واجب الدبلوماسية الأفغانية

alemaraah

غلام الله الهلمندي

 

أفغانستان شهدت طوال أكثر من أربعة عقود حروباً فتاكة وويلات كثيرة، ونتيجةً لتلك الحروب التي فُرضت علينا يواجه المجتمع الأفغاني مشاكل كبيرة في مجالات حيوية. وتعاني البلاد من آثار الحرب مثل الفقر والجوع والحرمان والمرض والجهل وما إلى ذلك من آثار سلبية لا تعد ولا تحصى. إذ أنّ الحرب كعادتها تلقي بظلالها على كل مناحي الحياة الإنسانية، فتدمر فيها كل شيء. إن البارود لا يدمر المباني والبنية التحتية فحسب، ولا يزهق أرواح الناس فحسب، ولا يتسبب في الموت والدمار والحريق فحسب، وإنما يمتد أثره السلبي ليشمل الجوانب الإنسانية والنفسية والعقلية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

ومن هذا المنطلق فالخيار الأفضل لأفغانستان في كل حال، وخاصة في الظروف الراهنة؛ هو تجنيبها أتون الحرب وكل ما يؤدي إليها من قرارات سيئة وسياسات خاطئة. كل سياسة تجر البلاد مرة أخرى نحو الحرب سياسة خاطئة. وكل خطوة تؤدي إلى إيجاد عدو جديد أو إبعاد صديق قديم خطوة غير مرحب بها ولا حاجة لنا بها. إن أفغانستان تعاني من مشكلات كثيرة كالفقر والجهل والفوضى والضعف الصحي، وعدم الثقة بمعنى أن المجتمع الدولي بما فيه الدول المجاورة لا يثق بها. وبناء على ذلك، فأفغانستان بحاجة ماسة الى الأمن الشامل والاقتصاد القوي الوطني والصحة وجذب الثقة المتبادلة إليها.

إن الدبلوماسية الأفغانية يجب أن تؤدي واجبها المقدس والتاريخي تجاه البلد من أجل الحفاظ على استقراره وحمايته من نشوب حرب جديدة. الحرب ضد الجيران، وتواجد اشتباكات حدودية مع الجيران، ليس في صالح أفغانستان راهناً، كما لم يكن في صالحها سابقاً، كل قرار يثير الشعب أو بعض الأقوام من الشعب أو يثير الرأي العام ضد الإمارة الإسلامية أو يثير المجتمع الدولي ضدها هو خطوة نحو الوراء.

 

إن زعماء الإمارة الإسلامية (والحمد لله) يدركون جيداً هذه الظروف. ومن هذا المنطلق فإن زعماء الإمارة الإسلامية يسعون لتجنيب البلاد حرباً أخرى، مهما يسعى الأعداء كثيرا في جرّ البلاد نحو هاوية الحرب، ولكن خاب رجاؤهم وباءت مساعيهم بالفشل.

والظروف الراهنة توجب على كل الأفغان -شعباً وحكومة- أن يسعون -قدر المستطاع- إلى تجنيب البلاد حرباً أخرى، وخلق ثقة متبادلة بيننا وبين الجيران. وإنجازات الدبلوماسية الأفغانية تدل على أنها تسير في هذا الاتجاه الصحيح، تسير في اتجاه البحث عن التآلف والاتفاق، والبحث عن العلاقات الودية المتوازنة.

إن الدفاع الأفغاني لا يملك قبة حديدية للذود عن التراب الأفغاني، فيجب على الخارجية الأفغانية أن تصنع قبة حديدية، ولكن من جنس الثقة المتبادلة والاحترام المتبادل والعلاقات الإيجابية، هذه مهمة الخارجية الأفغانية في الظروف الراهنة. وكذلك يجب عليها أن ترد بكل قوة وجدية على تصرفات عدوانية تقوم بها الاستخبارات الأجنبية. يجب أن تعمل ليل نهار لإخراج البلاد من الانزواء السياسي. السياسة الخارجية يجب أن تبنى على أساس المعطيات الداخلية، كل خطوة تخطوها الخارجية الأفغانية وكل قرار تتخذه يجب أن تدرس قبلها ظروف وحالات البلد الحساسة. إن الدبلوماسية يجب أن تغير مجرى تاريخ البلاد بسياساتها الصحيحة وقراراتها المناسبة لظروف البلد.