مجلة الصمود تحاور مراسل موقع الإمارة حول الفتوحات الأخیرة في ولایة (هلمند)

Screen Shot 2015 08 10 at 11.08.24 AM

Screen Shot 2015 08 10 at 11.08.24 AM

حاوره: حبیب مجاهد

شهدت ولایة هلمند في الآونة الأخیرة فتوحات كبیره وانتصارات عظیمة للمجاهدین. حرّر المجاهدون فيها مدیریتي (نوزاد) و(موسی قلعه) وغنموا فیها كميات كبیرة من الأسلحة والمعدات العسكریة، وبسطوا سیطرتهم علی مناطق كانت تحت سیطرة العدوّ. وقد التقى مراسل موقع الإمارة الإخباري بالمجاهدین في تلك الفتوحات والانتصارات، وحاور القادة المیدانیین المشاركين في تلك المعارك. ولكي نُطلع القارئ العربي علی تفاصیل تلك الفتوحات والمستجدّات الأخیرة في تلك الساحة؛ أجرت مجلة الصمود هذا الحوار مع الأخ زبیر مسافر ندعوكم لقراءته:

الصمود: في البدایة نودّ أن تقدموا نفسكم لقراء مجلة الصمود.

زبیر مسافر: اسمي زبیر مسافر، وأعمل معاوناً لموقع (الإمارة) التابع للّجنة الإعلامیة في الإمارة الإسلامیة.

الصمود: لقد قمتم مؤخّراً برحلة صحفیة إلی ولایة (هلمند)، فما هي المناطق التي زرتموها في تلك الرحلة؟

زبیر مسافر: لقد قمت أنا وصاحبي (أسد بری) بأمر رئیس اللجنة الإعلامیة برحلة صحفیة إلی جمیع المناطق المفتوحة الواسعة في ولایة (هلمند) وهي مناطق: (دیشو) و(مارجة) و(باباجی) و(نوزاد) و(موسی قلعه) و(كجكي) و(زمینداور) و(بغني) و(گرشیك) و(سنگین) و(نهرسراج)، وشاهدنا أوضاع الجهاد والمجاهدین عن كثب، وكانت لنا لقاءات مع المسؤولین ومع عامة سكان تلك المناطق، واطّلعنا علی الواقع من خلال المعایشة والاختلاط بالناس.

الصمود: فتح المجاهدون مؤخّراً في ولایة (هلمند) مناطق واسعة وأحرزوا انتصارات كبیرة في تلك الولایة، فما هي تفاصیل تلك الفتوحات والانتصارات؟

زبیر مسافر: إنّ المدیریات الشمالیة لولایة (هلمند) هي مدیریات واسعة ولها أهمیة كبری من حیث الموقع الجغرافي والوضع الاستراتیجي، وقد حاولت حكومة كابل أن تُثبت تواجدها في شمال (هلمند) نظراً لأهمیته الكبیرة. والمجاهدون أیضاً كانوا يرون أن سیطرتهم علی المدیریات الشمالیة ستسهّل لهم السیطرة علی بقیة مدیریات هذه الولایة. ولذلك عزم المجاهدون علی تطهیر تلك المدیریات من تواجد الحكومة بشكل كامل.

كان المجاهدون قد أحكموا سیطرتهم مسبقاً علی مدیریتي (باغران) و(بغني) ومناطق (زمینداور) الواسعة، فبدؤوا عملیاتهم العسكریة الاقتحامیة الواسعة لفتح مدیریتي (نوزاد) و(موسی قلعه).

في البدایة ركز المجاهدون هجماتهم علی مراكز العدوّ الواقعة حول مركز مدیریة (نوزاد). وبعد معارك وهجمات استمرّت لعدة أیام استولوا علی مراكز العدوّ العسكریة الواقعة في مناطق (ولي محمد خان كاریز) وقاعدة (فضل مهدي) والنقاط العسكریة السبعة علی تلّ (سكیان) ومراكز الشرطة في (سركانو) و(شغزو) وبعض المناطق الأخری، وحاصروا العدوّ في مركز المدیریة.

وبعد استراحة یومین بدأ المجاهدون هجماتهم علی مركز المدیریة واستمرّت لیومین استولوا خلالهما علی مواقع العدوّ في تلّ (خوجمال)، وكذلك استولوا علی المركز الذي كانت تستقرّ فیه الوحدة الأمریكیة سابقاً والمعروف بمركز P.R.T ومركز المدیریة، وتكبّد العدوّ في هذه العملیات خسائر كبیرة حیث خلّف في مركز المدیریة 38 جثة لقتلاه، أرسلتها طالبان لأهالیهم لأسباب إنسانیة عن طریق الهلال الأحمر.

وحسب معلومات المولوي (نوري) مدیر هذه المدیریة من قبل الإمارة الإسلامیة فإنّ المجاهدین غنموا في هذه المعركة 100 قطعة من الأسلحة الثقیلة والخفیفة و50 آلية من المدرعات والشاحنات والسیارات العسكریة، وكميات كبیرة من الذخیرة لمختلف أنواع الإسلحة. یقول المولوي (نوري) إنّ الغنائم التي حصل علیها المجاهدون في مدیریة (نوزاد) تكفیهم في محاربة العدوّ لعدّة شهور.

بعد سقوط مدیریة (نوزاد)، حاول العدّو استعادتها، وقد جاء إلیها قائدا الأمن لولایتي قندهار وهلمند الجنرال (عبدالرازق) والجنرال (نبي جان ملاخیل) مع قوات ودّبابات عسكریة كثیرة، وشنوا عملیات موحّدة ضدّ المجاهدین لاستعادة المدیریة منهم، إلا أنّ القوات الحكومیة حین وجدت المقاومة الشرسة من المجاهدین لاذت بالفرار إلی منطقة (داني وگیني) في شرق مدیریة (نوزاد)، وهكذا أحكم المجاهدون سیطرتهم علی مركز المدیریة وجمیع الساحات المحیطه بها.

وبعد السیطرة علی مدیریة (نوزاد) توجّه المجاهدون لفتح مدیریة (موسی قلعه)، وقبل الهجوم علی مركز المدیریة هاجم المجاهدون مواقع العدوّ ومراكزه في المناطق المحیطة بمركز المدیریة واستولوا علی قاعدة (ده كاریز) التي فرّ منها العدوّ، و(قاعدة حبیب) التي كان فیها 100 جندي وقاعدة (ملا میر تعمیر) وقاعدة (حاجی محمد لعل تعمیر) وبعض المراكزالأخری التي كانت تُعتبر مراكز قوة العدوّ العسكریة في (موسی قلعه)، فسقطت جمیع هذه المراكز بید المجاهدین بعد معارك شرسة خاضها المجاهدون. وبعد أنّ أحكم المجاهدون السیطرة علی مراكز العدوّ المحیطة بمركز المدیریة، أطلقوا عملیة هجومیة واسعة علی مركز المدیریة، وبفضل الله تعالی ونصره تمكنوا من الاستيلاء علی مركز المدیریة وجمیع مرافقه، وتكبّد العدوّ في هذه المعركة خسائر كبیرة حیث قُتِل في المعارك التي استمرت لعشرة أیام قرابة 250 جندیاً من جنوده، وقد اعترف العدوّ بمقتل 200 جندي من جنوده خلال المكالمة اللاسلكیة للمسؤولین في المدیریة والمسؤولین في المركز، والتي التقطها المجاهدون ونشروها عن طریق موقع (الإمارة) الإخباري وعن طریق حسابات في الفیسبوك.

غنم المجاهدون في مدیریة (موسی قلعه) 450 قطعة من مختلف أنواع الأسلحة الثقیلة والعتاد.

إنّ السیطرة علی مدیریة (موسی قلعه) كان من المكتسبات الكبیرة للمجاهدین في ولایة (هلمند)، لأنّ مدیریة (موسی قلعه) تعتبر مركز هلمند الشمالیة، وتتصل مع كلّ من مدیریات (نوزاد) و(باغران) و(بغني) و(كجكي) و(گریشك) و(سنگین).

كانت إدارة كابل في فترة من الفترات ترید أن تقسم ولایة (هلمند) إلی ولایتین وتجعل (موسی قلعه) مركز الشمالیة منهما لأهمیة موقعها. وقبل سنوات حین كانت القوات البريطانية تستقرّ في ولایة (هلمند) حاولت تلك القوات أیضاً أن تُحكم سیطرتها علی مدیریة (موسی قلعه) ولكنها فشلت علی الرغم من جهودها المستمیتة، فهربت منها بعد أن تكبّدت خسائر فادحة أثناء مقاومة مجاهدین القویة المستمرّة ضدّ تلك القوات.

بعد السيطرة على (موسی قلعه) من قبل المجاهدين، حاولت الحكومة إعادة ماء وجهها عن طریق إطلاق هجوم فاشل علی المدیریة بقصد استعادتها، فاستعانت مرّة أخری بالقوات الأمریكیة، ونقلت جنودها في ظلام اللیل عن طریق المروحیات الأمریكیة إلی ناحیة من سوق المدیریة، ولكن بمجرد أن نزلت تلك القوات من المروحیات استهدفهم المجاهدون في هجوم شرس مضادّ ، وأحكموا الحصار حولهم، وحین تیقّن الجنود من فشل هجومهم استغلّوا ظلام اللیل في الفرار إلی منطقة (روشن تاور) في الصحراء والتي كان لا يزال فیها مركز لجنود العدوّ، وهكذا أفشل المجاهدون هجوم العدوّ الخاطف الذي كان أطلقة لاستعادة مركز المدیریة.

إنّ الإعلام الموالي للعدوّ اعتبر ذلك الهجوم الفاشل استعادةً لمركز المدیریة من المجاهدین من خلال التهویل الإعلامي، ولكن حین فشل الهجوم في السیطرة الواقعیة علی مركز المدیریة آثر الإعلام السكوت علی الاعتراف بالحقیقة. والحقیقة الواقعة في مدیریة (موسی قلعه) هي أنّ المدیریة تخضع بشكل كامل لسیطرة المجاهدین، ولا یوجد أيّ تواجد للعدوّ في مركز المدیریة والمناطق المحیطة بها.

وعلاوة علی استیلاء المجاهدین علی مركزيّ مدیریة (نوزاد) و(موسی قلعه) فإنّ المجاهدین أحرزوا الانتصارات الكثیرة في المدیریات الأخری مثل (كجكي) و(سنگین) و(گریشك) أیضاً، وسیطروا علی كثیر من نقاط العدوّ العسكریة والأمنیة، وغنموا غنائم كثیرة بفضل الله تعالی. وقد تجوّلنا في المناطق المفتوحة الواسعة لهذه المدیریات فوجدنا أن خطوط نار المجاهدین الآن هي علی مشارف مراكز هذه المدیریات، وبقیة ساحاتها كلها تخضع لسیطرة المجاهدین. وعمّا قریب إن شاء الله تعالی سیسمع الناس عن فتوحات أخری للمجاهدین أیضاً في هذه المناطق.

الصمود: ما تقییمكم للوضع الجهادي ككل في ولایة هلمند؟

زبیر مسافر: الوضع في (هلمند) یبعث علی الاطمئنان، والمجاهدون یواصلون جهادهم ضدّ العدوّ بروح قتالیة قویة وبمعنویات عالیة. أمّا العدوّ فقد اضمحلّت قوته وخسر مبادرة الهجوم، ویُمضي أیامه بین الحصار والفرار.

معظم مدیریات ولایة هلمند مثل (دیشو) و(باغران) و(بغني) و(نوزاد) و(موسی قلعه) تخضع بشكل كامل لسیطرة المجاهدین. ومدیریات (سنگین) و(گریشك) و(كجكي) و(مارجه) وبعض المدیریات الأخری أیضاً یسیطر المجاهدون علی جمیع ساحاتها ماعدا المراكز الإداریة لها، ویتحرك فیها المجاهدون بكل حرّیة ومن دون أیة مشاكل، وقد أنشا فیها المجاهدون الإدارات العسكریة والمدنیة لتسییر الأمور العسكریة والمدنیة.

نحن تجولنّا بالسیارات في معظم ساحات تلك المدیریات ولم نجد فیها أي تواجد للعدوّ، لأن العدوّ یعیش في حالة من الحصار في داخل المقرات العسكریة في مراكز المدیریات ولا یمكنه أن یتحرك بحرّیة خارج مقراته ومخابئه.

الصمود: ما هي العوامل التي كان لها الأثر في إتمام الفتوحات الأخيرة؟

زبیر مسافر: زرنا كثیراً من المراكز العسكریة للمجاهدین ورأینا الأحزمة الأمنیة وخطوط النار الأولی، ووجدنا المجاهدین في جميع تلك الأماكن على أهبة تامة وكانوا یتمتعون بالروح القالیة العالیة، وقد عزّزت الفتوحات الأخیرة معنویات المجاهدین كثیراً، وكانوا في استعداد تام للانقضاض علی بقیة مراكز العدوّ في هذه الولایة.

والعوامل التي بشّرت بازدیاد قوة المجاهدین وانتصاراتهم والتي كان لها الأثر في الفتوحات الحالیة أیضاً رأیناها فیما یلي:

1 –التنسیق القوي بین المجاهدین: كان المجاهدون یقومون بعملیاتهم العسكریة في جمیع مناطق هلمند بالتنسیق الكامل فیما بینهم، وكانوا یصلون إلی نجدة إخوانهم في وقت الحاجة في أقرب فرصة ممكنه مهما كانت الظروف صعبة، والمواقع العسكریة التي أنشأها المجاهدون مؤخّراً من الأفراد النخبة من جمیع الجبهات كان لها دور كبیر في النجدة السریعة، وقد رأینا إحدی هذه القطعات مع والي ولایة (هلمند) في مدیریة (نوزاد) وكان یبلغ عدد مجاهدیها إلی 300 مجاهد، فقال لنا الوالي المولوي عبدالمنان إنّ هذه القطعة العسكریة تشكلت من مجاهدي مدیریات (موسی قلعه) و(نادعلي) و(مارجه) و(سنگین) و(گریشك) ومجاهدي المناطق الأخری، وقد اشتركوا جمیعاً في معركة فتح مدیریة (نوزاد).

2 –فقدان التنسیق في صفوف العدوّ: إنّ جنود العدوّ یعشیون في حالة من الفوضی وعدم وجود التنسیق، ولا یوجد تعاون فیما بینهم. وحین یستهدف المجاهدون مركزاً أو ثكنة من ثكنات العدوّ فإنّ أفراد بقیة مراكزه لایتحركون لنجدة المستهدفین منهم، وأفراد كل نقطة من نقاط العدوّ العسكریة والأمنیة يكونون في حالة یأس من وصول النجدة إلیهم، وقد حدث كثیراً أن استنجد الجنود المحاصرون بالمركز وبوزارة الدفاع ورفعوا أصواتهم وشكاویهم عن طریق الإعلام بأنّ مراكزهم مهدّدة بالسقوط إن لم تصلهم النجدة من المركز، ولكن أحداً لم یتحرك لمساعدتهم، وقد ترك هذا الوضع تأثیرات سلبیة كبیرة علی معنویات الجنود، وصاروا منهارین نفسیاً.

3 – التضامن القوي بین الشعب والمجاهدین: التضامن الكبیر بین عامة أفراد الشعب والمجاهدین كان هو العامل الآخر من عوامل قوة المجاهدین في هلمند حیث يشكل الشعب الحاضنة الأوسع لهم، ویشترك شباب الشعب في العملیات، ویوفّرون العلاج والمأوی والطعام ووسائل النقل للمجاهدین، ویقدمون كل خدمة ضروریة لهم. ولم یثنهم عن هذه الخدمات والوقوف الصامد إلی جانب المجاهدین ضغوط العدوّ، وقصفه الظالم، ومداهماته لبیوت الناس.

الصمود: حبّذا لو ذكرتم جانباً من أعجب المشاهد التي رأیتموها في زیارتكم لولایة (هلمند).

زبیر مسافر: لیس الرجال لوحدهم یساعدون المجاهدین، بل النساء أیضا یشتركن في بعض الحالات في العمل العسكري، وفي هذا المجال حكی لنا مسؤول اللجنة العسكریة للمجاهدین في ولایة (هلمند) أنّ المجاهدین في إحدی المرّات زرعوا ألغاماً في طریق الرتل الأمریكي، ومدّوا سلك التحكم في التفجیر إلی بیوت قریبة، ولكن بما أنّ جنود العدوّ المشاة كانوا قد انتشروا في القریة، كان یصعب علی المجاهدین ترقّب الرتل الأمریكي في هذه النقطة واستهدافها بالتفجیر، فاحتاروا في أمرهم، وحین رأت إحدی النساء هذا الوضع الحرج نادت علی المجاهدین وطلبت منهم أن یناولوها جهاز التفجیر، وأنّها هي سترقب الدبابات الأمریكیة من بیتها، وهكذا فعل المجاهدون. وحین وصلت الدبابات الأمریكیة إلی الألغام فجّرت المرأة تحتها الألغام وتقطعت الدبابات بمن فیها. وهكذا صدّت تلك المرأة الهجوم الأمریكي علی تلك القریة. إن مثل هذا التعاون بین الشعب والمجاهدین یبّشر بمزید من الفتوحات والانتصارات إن شاء الله تعالی.

إنّ عامة الشعب في (هلمند) لم یكونوا یتخوفون من الموت، بل كانوا یشتاقون إلی الاستشهاد في سبیل الله تعالی، وإنّ الشعب الذي یُربّي أبناءه علی حبّ الجهاد والاستشهاد لا یرضی بالذل أبداً، ولا یمكن لعدوّ أن یعیش علی أرضه لزمن طویل مهما كانت قوته.

وفي إحدی أسفارنا حدثت معنا حادثة غریبة أخری وهي أننا حین كنا في السفر إلی منطقة (حیدرآباد) في مدیریة (گریشك) قال أحد مرافقینا وهو الحاج أحمد سعید تعالوا نصلي العصر في هذه القریة ثم نواصل سفرنا، فتوجّه بالسیارة إلی منزل أحد معارفه، وبعد الصلاة جلسنا لدقائق معدودة مع صاحب المنزل ثمّ استاذنّاه في الرحیل، وحین علم صاحب المنزل الحاج عبدالأحد عزمنا علی الخروج قال لصاحبنا: إنني كنت أظن أنكم أتیتم لتعزیتنا في شهیدنا، فتعّجب صاحبنا من قوله وقال له نحن لا نعلم عن أمر شهیدكم شیئاً، فقال له صاحب المنزل إن ابن أخي الشاب استشهد قبل یومین في مدیریة (نوزاد)، فتأثرنا من الموقف وجلسنا مرّة أخری لتعزیته في ابن أخیه الشهید. والعجیب في الأمر أننا لم نشاهد علی الرجل ما یدّل علی كونه في مأتم، لأنه كان استقبلنا ببسمات وترحاب حارّ، وكان یتحدث معنا كأنّ شیئاً لم یحدث، فقال لنا إنني أشكر الله تعالی علی أن اتخذ منّا شهیداً، ولكن یُحزنني أمر وهو أنني كنت أتوقع أن الله تعالی سیتقبل ابني أنا شهیداً إلا أنّ ابني اخطأته الشهادة ونالها ابن أخي رحمه الله تعالی، فتعجبنا من اعتزاز تلك العائلة باستشهاد ابنهم ورباطة جأشهم في وقت الغمّ والحزن.

وقد حكی لي نائب الوالي المّلا محمد داود مزمّل قصة عجیبة أخری كانت قد حدثت معه، فقال: في إحدی اللیالی داهمت القوات الأمریكیة موقعنا، وكانو قد حاصروا المنطقة، فنجحنا بفضل الله في الخروج من ذلك المكان في ظلام اللیل، وألقیت بنفسي في قناة من قنوات الريّ الجاریة، وفي وسط البساتین وجدت طریقي إلی أحد البیوت، فدخلت ذلك المنزل، وبصوت خافت نادیت علی أهل المنزل: هل من أحد في المنزل؟! فخرج صاحب المنزل وقال من؟! فقلت: مجاهد یبحث عن المأوی عندكم من هجوم للقوات الأمریكیة، فأمسكني من یدي وأخذني إلی غرفة نومه وطلب مني أن استریح علی فراشه. فقلت إن ملابسي مبتلّة ویقطر منها الماء. فأنار السراج وأعطاني بدلة من ملابسه، وحین أنار السراج رأیت أنّ الغرفة فیها أهله وأولاده، فقلت له: حبّذا لو أطفأت السراج وأخذتني إلی غرفة أخری في بیتكم! فقال لي یا أخي إنهم بمثابة إخوانك وأخواتك، ثم أخذني إلی غرفة أخری، وأبقوني عندهم إلی أن خرج الأمریكیون من المنطقة.

الصمود: في هذه الأیام الأخیرة حدثت حوادث عظیمة علی مستوی الإمارة الإسلامیة مثل إعلان وفاة أمیر المؤمنین الملا محمد عمر- رحمه الله تعالی- وتعیین زعیم جدید للإمارة الإسلامیة، فكیف كان تأثیر هذه الحوادث علی المجاهدین ومعنویاتهم في خنادق القتال؟

زبیر مسافر: إن مثل هذا السؤال قد طرحته بعد المعركة یوم فتح مدیریة (نوزاد) علی مسؤول المدیریة المولوي (نوري) وقائد المنطقة العسكریة في حضور عدد كبیر من المجاهدین في مقرّ مدیریة (نوزاد) فقال لي في الإجابة: إنكم شاهدتم عملیات الفتح، ورأیتم المعركة الشرسة التي خاضها المجاهدون بروح قتالیة عالیة، ورأیتم أجساد قتلی العدوّ متناثرة هنا وهناك، فلو كان هناك من أثر سلبي لإعلان وفاة أمیر المؤمنین علی نفسیات المجاهدین لما خاضوا مثل هذه العملیة العظیمة ضدّ العدوّ بمثل هذه المعنویات العالیة.

وكان والي ولایة (هلمند) من قِبَل الإمارة الإسلامیة حاضراً في (نوزاد) فقال لنا في إجابة علی أحد أسئلتنا: إنّ المجاهدین لمحزونون علی وفاة أمیرالمؤمنین الملا محمد عمر المجاهد إلا أنهم جمیعاً یعتقدون أنّ الملا محمد عمر المجاهد كان عبداً من عبید الله تعالی، وكان لابدّ أن یموت یوماً ما، إننا نعتزّ بتاریخ أمیرنا وبالمنهج الذي اختاره في الجهاد في سبیل الله تعالی لإقامة النظام الإسلامي. إنّه كان مبعث عزّة لنا في حیاته، ونعتزّ بما تركه لنا من الأمجاد.

وإننا كصحفیین لم نجد أي تأثیر سلبي لوفاة أمیرالمؤمنین علی نفسیات المجاهدین وأوضاعهم في خنادق القتال.

الصمود: كیف كان ینظر المجاهدون إلی القیادة الجدیدة؟ وكیف تلقّوا هذا التطور الأهمّ؟

زبیر مسافر: المجاهدون في (هلمند) كانوا علی ثقة بالقیادة الجدیدة، وكانوا قد بایعوا الأمیر الجدید الملا أخترمحمد منصورحفظه الله تعالی عن طریق والي ولایة هلمند، وكانوا یقولون بأنّ الأمیر الجدید قد عُیّن من قبل علماء الشرع، وقد اتفق علی قیادته معظم الناس، وإنّ الأمیر الجدید كان موضع ثقة أمیر المؤمنین الملا محمد عمر المجاهد رحمه الله تعالی ولذلك كان قد عیّنه نائباً له في حیاته. وفي هذا كله كفایة لنا للثقة فیه. والقادة المیدانییون كانوا یقولون في جمیع الجبهات بأنهم لن یمكنوا العدوّ من تفریق صف المجاهدین، وأنّهم سیُثبتون طاعتهم القویة للقیادة الجدیدة بشكل عملي، وسوف یكون هناك تصعید في القتال والهجمات ضدّ العدوّ. وإلی جانب المجاهدین فإنّ عامة الشعب أیضا كانوا قد اُعلنوا بیعتهم للقیادة الجدیدة من خلال عقد احتماعات كثیرة أقیمت في المساجد وغیرها بهذه المناسبة.

الصمود: زعم العدوّ مؤخّراً بأنه أَلحَقَ بالمجاهدین خسائر كبیرة في الأرواح، وأنّ صفوف المجاهدین قد دبّت فیها الاختلافات والانشقاقات، وقد قامت وسائل إعلام العدوّ بنشر إشاعات كبیرة حول هذه المزاعم، فكیف رأیتم الواقع هناك؟ وهل حدث بالفعل شيء مما یزعمه العدوّ؟

زبیر مسافر: إنّ إدّعاء العدوّ في إلحاقه الأضرار الكبیرة في الأرواح بالمجاهدین كذب سافر، إننا شاهدنا عملیات فتح (نوزاد) بأمّ أعیننا، وشاهدنا حقیقة حوادث استشهاد المجاهدین أو إصاباتهم بالجروح، ولكننا حین سمعنا إشاعات العدوّ من وسائل إعلامه وجدناها علی خلاف الواقع. إنّ عدد الشهداء والجرحی فی معركة فتح (نوزاد) كان 13 شهیداً ومصاباً، ولكن العدوّ زعم أنّ عدد قتلی المجاهدین هو 80 مجاهداً، بینما أنكر وجود القتلی في صفوف جنوده في حین أننا كنا نشاهد 38 جثة لجنوده القتلی فی میدان المعركة.

وعدد الشهداء في فتح (موسی قلعه) كان علی عدد أصابع اليد، وكانت طائرة العدوّ قد قصفت تجمعاً لعامة الناس قبل یومین من فتح المدیریة في منطقة (ختكي بازار) وقتلت عدداً من الناس، إلا أنّ العدوّ زعم أنه قتل عدداً كبیراً من المجاهدین واعتبر مقتل عامة الناس قتلاً للمجاهدین.

الصمود: كیف تنظرون إلی قوة المجاهدین في هلمند؟ وهل یمكنهم مواصلة الفتوحات وتوسیع رقعتها؟

زبیر مسافر: المجاهدون الآن یتمتعون بتنسیق قوي في العمل العسكري، ولدیهم جدارة عسكریة ووسائل حربیة حدیثة، وتضامن الشعب معهم كبیر، وهذا الوضع كان یبشر بمستقبل مشرق للمجاهدین واستمرار الفتوحات في تلك الولایة إن شاء الله تعالی. وعملیات المجاهدین الآن تختلف عما كانت علیه سابقاً، إنهم الآن لیسوا في حرب العصابات أو استهداف أرتال قوات العدوّ في الطرق، بل یخوضون الآن حروب الفتوحات وتطهیرالساحات من تواجد العدوّ بشكل كامل، وكانوا یُنشئون الإدارات المحلیة لتسییر الحیاة المدنیة بشكل طبیعي. وقبل أن یُقدم المجاهدون علی اقتحام مراكز المدیریات كانوا یطهرون المناطق المحیطة من القوات المدافعة عن المدیریات ومراكز العدوّ المساندة للتواجد الحكومي، فكانوا لا یقتحمون المراكز الحكومیة إلا بعد إحكام السیطرة علی الساحات المحیطة بها.

المجاهدون كانوا قد تسلّحوا بالأسلحة المتطورة التي غنموها من القوات الحكومیة، فكانت معهم الرشاشات والقناصات الأمریكیة والدبابات، والمدرعات، وناقلات الجنود، والمدافع الكبیرة، وكميات كبیرة من مختلف أنواع الأسلحة. فهذه كلها كانت ترجّح كفة المجاهدین العسكریة.

الصمود: شكرا لكم أخانا زبير مسافر علی تقديمكم الصورة الشاملة عن الأوضاع الأخيرة لولاية (هلمند) ونسأل الله تعالی أن يتقبّل منكم جهودكم وخدماتكم.

زبير مسافر: شكرا لكم أيضا، وتقبل الله منكم أيضا جهادكم الإعلامي، آمين.