الافتتاحية: صفعات على وجه الاحتلال

8863 518391178184740 79194817 n

8863 518391178184740 79194817 n

ستُتم أفغانستان في يوم السابع من أكتوبر 2015م أربعة عشر ربيعاً جهادياً منذ أن وُلد الجهاد على ثراها عام 2001م. أربعة عشر عاماً مضت على الصبر والمصابرة، على البطولة والبسالة، على الإباء والعزة، على التحمل والثبات، وعلى صورة مشرقة رائعة لنموذج تأدية فريضة الجهاد في العصر الحديث. وأربعة عشر عاماً مضت أيضاً على المكر الكفري والتدبير الصليبي، على الحقد الأمريكي في أجلى صوره البشعة. أربعة عشر عاماً لم يدع فيها الاحتلال الأمريكي وحلفاؤه حيلة ولا وسيلة لإسقاط هذا الجهاد الرباني المشتعل في النفوس إلا وجرّبوها واستعانوا بها، فما كان نصيبهم إلا أن باؤا بالفشل والخسران والحسرة ولله الحمد والمنّة.

إن أحد أهم أدوات العدو المحتل لإطفاء الجهاد المتوقّد في أفغانستان هو اشعال فتيل الفتنة وبثّ الأراجيف الخبيثة والشائعات السوداء، وهي الأداة القديمة المتجدّدة التي ما فتئ يتصيّد الفرص لإنجاحها والاستفادة منها كسلاح أخير لا مناص من استعماله، بعد الفشل الذريع الذي مُنّي به على صفيح الأرض الملتهب تحت أقدامه. وبعد الإعلان عن وفاة مؤسس الإمارة الإسلامية أمير المؤمنين الملا محمد عمر رحمه الله، انتهز العدو هذه الفرصة لإطلاق نيران الفتنة، كسلاح أخير في يده؛ حتى ينال من وحدة الإمارة الإسلامية وتماسك بنائها، فيتحقق له ما عجز عن تحقيقة طيلة أعوام احتلاله الأربعة عشر. جيّش الاحتلال إعلامه بكافة أشكاله، ونعِبت غربانه، ونشِطت شياطين الإنس في الطعن بخليفة الملا عمر رحمه الله، الملا أختر محمد منصور حفظه الله، ودلّلت على صحة أراجيفها تلك بعدم مبايعة أسرة الملا عمر رحمه الله للأمير الجديد؛ كل ذلك أملاً من الاحتلال المحتضر أن يتحقق حلمه في هدم قلعة المجاهدين العتيدة.

ولكل أحد أن يتخيّل كمّ المكر والتربص الذي تعرّضت له الإمارة الإسلامية من قِبَل العدو في وقت عصيب يمر عليها لأول مرة منذ تأسيسها. لكن الله تعالى حفظ الإمارة الإسلامية بعينه التي ترقُب من فوق سبع سماوات خبث الكافرين وإخلاص المؤمنين، فتلقى العدو المحتل صفعات حامية على وجهه القبيح بعد كل ما بذله من جهد لتكسير صف المجاهدين وخلخلة وحدتهم. أولى تلك الصفعات كان إعلان أسرة أمير المؤمنين رحمه الله بيعتها للأمير الملا أختر محمد منصور حفظه الله، وزاد من شدتها على العدو المشاعر الأخوية النبيلة الدافئة التي عبّر عنها الطرفان تجاه بعضهما البعض حفظهما الله.

الصفعة الثانية التي توجّع منها العدو، والتي لا تقل ألماً عن سابقتها، هي البشريات بفتوحات وانتصارات كثيرة انهالت من ولايات البلاد، بدءاً من بدخشان شمالاً وحتى هلمند جنوباً. مديريات ومناطق متّسعة يعلن المجاهدون سيطرتهم عليها، ومئات الأسرى يتم تحريرهم وكسر قيدهم رغماً عن أنف العدو، وأسلحة ومعدّات عسكرية وآليات حربية يغتنمها الأبطال من جنود العدو، فرار فردي وجماعي لعناصر الجيش العميل من ساحات المعارك وأسر البقية الباقية، فهل لازال العدو المحتل وأعوانه يحلمون بالانتصار على من كانت عزيمته وتوكله على الله كعزيمة هؤلاء الأفذاذ؟!

الصفعة الثالثة التي بدّدت أحلام الاحتلال هي التأكيدات والمعاني الثمينة التي تضمنها خطاب أمير المؤمنين الملا أختر منصور حفظه الله بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، في السير على خطى مؤسس الإمارة الإسلامية الملا عمر رحمه الله: فلا تنازل عن النظام الإسلامي مهما كان الثمن، ولا تمييز بين الأفغان على أساس قومي، وأن الجهاد مستمر حتى طرد آخر جندي محتل من البلاد، والحرص على وحدة صف المجاهدين والمسلمين عموماً، وأن فعاليات المكتب السياسي ماهي إلا سياسة تحكمها شريعة، ومشاركة الشعوب الإسلامية في مطالبها الحقة، واحترام الشعب الذي احتضن الجهاد والعطف عليه والرحمة به ، والتذكير بإشراك الأيتام والمحتاجين في فرحة العيد.

لقد كانت هذه آخر الصفعات التي ذاقها الاحتلال بأيدي أبطال الإمارة الإسلامية، ولن تكون الأخيرة. فهل يتدارك العدو المحتل نفسه في اللحظات الأخيرة قبل أن يلقى مصير سلفه الاحتلال السوفيتي؟