من يقف وراء تخريب أبراج طاقة الكهرباء!

عماد الدين الزرنجي

 

على مدار أكثر من شهر تتعرض أبراج نقل الطاقة الكهربائية في أفغانستان إلى استهداف أدى إلى سقوط وتخريب أكثر من ٣٠ برجًا، نتج عنه أزمة كبيرة في الكهرباء. هذه الحملة جاءت مباشرة بعد سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت عددًا كبيرًا من العلماء والإعلاميين والنشطاء المدنيين داخل أفغانستان. من الطبيعي أن تخلق هذه الظاهرة أزمة كبيرة في البلد، خاصة بعد ارتفاع درجة الحرارة بوصول الصيف. هذا عدا الخسائر المالية التي حملت على عاتق الشعب وشركة “برشنا”، الشركة الرسمية الوحيدة لتوريد الكهرباء في البلد.

حيث قال المتحدث باسم شركة برشنا، سنجر‌ نيازي: في الأشهر الستة الماضية قام الأعداء بتخريب وتفجير أكثر من ثلاثين برجًا بعبوات ناسفة، والخسائر المادية التي خلفتها تقدر بملايين الدولارات. وبحسب المتحدث، خسرت شركة برشنا في عملية تأهيل وصيانة هذه الأبراج الكهربائية، بهدف إعادتها إلى العمل بأسرع وقت، أكثر من ٨٥٢ آلاف دولار. أما خيارات قطع الكهرباء للشركات والمصانع كثيرة لا تعد، وذلك لأن تأمين كهرباء هذه الشركات والمصانع تحتاج إلى مولدات لا يمكن لأصحاب الشركات والمصانع شرائها ثم تهيئة الوقود لها.

يقول كريمي، رئيس مصنع “روغن سبين غز” لموقع “دويجه وله”: إن المصانع تحملت خسائر فادحة جراء انقطاع الكهرباء، وهنالك كثير من المصانع ركدت لعدم قدرتها على توفير الوقود للمولدات. وأضاف كريمي: أن مصنعه يتحمل يوميا ٣٠ إلى ٣٥ ألف دولار لغلاء الوقود في السوق.

لاشك أن غلاء الوقود ذو تأثير كبير على غلاء المواد الغذائية في البلد. حيث ارتفعت أسعار جميع المواد الغذائية والمصرفية في البلد، لأنها نتاج مصانع وشركات تتحرك عجلتها بالكهرباء. وفي الأسابيع الأخيرة ارتفع سعر الدجاجة من ٢٠٠ إلى ٢٥٠ أفغانية للكيلو؛ والعلة ترجع إلى قطع الكهرباء، لأن الكهرباء من الضروريات الأساسية في مراكز توليد الدجاج.

ارتفاع الأسعار جانب آخر من آثار انقطاع الكهرباء. جنبًا إلى ذلك، يواجه المصابون بمرض كرونا أزمة كبيرة في ظل انقطاع الكهرباء. لأن أجهزة الأكسجين تحتاج إلى الكهرباء. ولعل من أبرز التساؤلات التي تثار حاليا هي من يقف وراء استهداف أبراج الكهرباء في أفغانستان وفي هذا التوقيت تحديدا؟

أما الجهات التي تقف وراء الاستهداف، مع أنه حتى الآن لم تتحمل أية جهة مسؤولية هذه الاستهدافات، فهنالك ثلاث سيناريوهات بهذا الصدد:

أما السيناريو الأول: أن مجاهدي الإمارة الإسلامية يقفون وراء استهداف أبراج الكهرباء. وهذا ما سعت إدارة كابل إلى ترويجه، حيث قال المتحدث باسم والي محافظة پروان: أن طالبان قاموا بتخريب أبراج الكهرباء.

ولكن فكرة نسب التخريب إلى الإمارة الإسلامية أوهن من بيت العنكبوت؛ لأن جميع التخريبات حدثت في مناطق آمنة تسيطر عليها الإدارة، والأعجب من ذلك أن كثيرًا من أبراج الكهرباء تمر من مناطق خاضعة للإمارة الإسلامية ولم يحدث فيها تخريب. مع أن الإمارة الإسلامية أصدرت بيانًا قبحت فيه استهداف أبراج الكهرباء، وردت ادعاءات من ينسبونها إلى الإمارة الإسلامية، وأن استهدافها لا تساعد الإمارة في قتالها ضد الإدارة.

أما السيناريو الثاني: أن الإدارة تقف وراء هذه الحادثة سواء أمرت الدواعش أو فعلتها بنفسها. لاشك أن الإدارة العميلة تخوض كل معركة وترتكب كل جناية من أجل بقائها. لذلك هنالك تحليلات و تقارير تفيد بأن الإدارة تقوم بتخريب أبراج الكهرباء لتسيء إلى سمعة المجاهدين. ولأن جميع التخريبات حدثت في مناطق تسيطر عليها الإدارة، تقع مسؤولية هذه الحوادث على عاتق الإدارة.

أما السيناريو الثالث: أن مافيا النفط والبترول هم الذين يقومون بهذه الجريمة لرفع الأسعار. وفي ظل إدارة كابل الفاسدة، من غير المستبعد حدوث هذا السيناريو.

أما الفئة الأخيرة التي تتجه إليها أنامل الاتهام فهم بعض السارقين الذين يخربون الأبراج ليحصلوا على امتيازات من الإدارة.

أيًا كان الفاعل، فقد تسببت جناية تخريب أبراج طاقة الكهرباء أزمة كبرى يعاني منها الشعب الأفغاني المسلم، ولأنها حدثت في مناطق خاضعة لإدارة كابل فعلى الإدارة حلها. والحل يتطلب عزما جادا، أما توجيه الاتهام إلى الإمارة الإسلامية دون أي دليل لا يساعد أحداً في حل المشكلة.