مليارات ضائعة وحسرة للكفار

أبو صلاح

قال الله سبحانه وتعالى: إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون(36).

قال الإمام الطبري رحمه الله : يقول تعالى ذكره: إن الذين كفروا بالله ورسوله ينفقون أموالهم، فيعطونها أمثالهم من المشركين ليتقووا بها على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به، ليصدوا المؤمنين بالله ورسوله عن الإيمان بالله ورسوله، فسينفقون أموالهم في ذلك، ثم تكون نفقتهم تلك عليهم “حسرة “، يقول: تصير ندامة عليهم، لأن أموالهم تذهب، ولا يظفرون بما يأملون ويطمعون فيه من إطفاء نور الله، وإعلاء كلمة الكفر على كلمة الله، لأن الله معلي كلمته، وجاعل كلمة الكفر السفلى، ثم يغلبهم المؤمنون، ويحشر الله الذين كفروا به وبرسوله إلى جهنم، فيعذبون فيها، فأعظم بها حسرة وندامة لمن عاش منهم ومن هلك! أما الحي، فحرب ماله وذهب باطلا في غير درك نفع، ورجع مغلوبا مقهورا محروبا مسلوبا. وأما الهالك، فقتل وسلب، وعجل به إلى نار الله يخلد فيها، نعوذ بالله من غضبه. انتهى قوله.

ومن أمعن الآن في حال أمريكا المتغطرسة، وحلفائها الصليبيين، يرى مصداق ما قاله الرب تبارك وتعالى، ويتلمس بكلتا يديه الخسارات التي لحقت بأمريكا جراء الحرب التي شنّتها على المسلمين الموحّدين الذين كانوا مستضعفين في الأرض لم يكن لهم حول ولا قوة ولا سند أو ظهير سوى الرب القادر المتعال، الذي وعدهم بالنّصر والتمكين، فاعتمدوا عليه، ونصروه ونصروا دينه فأيّدهم بحوله وقوّته، وقصم ظهر أجبر أعدائه في العصر الراهن.

وتذرعت أمريكا بعد الحادي عشر من سبتمبر الحرب على الإسلام وأهله، ومنذ ذلك التاريخ شنّت حروبًا ضروسة، وعمليات عسكرية متعددة تحت وازع «الحرب على الإرهاب» في دول: العراق وأفغانستان، قتلت أضعاف الضحايا المدنيين الذين قتلوا في البرجين التجاريين، وكلفت الخزينة الأمريكية أكثر من 1.5 تريليون دولار (تحديدًا 1500.7 مليار دولار)، وفقًا لأرقام وزارة الدفاع الأمريكية.

واستخدمت أمريكا مسميات «معسولة» ارتبطت بـ«الحرية والنُبل» لتلك العمليات العسكرية، التي تصدّرتها في التكلفة عملية «حرية العراق»، أو الغزو الأمريكي للعراق الذي بدأ عام 2003، واستمر حتى نهاية 2011، بعدما جددت اسم العملية لـ«الفجر الجديد» عام 2010، وكلّف ذلك الغزو الخزينة الأمريكية 730.9 مليار دولارا؛ وهو ما يمثل 49% من إجمالي التكلفة.

وتلت تلك العملية في التكلفة عملية «الحرية الدائمة»؛ والتي بدأت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2001، لمهاجمة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان، واستمرت 13 عامًا حتى نهاية عام 2014، مُكلفة الحكومة الأمريكية 584.3 مليار دولار، وهو ما يمثل 39% من إجمالي التكلفة.

وفي 2015، بدأت أمريكا عملية عسكرية جديدة في أفغانستان أيضًا، تحمل اسم «حارس الحرية»، كلفتها 134.3 مليار دولار مثلّت 9% من إجمالي التكلفة، وجاءت رابعًا في التكلفة عملية «النسر النبيل» والتي عبرت عن الجهود الدفاعية الجوية الأمريكية لعدم تكرار هجمات 11 سبتمبر، وكلّفت الحكومة الأمريكية 27.7 مليار دولار.

وهذه الخسائر لن تتوقف ولن تكون هي الأخيرة مادامت أمريكا تصرّ على الحرب والقتال في بلاد المسلمين، فبقاء الأمريكان في أفغانستان وفي بلاد المسلمين، يزيد في فاتورة خسائرها المالية يوميًا إن لم تتدارك الفرصة، وتترك احتلال ديار المسلمين.