لله درّ الطالبان

بقلم عبدالله

 

الطالبان ينبوع رجاء يشرب المسلمون منه الإباء، والإقدام، والبطولة، والعزة، والشجاعة. ذلك الإباء الذي استنسخ المسلمون في كثيرٍ من البقاع نسختهم الجهادية منه لطرد محتلٍّ غاصبٍ، أو مستعمر مدمّر يمتص دماءهم وثرواتهم وما يملكون من الطارف والتليد.

دع عنك دجل الإعلام وتزوير الماكرين وأبواق المحتلين الذين يكيلون التُّهم عليهم، ففي يوم يتّهمونهم بالعمالة لإيران، وفي يومٍ آخر يُخوّفون الأقليّة الشيعية في أفغانستان من عودة الإمارة الإسلامية وحكومة الطالبان، كما نشر موقع بي بي سي مقالًا مسمومًا في هذه الأيام، وفي يوم آخر يتّهمونهم بأنهم عملاء باكستان، بل وسمعتُ يومًا في إذاعة من معممٍ خبيث يتّهمهم بأنّهم عملاء لأمريكا!

وقد كذبوا وأيم الله! وهذا طبعهم ما أشدّ كذبهم وفجورهم،  وبهذه الأساطير والأكاذيب تدور عجلة حياتهم وإعلامهم، ومن عاش مع الطالبان عن كثب يرى استقلالهم وحريّتهم، ولا محالة ينفي عنهم العبودية لهذا أو ذاك، وسيراهم أرحم المسلمين بالأمّة، وبعوام المسلمين الأفغان على وجه الخصوص، وأنّ كل ما يبذله مجاهدوا الإمارة الإسلامية من المال والوقت، والأرواح، والدماء، والأشلاء، يحتسبونه عند الله ليرفع الله عن الأمّة الظلم والعبودية.

ومن عاش معهم لا يعلم عنهم إلا بأنهم مؤمنون بلا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، ولا يعلم عنهم إلا أنهم يشهدون صلاة المسلمين ويتنسكون بمناسكهم، ولا يعلم عنهم إلا أنهم أرحم أمة محمد بهم وأنهم لا يحملون في أنفسهم ضغينة على مسلم، وأنهم لا يقاتلون سوى أئمة الكفر من صليبيين وأذنابهم العملاء، فلأي شيء ينالهم هؤلاء السفهاء بكلامهم؟ وعلى ماذا يلومونهم؟ ولماذا يجردون ألسنتهم وأقلامهم للتشهير بهم والنّيل منهم، وتصويرهم بما هم منه برآء، قاتلهم الله أنى يؤفكون وكأنهم يستعيدون قبائح أجدادهم من المنافقين الذين قال الله عنهم: )سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ(.

وأما هؤلاء الذين يزعمون أنهم من أهل العلم ويتكلمون زورًا وبهتانًا ويقولون إنّ المجاهدين ينشرون الفساد والقتل بين المسلمين وأنهم مخربون، وأنهم يقتلون المسلمين فقد كذبوا والله وستكتب شهادتهم ويُسألون.

 

ومن تصفّح القرآن الكريم، وجد بأن الله تعالى قال عنهم وعن أمثالهم من المجاهدين: )الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَر)، وقد أثبتوا عندما حكموا أفغانستان بأنهم أقاموا الصلاة، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، واجتثوا جذور المخدّرات وكل فساد.

ومن قرأ القرآن الكريم أدرك أنّ القرآن وصفهم بأنهم من أتباع الأنبياء الذين قال الله فيهم: )وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ(، فهم مضت عليهم سنوات طوال يقاتلون أئمة الكفر الروس، فما وهنوا وما ضعفوا وما استكانوا حتى فتح الله عليهم، ثم إنهم الآن يقاتلون أئمة الكفر الأمريكان ولم يضعفوا ولم يهنوا، وفي قادم الأيام لا يستكينون بإذن الله .

ومن تلى القرآن الكريم، وبحث في صحيح البخاري ومسلم، والسنن مرات ومرات؛ لما وجد أحدًا من المسلمين في العصر الرّاهن ينطبق عليه ما كان يرد في وصف الصحابة سوى المجاهدين، لا سيما مجاهدي الإمارة الإسلامية، فهم أقرب الأمة هديًا للسلف وأكثرهم قربًا من السنة، نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدًا، وإنما نذكرك بمآثرِ الله عليهم وفضلهِ ونعمته.

وربهم الذي خلقهم هو الذي أمرهم بالجهاد، ونبيهم الذي بعث إليهم هو الذي قال: إنهم لن يزالوا يقاتلون في سبيل الله ولن يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم، وإن ما يلاقونه اليوم في سبيل الله لهو أهون ما سيكون عليهم عندما ينظرون في عاقبة أمرهم ومنتهى جهادهم، فهم إنما خرجوا جهادًا في سبيل الله وابتغاء لمرضاة الله سبحانه وتعالى، وامتثالاً لأوامر الله في القرآن وامتثالاً لأوامر نبيهم صلى الله عليه وسلم، وقد عقد الله لهم بيعة فاشتروا الجنة وباعوا أنفسهم بها، فإذا انقضى عمرهم وقبض الله أرواحهم وفّاهم أجرهم وأعطاهم الجنة وما هذا الجسد الذي يحملونه سوى وديعة وسترد يومًا إلى صاحبها.

فلله درّكم وعلى الله أجركم، واصبروا قليلاً فالنّصر يعانقكم بإذن الله عمّا قريب، ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله.