قصة مداهمة

خيرا الله شينواري

 

في ليل مدلهم وسط منزل طيني كان الأطفال المعصومون والنساء العاجزات والفلاحون المتعبون يغطون في نوم عميق، إذ صعد أعداء الإنسانية المتنكرون بزي البشر مع أذنابهم وجواسيسهم المحليين إلى سطح بيتهم، وحاصر البعض المنزل وأحاطوا عليه من أربع جهات، وفجأة وقع انفجار مرعب وكانت هذه بوابة المنزل الواهنة والتي تم تفجيرها بقنبلة مغناطيسية وتشظت في الجو، وفي طرف العين وصل الجنود المدججون إلى الغرف وارتفعت أصوات (do not move) لا تتحركوا، وصرخ الأطفال والنساء، وهناك من غرفة أخرى وثب الرجال من فرشهم فزِعين، وبدون إنذار مسبق أو تبادل كلام تم إطلاق النار على شيخ وشاب وأُرديا قتيلين، ورفع آخران أيديهما على خوف من الجنود الظلمة لئلا يطلقوا الرصاص عليهما، أمر الجنود الأمريكيون أن اربطوا أيديهما وعصبوا أعينهما.

والفتاة لما رأت أخاها صريعا في صحن الدار جرت نحوه وصرخت وأكبت عليه وقبلته على جبينه، آه.. من هم هؤلاء الظلمة؟ يا أخي إنك ما ظلمت أحدا، ما ولجت إلى منزل أحد، ما قتلت ابن احد ولا أباه، بأي ذنب قتلوك؟

وإلى جانب آخر كان هناك أطفالا يصرخون يا أبتاه ويا جداه، يبكون ويصرخون، جاء جندي وضرب بمؤخرة البندقية الفتاة المكبة على جثمان أخيه ومدها من ضفيرتيها وأشعارها، وصرخت ونادت ارفعوا أخي إلى المستشفى إنه لا زال حيا، وما زال به رمق، لماذا تظلموننا؟ وكان الجنود الآخرون يفتشون الغرف وصحن الدار، إذ رأوا في المستودع كيس نترات الأمونيوم.

الآن وجدنا دليلا تستخدمون هذا في صناعة المتفجرات، بسرعة ألبسوهم الكيس، صرخت النساء هذا سماد مزارعنا نضعها في الحقول، فنحن فلاحون، نزرع أرضا، بالله عليكم لماذا تظلموننا ووقفن في وجوه الجنود.

والمحتلون المعتدون ساقوا الرجال الموثقين نحو الطائرة والنساء يمانعنهم ولكن هؤلاء الوحوش أمسكوا السيدات عن الشعور وجروهن بشدة، وكان في حضن سيدة طفلا عمره 8 أشهر أخذوه منها وقاموا برميه نحو الأطفال الآخرين، واستمروا يجرون النساء إذ اعتصمن بالنباتات فبقيت قُصص شعورهن في أيدي الجنود، ولكن الظالمين لم يرحمهن، وواصلوا جرّهن من الأيدي والأرجل فاقتلعت النباتات من الأرض وخارج البيت سقطت خُمرهن من رؤوسهن في الحقول من مواصلة الجر والضرب، ورُفعن إلى الطائرة مع الرجال.

وفي الغد لم يحك أحد في وسائل الإعلام قصة الكربلاء هذه والمسؤوليون الحكوميون كانوا متفرجين وفرحين بأنهم قتلوا إرهابيين، واعتقلوا امرأتين أجنبيتين، وفي الصباح خرج أهل المنطقة، وصاحوا بأن الجنود انتهكوا أعراضنا والنساء أفغانيات وليست أجنبيات ولا منتميات إلى المقاتلين الأجانب، وفي صفحة التواصل الإجتماعي رفع عدد من الشباب ذوي الضمائر الحية النداء في حقهم، واعتبروا كرامتهم كرامة جميع الشعب الأفغاني، والإهانة إليهم الإهانة إلى جميع الشعب الأفغاني، وأعراضهم كـأعراضهم، وأدوا إلى حد ما مسؤوليتهم الإيمانية والوجدانية، ولكن عصابة من الديوثين كانوا يتهمونهن بالإرهاب ويسعون لتبرير هذه الجريمة الشنعاء.