كفالة الأیتام والأرامل وظیفة من؟!!

children

الحمدلله رب العالمین، والعاقبة للمتقین، والصلاة والسلام علی رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

لاغرو بأنّ الجهاد الأفغاني أمانة في اعناق المسلمین علی وجه البسیطة، وعلیهم أن یواسو هذا الشعب المكلوم الذین یدعون الله صباح مساء بملء أفواههم أن یندمل بجراحهم النازفة التي مابرحت تنزف دماً طیلة ثلاث عقود متوالیة؛ بل وأكثر من ذلك، فهم بأمسّ الحاجة إلی من یواسیهم في ظل هذه الظروف القاسیة.

ومنذ احتلال أمیركا الغاشمة علی بلدتنا الحبیبة، سقط كثیر من الأبطال المیامین شهداء في وسط الطریق، وخلفوا عوائل معسرة من ورائهم، الذين رأوا الجهاد فرض عین ولم یمنعهم عسرهم ولاعوز عائلتهم أن یجودوا بأرواحهم لدفع العدوّ الصائل المحتل لأرضهم.

فیلزم علی المسلمین في مشارق الأرض ومغاربها أن یبادروا بكفالة یتیم أو أرملة یعانون من الجوع والفقر الشدید.

أخي الحبیب: هل ترید أن تكون بجوار الحبیب مصطفی علیه الصلاة والسلام؟

هیا أجبني..!

والله لا أظنّك بأن تردّني بـ “لا”؛ بل أنا متیقن بأنك تحب أن تكون بجوار الحبیب علیه أفضل الصلوات والتسلیمات، فتعال معي كي نتلو حدیث البخاري الذي یتحفنا طریق الوصول إلی هذا الشرف العظیم ألا وهو جوار النبي محمد صلی الله علیه وسلم بهذا النمط:

عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلی الله علیه وسلم:« أنا وكافل الیتیم في الجنّة هكذا» وأشار بالسبابة والوسطی.

أجدك تلذذت بهذا الحدیث الشریف فأصغني سمعك حتی نستمع إلی حدیث یبرد غلیلك ویشفي علیلك:

عن أبي هریرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلی الله علیه وسلم: « الساعي علی الأرملة والمسكین كالمجاهد في سبیل الله» متفق علیه

أخي الحبیب: أجبني أو لم یكن بوسع الشهید أن یبقی بین الأحبة والخلان والأهل والبنین ولكنه لم یثنه ذلك؛ بل ترك الأهل والأولاد، والغالي والنفیس، لكي یمرّغ أنف أعتی عدوّنا في التراب، وكي یصون أنت وزوجك وبنیك وأمك وأبوك آمنین في بیوتهم یعبدون الله .. ثم هل تتحمّل بأن یراق ماء وجهنا بأن یتكفف أبناء الشهداء علی قارعة الشوارع ویسئلوا الناس؟!

یقول مصطفی لطفي المنفلوطي: ( ما أظلم الأقویاء من بني الإنسان، وما أقسی قلوبهم، ینام أحدهم ملءَ جفنیه علی فراشه الوثیر، ولایقلقه في مضجعه أنّه یسمع أنین جاره، وهو یرعد برداً وقرّاً، ویجلس أمام مائدة حافلة بصنوف الطعام، قدیده وشوائه، حلوه وحامضه، ولاینغّص علیه شهوته علمه أنّ بین أقربائه وذوي رحمه من تتواثب أحشاؤه شوقاً إلی فتاة تلك المائدة ویسیل لعابه تلهّفاً علی فضلاتها.

بل أنّ بینهم من لاتخالط الرحمة قلبه ولایقعد الحیاء لسانه، فیظل یسرد علی مسمع الفقیر أحادیث نعمته، وربما استعان به علی عدٍّ ما تشتمل خزائنه من الذهب وصنادیقه من الجوهر وغرفة من الأثاث والرّیش لیكسر قلبه وینغص علیه عیشه ویبغّض علیه حیاته وكأنه یقول له في كل كلمة من كلماته وحركة من حركاته: أنا سعید لأني غني، وأنت شقي لأنك فقیر!).

أخي الحبیب: أحسن إلی الفقراء والبائسین، وأعدك وعداً صادقاً أنّك ستمر في بعض الأحیاء الخاملة فتسمع من یحدّث جاره عنك من حیث لایعلم بمكانك، أنك أكرم مخلوق، وأشرف إنسان، ثم یعقب الثناء علیك بالدعاء لك أن یجزیك الله خیراً بما فعلت .. فیدعو صاحبه بدعائه، ویرجو برجائه .. وهناك تجد من سرور النفسوحبورها بهذا الذكر الجمیل في هذه البیئة الخاملة، مایجده الصالحون والأبرار إذا ذكروا في الملأ الأعلی.

أخي الحبیب: إرحم الأرملة التي مات عنها زوجها، إرحمهاقبل أن ینال البأس منهاویعبث الهمّ بقلبها فتؤثرالموت علی الحیاة.

أخي الحبیب: لو تراحم الناس لما كان بینهم جائعٌ ولامغبون ولامهضوم، ولأقفرت الجفون من المدامع، ولاطمأنت الجنوب في المضاجع، ولمحت الرحمة الشقاء من المجتمع كما یمحو لسان الصبح مداد الظلام.

لذا فإنه – كما یقال – لایحس بالمحتاجین إلا من عانی شظف العیش وقسوته، ولكن المسلم لایحتاج لأن یكون قد عانی الفقر حتی یحس بحاجة الآخرین، ذلك أنّ دینه یأمره بذلك ویذكره أنّ له إخوة وأخوات في الدین علیه أن یتفقد حالهم ویواسیهم مما رزقه الله؛ بل إن الله سبحانه وتعالی جعل هذه المواساة حقاً للمحرومین، فقال سبحانه مادحاً المحسنین:« وفي أموالهم حق للسائل والمحروم».