مسئوليتنا تجاه الفيضانات والكوارث الطبيعية

شهدت أفغانستان هذا العام مثل بقية دول المنطقة أمطار شتوية وربيعية غزيرة، ففي الشتاء تساقطت الثلوج بكثرة، ومع استهلال الربيع توالت الأمطار، حيث ما زالت تتساقط حيناً وتنقطع أخرى.

إن كثرة الثلوج والأمطار من ناحية أزالت آثار القحط والجدب، وأحيت الأرض الميتة، وجلبت الخيرات للبلاد، لكن من ناحية أخرى فإن الأمطار المتواترة ألحقت بالأهالي والمواطنين أضراراً مادية وجسدية فادحة.

فنتيجة سقوط الأمطار لفترات طويلة خلال الشهر الماضي سالت فيضانات شديدة في ولايات (هرات، وسربل، وقندهار، وبادغيس، وفارياب وعددا من الولايات الأخرى)، وأغرقت قرى بأكملها في بعض المناطق، وهدمت المنازل، والأسواق، وأهلكت المواشي والحرث والزرع، كما حصدت أرواح المئات من المواطنين.

إن عشرات الآلاف من الأسر في هذه المناطق المتضررة في حاجة ماسة إلى المأوى، والمشرب، والمأكل، والإسعافات الطبية، والمساعدات المالية، لكن رغم مرور عدة أسابيع على تلك المأساة لم تنهض أية نداءات مؤثرة على المستوى الإقليمي أو الدولي تدعو إلى دعم المتضررين ومساعدتهم ومواساتهم، ولم تتم التلبية لضروراتهم.

أما في بقية أنحاء العالم عندما تحدث الكوارث الطبيعية، تسارع المؤسسات الإغاثية العالمية، ومنظمات حقوق الإنسان، والجمعيات الخيرية إلى رفع شعارات الإنسانية، وتجلب انتباه الناس وتعاطفهم عن طريق وسائل الإعلام، وتشرع في حملات جمع المساعدات والتبرعات، وتختص ميزانيات لذلك، ثم تقوم الأنظمة والمجتمعات بدفع تبرعاتهم حسب طاقتهم، حتى يتم إيصالها إلى المتضررين وتوزع عليهم.

لكن من المؤسف أن شعبنا المظلوم والمسكين حتى في هذا الجانب الإنساني يعامل بشكل غير عادل ومنصف، فرغم تضرر المواطنين منذ شهر نتيجة الكوارث الطبيعية في مختلف مناطق البلد، إلا أنه مع ذلك لم يلحظ إلى الآن أي تحرك إقليمي أو دولي مؤثر في هذا الباب.

إن عدد المؤسسات واللجان التي تعمل تحت عنوان (المؤسسات الإغاثية) في البلد تتجاوز الآلاف، وكل واحدة منها تدعي المساعدة الإنسانية، لكنها جميعها تختفي وقت الجد والضرورة، ويبدوا أن هذه المؤسسات ترى أن المساعدات الإنسانية تعني تشييد المكاتب الفخمة، والتجول في السيارات الفارهة، واستلام المرتبات العالية، ورفع مسميات المؤسسات عن طريق الدعايات الجوفاء، ونشر الإحصائيات الورقية فحسب! لكن المؤسف أن أغلب هذه المؤسسات الخيرية ليست لها أية فعاليات إغاثية، بل إضافة إلى ذلك فإنها تسيء التصرف في تلك الأموال والمساعدات التي تأتي باسم هذا الشعب المضطهد، وتحرم الشعب منها.

إن إمارة أفغانستان الإسلامية تعتبر مساعدة متضرري الفيضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية مسئوليتها، وكلفت مجاهديها بالقيام بالمساعدات الإنسانية في المناطق التي تحت سيطرتها، كما تنادي جميع المواطنين ودول العالم بأن تساعد متضرري الفيضانات في هذه الأوضاع الاضطرارية، وأن تهيئ لهم المأوى والمسكن، والمأكل والمشرب، والإسعافات الطبية، والمساعدات الضرورية، كما على المؤسسات الإغاثية والمنظمات الخيرية أن تصحى من غفوتها، وأن تستفيد من إمكانياتها في مساعدة المتضررين، وأن تحول موضوع المتضررين ومساعدتهم إلى قضية إنسانية عالمية، وأن تصرف الأموال التي تأتيها في محلها المناسب.