لماذا يُحاربون الإسلام؟

جان محمد نيمروزي

 

طالما نتساءل ونستغرب: لماذا الحرب على الإسلام وأهله؟

لماذا يُلاحق المجاهدون المخلصون، ويمنعون بالقوة والعنف من القيام بأيّ عملٍ يكون لصالح المسلمين ولإعلاء كلمة الإسلام؟

ليس هذا فحسب؛ بل تلصق بهم أسوأ التُّهم، بأنهم وحشيون وإرهابيون، بينما الملحدون يسرحون ويمرحون مفسدين في البلاد الإسلامية، والرؤساء الذين نصّبتهم دول الغرب يمنحون لهؤلاء تجمّعاتهم وأحزابهم رخصاً قانونية، ليعيثوا في الأرض فساداً باسم القانون وفي حمايته.

هل سألتم أيها المسلمون أنفسكم: لماذا الإسلام مُحاربٌ؟

ولماذا لا يزالون يلاحقون أبناء الوطن الأصليين، والداعين بدعوته، رغم أنّ الأعداء أزالوا حكومتهم الشرعية؟

هل الإسلام محاربٌ لأنّه: ضدّ الوحدة ويأمر بتمزيق بلاد المسلمين إلى نحو ستين دولة؟

هل الإسلام محاربٌ: لأنّه يقبل بالدولة اليهودية في أرض فلسطين، وباستمرار الظلم والاضطهاد في الأرض؟

هل الإسلام محاربٌ: لأنّ نظامه الاقتصادي يفلّس الشعب، ويجوّع النّاس، ويذيق البشر الأمرّين؟

هل الإسلام محاربٌ لأنّه متخلف رجعي؟

لا ثم ألف لا!

أيها المسلمون، ليس شيءٌ من هذا أو ذاك موجوداً في الإسلام، بل الحق أنّ الإسلام محاربٌ، ويُلاحق أهل فكره، لأنّه دين الوحدة، وهو الذي جعل وحدة الأمّة أساساً لوجودها.

الإسلام محاربٌ: لأنّه الفكر الوحيد في العالم الذي لايعترف بدولة اليهود اللقيطة على أرض فلسطين، وفرض على أتباعه القتال ضدّ كل معتدٍ غاصب.

الإسلام محارب: لأنّ نظامه الاقتصادي يحصّن المجتمع، ويُوفّر الرخاء للناس، ويضمن مصالح الجميع، وعندما يتوفر الرخاء للشعوب، يستريح البال، ويتنشّط الفكر، وتزدهر العلوم، فيكثر المفكرون والعلماء والباحثون، وفي ظلّ نظام الإسلام يتحقق ذلك كله، ويتفرغ الناس للبحث في أمورهم العامة الخطيرة، ومعالجة مشاكلهم بحزمٍ وعزمٍ، فلا يتمكّن منهم عدوّ طامع، ولا ينال منهم متربّص نيلاً.

لأجل هذا يُضرب الإسلام ويشتت أهله، وتفرض على المسلمين أنظمة تجوّعهم، وتشغلهم برغيف الخبز، وتأمين حوائج الأسرة، لئلا يبقى عندهم همٌّ سوى بطونهم، فينسون الفكر والتفكير، والحريّة والتحرير، والإصلاح والتغيير، فلذلك هم يحاربون الإسلام.

إنّ عدوّنا حاول، وهو يكرّر المحاولة من دون توقف، ويستعمل كلّ الوسائل، حتى يشبّ فينا جيلٌ جديد نسي دينه ومفاخر أمته، فبيحوّل هذا الجيل، أو تلك الفئة، إلى عدوّ للإسلام من بلاد المسلمين ومن صفوفهم، وقد نجح كيده هذا في بعض المواضع من بلاد المسلمين، فتغرّبت أفكار كثير من المسلمين، واستغربوا على أيدي المستشرقين، فصاروا لسان الغرب المعبّر عنهم في ديارنا، المروّج لزيف حضارتهم في مجتمعنا.

إنّ علينا جميعاً نحن المسلمين أن نتذكر الإسلام بكلّ ما فيه من قيمٍ وأحكام ومبادئ، فإذا لم يتذكر المسلمون دينهم في فترات الضعف، فكيف سيخرجون من ضعفهم في يومٍ من الأيام؟

والإسلام لا يرتبط بجيلٍ من الأجيال، أو فئةٍ من الفئات، أو بقرنٍ من القرون يزول بزواله، بل النّاس يزولون، والقرون تتعاقب، والإسلام يبقى، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

فمع وجود هذه الحروب الضروسة علينا أهل الإسلام هل نكون فريسة سهلة، وأداة طيّة في يد العدوّ؟

هل سنتركه يُمعن في القضاء على وجودنا وفكرنا وحضارتنا؟

هل سنظلّ راضخين للأمر الواقع السيء، المفروض علينا؟

الجميع منا سيهتف بأعلى صوته ممزوجاً بالعاطفة الجيّاشة في وجه العدوّ: لا وألف بل ومليون لا.