من أفغانستان إلى القدس

أيتها الأرض المقدسة، أيتها الأرض المباركة، يا أرض الأنبياء عليهم السلام، أيتها القبلة الأولى، يا مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ سلام عليك ورحمة الله وبركاته.

اسمي أفغانستان، حصن من حصون الإسلام، وثغر من ثغور الجهاد والرباط، قارعت الإحتلالات: الإنجليزي، ثم السوفييتي ثم الأمريكي، وألقب بمقبرة الإمبراطوريات ولا فخر.

في الآونة الأخيرة سمعت من وسائل الإعلام أن الأبله “دونالد ترامب” أعلن نقل سفارة بلده النجسة من تل أبيب إلى الأرض المقدسة.

لقد كشف هذا الإعلان عن الوجه الحقيقي لأمريكا المجرمة الراعية لدولة الصهاينة. وأثبت للعالم أنها الذئب بلباس الضأن، وأنها مسعرة الحروب في بلاد المسلمين، قاتلة الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، فهي التي قتلت حمامة السلام وأحرقت أغصان الزيتون.

أمريكا هي الدولة التي تعودت على إيذاء الناس.

 

يا قدس إن أبناءك اليوم كثيرون لكنهم أصابهم الوهن – حب الدنيا وكراهية القتل في سبيل الله-، آثروا ملذات الدنيا وشهواتها، واكتفوا في سبيل نصرتك بتظاهرات وبيانات وإدانات، مما جرّأ أراذل الناس من العلوج والصهاينة على تدنيس حرمتك.

يا قدس ليست مشكلة أبناءنا الأساسية الاستضعاف، مشكلتهم الأساسية هو التفرق والتشرذم والخلافات والصراعات الداخلية، ولو كانت كلمة المسلمين واحدة لما كانت هناك بقعة من بقاع العالم الإسلامي مغصوبة وشعب من شعوبها مستباحاً.

وآه من الذين يسارعون في موالاة ملل الكفر سعيا منهم لإرضاء أمريكا، وظناً منهم أن في ذلك النجاة من شرهم، ولكن هيهات!

آلمني لما رأيت كثيرا من المسلمين تناسوكِ، ولم يحركوا ساكنا بعد إعلان الطاغية المجرم “ترامب”.

إن الذين خذلوك وهم قادرين على نصرتك؛ يهلكون أنفسهم؛ فلا أمريكا أرضوها ولا أنفسهم أنجوها.

فاللهم إني أعتذر إليك مما صنعه هؤلاء (المسلمين) في حق القدس، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء (الكفار).

حبيبتي لم أنساك…

فرغم أحزاني وأشجاني

ورغم زفراتي وعبراتي

ورغم جرحي النازفة

ورغم معاناتي الدائمة

ورغم أني لازلت أئن من جرائم الاحتلال الأمريكي

لكنني لن أنساك يا حبيبتي

أسعد لسعادتك وأشقى لشقائك، أنسى أهوالي لأهوالك، يؤلمني ما يؤلمك، ويسوءني ما يسوءك، أشاركك أفراحك وأحزانك.

 

صبراً قرة عيني لأرسلن إليك المدد.

ولعلك شاهدت التظاهرات الحاشدة من أبنائي رافعين رايات التوحيد واللافتات، يطالبون بحقك، ويلعنون من يسخطك ويدنسك.

كما أصدرت الأوامر لأبنائي أن لا يكتفوا بالتظاهرات وبيانات الشجب والإنكار، بل عليهم أن يضيقوا الخناق على المفسدين الذين يؤذونك ويؤذونني، أمرتهم أن يركزوا ضرباتهم على رأس الأفعى الاحتلال الأمريكي.

أمرت أبنائي بالعزم على شد الرحال إليك للدفاع عنك والصلاة في رحابك.

لا تقلقي من خذلان المسلمين فإنهم خذلوني كما خذلوك.

كوني متفائلة بالفرج القريب والنصر العاجل.

اصبري وصابري يا قدس.

اصمدي وقاومي أيتها الأرض المباركة.

فأنت عنوان للعزة والإباء.

وأنت رمز للصمود والوفاء.

وستظلين نبراسا لسالكي هذا السبيل.

وليس لدينا إلا خيار النضال والكفاح.

 

صبرا يا أقصى فلم تعقم الأمهات في أمة الإسلام فتنجب الرجال الأبطال أمثال صلاح الدين يحرروكِ من رجس الاحتلال الصهيوني.

صبرا يا أقصى فسيقيض الله لك رجالا يطهرونك ويحررونك من دنس الاحتلال الصهيوني.

بشراكِ يا قدس، إن هؤلاء اليهود يبحثون عن حتفهم بظلفهم، وإن هؤلاء النصارى يحفرون قبورهم بأيديهم، فلن تهودي. ولتخرجِنّ شامخة الرأس عزيزة الجانب من هذه المحنة، فالأيام دول، والحرب سجال، والفرج قريب، والعاقبة للمتقين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.