاذ الآلة الإعلامية والدعاية وسيلة للحرب ضد الأفغان والتأثير عليهم من هذا الجانب حيث وجهوا جميع أبواقهم باللغات المحلية من الإذاعات والتلفاز ومواقع الانترنت إلى خدمة مصالحهم وتكريس احتلالهم وتزيين أفعالهم المشينة والصاق التهم والجرائم التي ترتكبها مرتزقتهم بالمجاهدين، وإظهار المجاهدين بأنهم رعاع غنم لا يعرفون عن الدين وحب الوطن شيئا ولكنهم فشلوا في ذلك أيضا كما كان الحال منذ ثماني سنوات الماضية.

ولكن في المقابل كانت عمليات النصرة والاجراءات والتكتيكات المتبعة معها كانت صفعات شديدية وقوية متتالية على وجوه الصليبيين .

وقد احرز المجاهدون في هذه العمليات انتصارات باهرة في كافة الميادين العسكرية والإعلامية والأخلاقية و…

أما في المجال العسكري فقد أثبتت الحقائق الميدانية بأن المحتلين الأمريكيين والصليبيين وعملائهم بدأوا يفقدون السيطرة على زمام الأمور في أفغانستان وباعتراف كبار قادتهم وساستهم، وأن الطائرات الحربية المتنوعة والتي كانت مسيطرة على الأرض في السابق بدأت تسقط كالذباب أمام ضربات المجاهدين لأي سبب كان، وأن الدبابات المتطورة والآليات المصفحة بدأت تتطاير في الهواء وتتناثر أشلاء وأجساد الصليبيين معها بوتيرة غير مسبوقة مما أرهقت العدو وأشغلتهم بأنفسهم وحولت جميع الجنود المتبقين والذين أوتوا بهم وزج بهم في المعارك لكي يحصلوا على الدنيا وبعض من لذاتها الفانية إلى مجانين لا يدرون ما يفعلون، بل أصبحوا في حالة من الجنون وعدم الاتزان العقلي والهذيان؛ الأمر الذي سيضطرهم عاجلا أم آجلا إلى الاستسلام أو الهروب من أفغانستان..

وفي المجال الإعلامي خسرت القوات المحتلة المعركة وخرجت الإمارة الإسلامية بامتياز أيضا في تلك المعركة، فرغم أن العدو كان يعترف بتقدم إعلام الإمارة الإسلامية عليهم إلا أن هذه المرة كان ذلك التقدم بصورة أخرى غير المرات السابقة، حيث كان هذه المرة بنكهة النصرة وعملياتها..

حيث أن إعلام الإمارة الإسلامية بدأ يأخذ نهجا واستراتيجية جديدة، والتي تمثلت في أن يترك العدو ليقوم بنفسه باعلان خسائره، ويأتي دور الإعلام الجهادي في تصحيح تلك الأخبار والمعلومات ونشر الأرقام الحقيقية للخسائر وما لحقت بها من الهزائم، حيث أن من عادة الصليبيين في أفغانستان أنهم يخفون هزائهم ويشوهون ويشوشون على الإعلامي العالمي لكي لا تدرك الحقيقة… ودور الإعلام الجهادي هنا يأتي في أنه يحرج العدو في مصداقيته وعدم اتزان أخباره وصحة أقواله، والدليل على ذلك أسر الجندي الأمريكي الذي اعتقل من قبل الطالبان إلا أن الطالبان لم يعلنوا عنه حتى اعترفت القوات الصليبية نفسها بأنها فقدت أحد جنودها وأنها تعمل جاهدة لاستعادته، وبهذا أجبر المجاهدون الصليبيين باعتراف خسائرهم بأنفسهم ويمكن القياس على ذلك خبر إسقاط الطائرات أو تلك التي تضطر إلى الهبوط بسبب أعطال فنية أو سوء الأحوال الجوية..

وفي الجانب الأخلاقي ومعركة القلوب فعمليات النصرة هنا أيضا كانت عمليات نصرة بامتياز وجدارة لإمارة أفغانستان الإسلامية .

خسر الصليبيون تلك المعركة بعد أن تمكن المجاهدون من القبض على الجندي الأمريكي والمعاملة الحسنة التي تلقاها من سجانيه من جنود الإمارة..

والتي جسدت الروح المعنوية العالية والثقافة الإنسانية المشرفة التي اتسم بها المجاهدون والشعب الأفغاني..

حيث أن الفيديو واللقطات التي نشرت للجندي الأسير أظهرت مدى تفوق الطالبان والأفغان على ضبط نفوسهم والتمسك العجيب بالتزاماتهم الدينية والشرعية.

فالجندي الذي قتل ابن هذا وأخ ذاك، وشرد عائلة هذا وهجر ذاك، وقصف بيت هذا وسجن ابن ذاك، لا يزال على قيد الحياة لا وبل يجلس في المضافة التقليدية الأفغانية وينعم بالضيافة الأفغانية ولا يظهر الفرق بين المسجون والسجان في المأكل والملبس..

ورغم أنه سجين من طراز خاص؛ سجين لأعتى وأكبر جيش وقوة طاغوتية على وجه الأرض، ارتكب في الأفغان أشنع الجرائم وأسوأها، ولكنه حين أسر واستضعف بدأ يستقبل بحلم وكرم أفغاني أصيل الذي لا يضر الضعيف ولا يترك الظالم المستكبر الجابر إلى الأبد..

وبالطبع كانت هذه اللقاط التي أظهرت الجندي الأمريكي المسجون وفي تلك الظروف الإعلامية والحربية كانت صفعة قوية وشرسة وكان لها وقع خاص على وجه أوباما وإدارته السوداء في الويلات المتحدة..

فالطالبان التي روجوا لها بأنها حركة عشوائية غوغائية لا تترك الحرث والنسل إن هي سيطرت على الأرض ووصلت إلى الحكم, وأنها مكونة من مجموعة من رعاع الأغنام والإبل لا يعلمون الحضارة وآدابها والمستقبل وآمالها، وجهت صفعة حضارية زلزلت عروش كل تلك الحضارات التي وقفت على جماجم المستضعفين والمقهورين من بني البشر..

ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين..