فانتظروا الاستشهاديين في عقر معسكراتكم

أبو فلاح

 

ألغی الرئیس الأمیرکي، ترامب محادثات السلام بحجة قتل أحد جنوده جراء هجوم شنته الإمارة الإسلامیة خلال الأسبوع الماضي. لا شك أنها حجة واهیة تمامًا، لا یقبلها أي منطق سلیم، ألم یکن یعلم هذا الرجل أننا قتلنا من القوات الأمیرکیة بالذات ما یقرب من ثلاثة آلاف جندي؟ ألم یکن یعلم أننا مصممون علی القتال ضدهم مادام ینبض فینا عرق؟ أهذه هي أول مرة نقتل منهم جندیًا؟ قد قتلنا منهم الآلاف، ولازلنا نقتل منهم بإذن الله.

ألا یقتلون العشرات من أبناء الشعب الأفغاني الأعزل یومیًّا؟ لعلهم بإلغاء المحادثات یریدون مزیدًا من الضربات الطالبانیة القاضیة، لعلهم یریدون أن یستوردوا مزیدًا من جثث جنودهم، ومزیدًا من التوابیت مع العلم الأمیرکي، لعلهم یریدون أن یعود إلیهم جنودهم محمولین علی الأکتاف!

سیندمون علی هذا القرار غیر الناضج، وسیدفعون ثمن إلغاء المحادثات باهظًا بإذن الله، لعلهم لن یجدوا أبدًا مثل هذه الفرصة الذهبیة، یمکن أن تکون هذه هي الفرصة الأخیرة لفرارهم.

نقول لهم: فانتظرونا في عقر مراکزکم العسکریة، وانتظروا الاستشهادیین في عقر قواعدكم ومعسکراتکم، الاستشهادیین الذین یتعطشون لشیئین اثنین لا ثالث لهما، یتعطشون للاستشهاد في سبیل الدفاع عن الإسلام والوطن، ولقطع أعناقکم.

والحق أنهم انهزموا في المفاوضات، انهزموا دبلوماسیًّا وسیاسیًّا، إنهم کانوا یریدون أن یسلبونا أسلحتنا، ویسوقونا إلی طاولة الحوار مع إدارة کابل الفاسدة العمیلة، کانوا یریدون أن یخدعوا قادتنا الذین لم یدرسوا یومًا في کلیات الحقوق والعلوم السیاسیة، نعم وبکل بساطة لم یدرس قادتنا في کلیات الحقوق والعلوم السیاسیة، لم یحصل قادتنا علی شهادات جامعیة علمیة، ولکنهم تعلموا جیّدًا کیف یأخدون حقوقهم، تعلموا خلال هذه المعرکة الطویلة أن الحق یؤخذ عنوة ولا یعطی، تعلموا ذلك في بحبوحة المعامع الحمر، في ساحات القتال، تعلموا ذلك بین الدماء والنیران، بین الإقدام والتراجع، بین النجاح والفشل، بین الجروح والآلام، بین العبرات والزفرات، بین عبرات الشوق وزفرات الحزن، بین الریح والغبار، بین العطش والجوع، بین التعب والسهر، بین بسمات الشهداء وصیحات المقاتلین، نعم، وبکل صراحة، إنهم لم یدرسوا الحقوق علی مساطب الکلیات، ولکنهم تعلموا کیف یحبون دینهم ووطنهم وترابهم، تعلموا کیف یدافعون عن إسلامهم وأرضهم وکرامتهم وشرفهم ومبادئهم.

نقول لهم: انهزمتم سیاسیًا، ولم تستطیعوا أن تغشّوا هؤلاء العباقرة الذین تعلموا الصمود علی الحق، والثبات علی المبادئ، تعلموا أن یأخذوا حقهم عنوة، تعلموا أن یجازفوا بحیاتهم في سبیل نیل الأمجاد والغایات العالیة، ولکنهم لم یتعلموا أبدًا التزلزل والتنازل عن الحق، والتراجع عن القیم، ولم یتعلموا أن یتعبوا في طریقهم إلی الاستقلال.

رغم وقف محادثات السلام فقد استفادت الإمارة الإسلامیة کثیرًا من هذه المحادثات حیث استطاعت أن تثبت للعالم أنها حرکة تستعد للتفاوض في أي وقت، واستطاعت أن تبلّغ رسالتها الزاخرة بالسلام والحب والطهر والصمود إلی دول المنطقة والعالم، واستطاعت أن تبلّغ رسالتها إلی الجیران، والشعوب، وإلی کل حر یرفض الاحتلال والاستبداد. ستعاني أمریکا نفسها من هذا القرار غیر المتوقع أکثر من أي طرف آخر، وستعود بإذن الله إلی تلك الطاولة، أو لن تجد هذه الفرصة.