خلاصة خطاب المولوي اميرخان متقي (مسؤول مكتب قيادة الإمارة الإسلامية) في مؤتمر قطر

بسم الله الرحمن والرحيم

نحمده ونصلي على رسوله الكريم، وأما بعد: أرحب بكم جميعا في البداية حيث تحملتم المشاق في هذا المجال، تقبل الله ذلك منا جميعا.

كلمات عن مؤتمر الحوار الأفغاني:

أرى من اللازم التذكير لتوعية الحاضرين بأن قائمة المشاركين في هذا المؤتمر كانت تصلنا، والقائمة التي كانت ترد من كابول كانت تشمل في الغالب أقارب المسؤولين وأنصارهم، أو تشمل من كانوا يعملون في مكاتب إدارة كابول، لكن القائمة التي كانت تأتي من سائر أنحاء العالم سواء الولايات المتحدة الإمريكية وأوروبا والإمارات والسعودية وباكستان وإيران أو سائر البلاد، كانت تشمل أكثر على الأسماء التي اقترحتها الإمارة الإسلامية.

وقد كنا عزمنا أن تكون نقاشات واسعة في هذا المؤتمر، وتطرح القضايا الأساسية، عسى الله أن يقترب الشعب الأفغاني بعضهم ببعض.

جرى اتفاق في مسكو أن يكون المؤتمر القادم مثل مؤتمر مسكو يشارك فيه كل نيابة عن شخصه ويعرض رأيه الشخصي، لقد قبلت دولة قطر هذا الطلب للمشاركين، وقبلت استضافة المؤتمر، لكن أشرف غني وكذلك داود زي وغيرهم قالوا مرارا بأن وفدنا يمثل الدولة، وهذا الخلاف كان منشأ هذا المؤتمر وأساسه.

جدير بالذكر أن القائمة كانت وصلتنا قبل خمس وعشرين يوما، ولم تكن تشتمل على هذا العدد الكبير من المشاركين، فكانت الأعمال تسير حسب ترتيبها، لكن السلطات في كابول تحركت أخيرا؛ وأقامت الجلسات، وأعلنت الخطوط الحمراء، بأن هذا هو الخط الأحمر وذلك هو الخط الأحمر، وهؤلاء سفرائنا، ويمثلوننا، وكان في هذا إشارة إلى أن هناك عمل متعمد يقصد منه، تأخير هذه البرامج.

والمشكلة الكبرى في القوائم، أنها إن كانت تأتي من عنوان واحد، كان من الممكن أن يقال لهم أن ينقصوا مائة أو مائتي شخص من القائمة، أو ينقصوا خمسين منها، لكنهم لم تكن كذلك، بل كان فلان وفلان من جانب أشرف غني، وفلان وفلان من جانب نائبه، وفلان وفلان من جانب خليلي، وفلان وفلان من جانب آخر،(كل أصدر من جانبه قائمة مستقلة) فإن نقص من كل قائمة شخص أو شخصان، كان يقول أحدهم:

لماذا نقص من قائمتي ولم ينقص من فلان، ولماذا نقص من قائمتي شخصان ومن القائمة الفلانية شخص واحد… لكن القائمة التي أعلنا منذ اليوم الأول كان خمس وعشرين شخصا، ولقد كنا على موقفنا حتى الأخير.

رفض الحوار مع إدارة كابول:

القضية الثانية الساخنة الأخرى، هي أنها يقال لنا: أنتم تجلسون للحوار مع الإمريكيين، فلماذا لا تجلسون مع إدارة كابول، رفضنا للحوار مع إدارة كابول لها أسباب كثيرة، الأول أن الإمريكيين لما هجموا علينا لم يكن هناك لإدارة كابول وجود، ثم عقد مؤتمر “بون” وجيء بالزعماء الحاليين على المروحيات، ثم الحرب أشعلتها الإمريكيون، والمشكلة يجب أن يحلها الإمريكيون.

بالتالي؛ يا ليت إدارة كابول تملك قليلا من الاختيار، لكن يبلغ من عجز سلطات كابول أنها تقصف قرية، ويقتل عشرات من الأطفال، والنساء والتلاميذ، وتدمّر المساجد، والمدارس وكتاتيب القرآن الكريم وتمزق المصاحف والكتب، لكن لا جرأة لديها على التنديد بها. فهل تجرأ هذه الحكومة أن تقول للمحتلين: انسحبوا من البلاد؟ والحقيقة أنه لا صلح ما لم يخرج المحتلون من أفغانستان. وإن رغبت الإمارة الإسلامية في ذلك لكن الشعب يأباه ويرفضه بشدة.

الوحشية وجرائم العدو:

ما ازداد في أفغانستان أخيرا هو شدة وحشية العدو وجرائمهم. أعلنت الإمريكيون أنهم ألقوا سبعة آلاف قنبلة في الأشهر الأخيرة. قلنا في جلساتنا مع خليلزاد وفريق التفاوض الإمريكي، وإسكات ملر(القائد العام المشترك للقوات الإمريكية وحلف الناتو في أفغانستان): إننا لا نطالبكم أن لا تقصفوا طالبان والمجاهدين.

لكنه جريمة أخلاقية وظلم كبير أن تقوموا باقتحام بيوت المدنيين وقصفهم، وقتل عشرين أو ثلاثين شخصا في قرية، فما معنى الهجوم على المدنيين العزل؟

نحن نحذر مقاتلي طالبان في عملياتنا (أن يجتنبوا إيقاع الخسائر بالمدنيين)، ولقد أوصلنا الخسائر الوطنية في الأخير إلى الصفر في صفوفنا، لكن الخسائر الموجهة إلى المدنيين من جانب الأعداء ازدادت بشكل مذهل. ولقد اعترفت “يوناما” بهذه الحقيقة.

هذا مهم أن ترفعوا أنتم (أيها الإخوة والأخوات الحاضرين) صوتكم في الدفاع عن هؤلاء المظلومين من مكاتبكم وبيوتكم، فالصحافة والإعلام بيدهم، وأعين الناس وأبصارهم مغيّبة عن أوضاع هؤلاء، ولا يرفع صوت دفاعا عنهم.

في منطقة “غرمسير” استشهد أربع وعشرين شخصا في بيت، في “كنر” رأيتم كيف قصفوا قرية بأكملها. ولا أحد يسال لماذا؟
لكن إذا قتل شخصان إمريكيان في “بغرام” أو في مكان آخر، ليس الإمريكيين بل إدارة كابول أيضا تعرب أسفها على ذلك.

في وطني ووطن آبائي وفي قريتي لا يعطون لي حق العيش وحق التعليم بحرية، في مديرية “درقد في ولاية “تخار”، بنى أهل المنطقة مدينة، كانت فيها محلات، ومشفى ومدرسة دينية وحكومية، لكن أهلها سموا المنطقة بمدينة عمري محبة بالملا محمد عمر، فجاءت الجرافات الحكومية ودمروا المدينة كلها بسبب هذه التسمية، ونشروا فلمها بأنفسهم!

ما ذنب الحجر والطين؟ وما جريمة المسجد والمدرسة؟ في مثل هذه الحالة التي تقوم بالغارة عليّ، ولا تتركوني آمنا في بيتي، ولا تحذف اسمي من القائمة السوداء، ولا تسمع صوتي، ثم تأتي وتقول: تعالوا نجلس للصلح ووقف إطلاق النار.

الموقف المعقول للإمارة الإسلامية:

والكلام الآخر؛ أن الإمارة الإسلامية اهتمت بكافة التحركات للصلح إلى يومنا هذا، فقبل ثمانية عشر سنة قبل هذا، اقترح الأمير الملا محمد عمر الحوار مع الإمريكيين، وكنت فاوضتهم بنفسي. فجاء نائب وزارة الخارجية، ورئيس مؤسسة مكافحة الإرهاب.

التقينا بهم في سفارتنا. وقلنا لهم: إن هذه المشكلة يمكن حلها من طريق التفاوض والحوار. أنتم تدعون على أسامة، قدّموا وثائقكم على محكمتنا.

قبل ذلك لما هاجم كلينتون على مدينة “خوست”، قام الشعب بمظاهرة. والإخوة جميعا يعرفون، أنه قتل شخص أجنبي أثناء المظاهرة، فألقينا القبض على مرتكبي القتل، وفوضناهم إلى المحكمة.

و أبلغنا بلاده الخبر، أن يأتوا ويتقدموا بملفهم، تعالوا أنتم الإمريكيون وتقدموا بملفكم في المحكمة، فإن كنتم لا تثقون بمحاكم الإمارة، ليأت علماء ثلاث بلاد إسلامية للتحكيم، وإن كنتم لا تثقون بتحكيم العلماء، وترونه خطرا عليكم، ليأت المؤتمر الإسلامي ويقضي في ذلك، سنجلس أسامة في مكان، ونقرر عليه حرسا، ونجرده من السلاح. ثم يجري حل القضية.

لكنهم لم يسمعوا كلمة واحدة منّا. ثم خلال هذه السنوات الثمانية عشر والسبعة عشر كان إصرارنا على الحوار والتفاهم، لكنكم رفضتم ذلك.

والآن لما جاؤوا إلى طاولة الحوار، نصرّ نحن على انسحاب القوات الأجنبية، فإن كانت هناك مخاف بشأن مستقبل أفغانستان لدى أحد، فنحن نضمن مستقبل أفغانستان.

هؤلاء الإخوة جالسون هناك فلو استحلفهم أحد بأنهم يشتاقون للقدرة، يحلفون أنهم يحلمون نظاما، لا منصبا ولا قدرة، يحلمون أن يتحقق نظام إسلامي وتتحقق آماني الشعب، فهؤلاء الأخوات اللاتي جلسن هناك يفكرن لأفغانستان ويتألمن لها، هؤلاء ومئات الآلاف من الإخوات اللاتي يعشن في البلاد وضحين بأولادهن هنّ المهم في هذه القضية.

دعوى الحقوق للنساء إنما يجري لعدد قليل تربين في أحضان الحضارة الأجنبية ولديهن التأثر بها، لكن لا أحد يرفع ملف ثمانية عشر مليونا أختا أفغانية. مطلبنا أن يبلغ صوتنا كما تم الترحيب به هنا إلى العالمين، ليطلعوا على مظالم العدو.

هذه الجريمة التي تجري حاليا تمارس ضد مَن؟ أنتم تشاهدون في الأعلام أن القتلى من الأطفال، والنساء والشيوخ، ولا تجدون طالبا واحدا، ولا قائدا واحدا، فإن كان يظهر جسد الطفل فلماذا لا يرى جسد القائد المقاتل من طالبان؟

إنهم يضربون الشعب فقط لأنهم متعاطفون معنا، إنهم يرون في كافة الشعب الإمارة الإسلامية، وفي الحقيقة الشعب هي الإمارة؛ لأنها لم يشاهد في العالم أن تحارب جماعة قوة كبرى بهذه المدة الطويلة، فهذه الحرب في الحقيقة حرب ضد الشعب الأفغاني.

في كل مرة يعلنون أن عدد طالبان عشرين ألفا أو أربعين ألفا أو ستين ألفا، والآن حسب إحصائياتهم قتلوا أضعاف ذلك العدد لحركة طالبان!

مستقبل البلاد:

هناك عهد للإمارة الإسلامية مضى في السابق، في ذلك الوقت كانت تسود أوضاع كانت الإمارة مضطرة بأن يقدموا في الوزارت من لا اختلاف للشعب عليهم. فلو عرضت واحدا، قال أناس: هو من المنظمة الفلانية، أو الفلانية ونحن حاربنا معه، فلا نقبله.

وطالبان لم تكن لأحد معها اختلاف في ذلك الوقت. وحينما كان تجري مشورة مع المرحوم الملا محمد عمر، كان يقول: عليكم بتوفير أمن البلاد أوّلا، ثم تحل المشكلات الأخرى كلها، فلا ينبغي إثارة الاختلافات، ولا بد من إزالة الاختلافات.

ونرى في مستقبل أفغانستان أن لأهل كل طائفة واتجاه الحق في بناء البلاد. يجب أن يكون النظام منظما وقويا ومركزيا. ولو نظرتم إلى تاريخ أفغانستان تجدون أن النظام القوي هو الذي استطاع أن يدير البلد. وهذه سياستنا. وفقنا الله تعالى أن نسلك خطانا في هذا السبيل.

وأرحب بكم من جديد. فإن كانت هناك مشورة أو وجهة نظر، أو كانت تذكير بأخطائنا، نستقبله بوجه طلق. وبهذا أختم كلامي، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.