هلوسة الجنرال دانفورد

بقلم: أبو صلاح

 

إنّ من فنون الحرب وأحد مقوماتها الأساسية؛ رفع معنويات القوات المنهارة التي انهزمت أو تكبدت خسائر فادحة والتي كُتب لها الفشل الذريع الوشيك. فماذا عسى أن يفعل جنرالات أميركا الذين ينهزمون واحداً تلو الآخر أمام جنود الإمارة الإسلامية على ثرى أفغانستان؟. يستقيل هذا بعدما يفشل فيأتي آخر كي يجرب دهاءه ومكره ليرى هل يجدي ذلك شيئاً أم أنه سيُقذف في سلة الإهمال كأقرانه الآخرين، وسلفه الماضين.

ففي الأيام الماضية أتى الجنرال الأميركي وقائد القوات الأطلسية خِلسةً وربما تحت ستار الليل الدامس ليخفف شيئاً من عناء جنوده ويرفع من معنوياتهم المنهارة، فحاك كذباً جديداً من نوعه، حيث قال: إنّ هجمات مجاهدي الإمارة الإسلامية الربيعية قد انخفضت مقارنة بالأعوام الماضية، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على ضعف القائد الجديد والأمير النبيل الشيخ هبة الله آخندزاده.

حقير دانفورد، وحقيرة دعواه الفارغة عن الصحة، فلو أنه فتح عينيه جيداً لوجد أن وتيرة عمليات المجاهدين كانت -ولا تزال- حادة، ولو أنه أتعب نفسه قليلاً وألقى نظراً مترامي الأطراف على ولايات أفغانستان من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب لرأى ما يشيب له ما تبقى من سواد شعر رأسه إن تبقى؛ لأنّ المجاهدين لم يوقفوا عملياتهم يوماً ما، بل لازال سقوط المديريات والثكنات والقواعد العسكرية خير شاهد على ما نقول.

نعم؛ انخفضت في شهر رمضان العمليات نسبياً؛ وذلك لأسباب واضحة مبينة في البيان الرسمي للإمارة الإسلامية بأن الطقس لم يكن يسمح للمجاهدين أن يقاتلوا الأعداء في شدّة الحرّ مع الصيام علاوة على طول النهار. فعزّ على كثير من المجاهدين أن يتركوا صيامهم -مع وجود الرخصة- بدل العزيمة.

فالمجاهد ليس كالجندي الواقف في صفّ الأعداء لا يعرف من الإسلام إلا رسمه ولا من الدين إلا اسمه، باع دينه ووطنه وعرضه ببضاعة مزجاة من الدولار وحفنة من المال. فوالله لقد اعتقلنا كثيراً من العملاء وعندما سألناهم عن أبجديات الإسلام، وجدناهم يطأطؤون رؤوسهم خجلاً وندامة وحسرة.

وسألت بنفسي اثنين من العملاء الذين قبضنا عليهم بعدما منّ الله علينا بقتل آخرين واغتنام سيارتهم وأسلحتهم؛ سألتهم عن كلمة التوحيد فما عرفوها، وعن سورة الحمد، فوالله لم ينبسوا ببنت شفة ولم يقدروا على تلاوة آية واحدة من هذه السورة المباركة التي تتلى عشرات المرات في الصلوات الواجبة والنافلة والمسنونة يومياً.

إذاً هل يصوم هؤلاء أو يصلّون كما لامنا بقتالهم بعض منتسبي أهل العلم الذين زاروا ثكناتهم فوجدوهم يصلون فقالوا: لاندري كيف يقتل جنود الإمارة الإسلامية رجالاً من أهل الإسلام وهم يصلون في ثكناتهم.

ويكأنهم نسوا بأنّ هؤلاء كانوا على متن دبابات الصليبيين الذين قضوا على الدولة الإسلامية الوحيدة التي تحكم بما أنزل الله بعد عقود طويلة من اندثار الخلافة الإسلامية التي كانت ناصيتها بيد الأتراك.

فالقياس بين المجاهد والجندي قياس خطأ، فهذا يقاتل لإعلاء كلمة الله، وذاك غرّه مال الدنيا وزينتها فأراد أن يهنأ في ظل الصليب، لا يبالي بالصوم والصلاة والزكاة بل يسخر منها. وأمّا المجاهد فيشق عليه أن يترك صومه وإن رخّص الله له من فوق السموات السبع. فلأجل ذلك ظنّ الأعداء بل مكروا ليرفعوا معنويات قواتهم المنهارة.

ولا أخال بأنّ فرحهم استمرّ ودام، فقد أذاق المجاهدون الأعداء الويلات والنكبات بعد شهر رمضان المبارك، ففتحوا مديريات عدة في هلمند ومناطق استراتيجية في قندوز شمالي البلاد، ومناطق عدة أخرى مما يفوق العد والحصر، وقتلوا منهم رؤوساً كبيرة، وجنوداً لايحصون أبداً.