وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى أوباما يلعب بـجماجم أبناء شعبه المغرور

إكرام ميوندي
إن الله تبارك وتعالى خلق الإنسان وعَلِمَ ما هو عليه من الشر والخصال السيئة، حيث قال: {كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى. أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى}. (العلق/۷-۶) فبهذه الكلمات الوجيزة عَرَّفَنَا ربُّنا العليم الخبير طبيعة الإنسان الظلوم الجهول؛ ولا غرو في ذلك؛ فإنه جل وعلا صوره وعجنه، ثم قال له: كن فيكون، فهو علم عقله وعجينه، وعرف أصله وطينه، فالإنسان الشقي يطغى إذا رأى نفسه استغنى بنعم الله وآلائه، فهو لجهله المفرط لا يفكر كثيرا في عواقب الأمور، ولغفلته المبهتة لا يخاف الخسران المرتقب؛ فلذا توعده ربنا العزيز المنتقم بقوله: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى}. (العلق-۸) فالنعمة لا تدوم، والراحة لا تستمر، والسلطة لا تبقى، والحياة لا تستقر، فالإنسان دائما يعيش في ظلام الأمل والغرور.
فالأمريكان لما بسط الله تعالى لهم الرزق، وأنعم عليهم بالتمكين في الأرض، وأعطاهم قوة عظيمة من شأنها أن تدين لها الرقاب، ويخضع لها العالم بغوا في الأرض وجاسوا خلال الديار، وخرجوا من الحدود، فاستباحوا الأعراض، وسفكوا الدماء، وعثوا في الأرض الفساد، ووطدوا بذلك لأنفسهم طريق الهلاك المخزي والمبيد.
الأنموذج للإنسان الشرير
وهذا أوباما الرئيس الأمريكي – كالنموذج للإنسان الشرير- يجري وراء السراب، ويطمع في الإعصار، ويبحث عن الخير والمنافع في مواضع الشر والمهالك، ويرجو من أماكن لا يرجى منها الخير لدى ذي اللب الخبير، ويحسب أنه يستحق الثناء ومحامد كثيرة من جراء أنه سفك ويسفك دماء المسلمين حتى جرت بها الأنهار واحمرت لها البحار، ويبتغي المسكين مصالحه في قتل الآخرين، وتخريب البلاد الإسلامية، واستئصال الشعوب، ويجعل الحروب المضطرمة وسيلة لطموحاته الاستعمارية، ويرى في الظلم على عباد الله المتقين من المؤمنين ذريعة لسعادة شعبه وازدهار بلاده.
إنهم يخدعون شعوبهم
زعماء الغرب عموما لا يتمتعون بالعقول الراجحة والأفكار الصائبة لانهماكهم في الشهوات والرذائل، فمن مصائبهم المريرة أنهم طفقوا مع بدايات حرب الاستنزاف في أواخر عام 2001م يخدعون شعوبهم متعللين بالأراجيف والإشاعات الكاذبة، وجعلوا يتسترون على عجزهم المدهش عن دفاع بلادهم، وكانو يخفون أعمالهم التي جرَّت بلادهم إلى المهلكة من ارتكاب المعاصي والخوض في الشهوات؛ فإنهم كانوا في سكرتهم يعمهون، وكان جل أمرهم التلذذ بالخمور والملاهي والرقص والمزامير، فلما نزل بهم ما نزل من هجمات 11-09-2001م استيقظوا من غفلتهم ونومهم العميق، وعلى الفور اتهموا الآخرين بالقصور خداعا للشعوب، واستلابا للعقول، وتوعدوا المسلمين بإيقاع العذاب الأليم بهم إرضاء لشعوبهم وكتمانا للعجز الشامل لجميع الجهات المسؤولة عن استقرار الأمن في بلادهم.
انتهاك القانون الدولي
رفض جندي أمريكي الخدمة في أفغانستان لاعتقاده أن الحرب هناك تنتهك القانون الدولي، وقد أعلنت وكالة “أسوشيتد برس”: أن العريف “فيكتور أغوستو” البالغ من العمر 24 عامًا حكمت المحكمة الأمريكية عليه يوم الأربعاء (14 شعبان-1430هـ 5-8-2009م) بالسجن شهرًا؛ وذلك بسبب رفضه الخدمة العسكرية في أفغانستان، كما خفض القاضي رتبته إلى رتبة جندي التي هي في ذاتها جزء من أقصى عقوبة واجهها أغوستو في الاتفاق القضائي الذي أبرمه مع الجيش.
وقال أغوستو: إنه عندما تجند عام 2005 أحس أن غزو العراق كان خطأ، لكن كان على القوات أن تتم المهمة الموكلة؛ وأضاف أنه بدأ معارضة الحرب في العراق وأفغانستان بعد أن خدم 13 شهرًا في العراق والتي تمت في نهاية 2007م وأضاف “أغوستو” أن “المحاكم لم تعترف بحقوق الجنود في رفض أمر يعتقدون أنه غير قانوني، وأعتقد أن محاكم المستقبل ستجد أن حرب أفغانستان كانت غير قانونية لأنها تنتهك القانون الدولي”.
وبعد النطق بالحكم نزع أغوستو الرتبة فورًا من زيه وتم اقتياده إلى سجن المقاطعة حيث يبدأ تنفيذ عقوبته. ومن المتوقع تسريحه من الجيش نهائيًا بعد استيفائه فترة الحبس.
300 ألف جندي أمريكي يعانون نفسيا
يتعرض الجنود الأمريكيون لضغوطات شديدة إزاء الحرب الجائرة التي يخضونها في العراق وأفغانستان, الأمر الذي يتسبب في إصابتهم في أحيان كثيرة بأمراض نفسية مزمنة أو يضطرهم إلى الانتحار؛ وقد شهد هذا العام رقمًا قياسيًا في حالات الانتحار بين الجنود الأمريكيين حيث بلغت أعلى معدل لها منذ ثلاثين عامًا بعد بلوغها 129 حالة منذ بداية هذا العام 2009م وحتى الآن فقط؛ وكانت مصادر أمريكية قد أكدت العام الماضي أن ما لا يقل عن 300 ألف جندي ممن خدموا في العراق وأفغانستان يعانون من مشاكل نفسية ما استدعى تطوع آلاف الأطباء النفسيين لعلاجهم.
ونقلت (مفكرة الإسلام) عن وكالة “أسوشيتد برس” نقلاً عن متخصصين أن 300 ألف جندي ممن خدموا في العراق وأفغانستان يعانون من نوبات قلق ومشاكل ما بعد الصدمة، بالإضافة إلى القلق الناجم عن ترك الزوجة أو الأبناء؛ ويوضح اتحاد المحاربين القدامى أن نحو 120 ألف جندي ممن حاربوا في أفغانستان والعراق يعانون أعراض الأمراض العقلية، ونصفهم مصاب بمتلازمة ما بعد الصدمة؛ ونظرًا لعجز الجيش الأمريكي عن علاج هذه الأعداد الكبيرة من المصابين، فإن آلاف الأطباء النفسيين أعلنوا أنهم سيقدمون خدمات الاستشارة مجانًا للجنود الأمريكيين العائدين من العراق وأفغانستان ممن يعانون من مشاكل نفسية؛ ويبلغ عدد الأطباء النفسيين 1431 طبيبًا في الجيش الأمريكي الذي يبلغ عدده إلى (1.4) مليون فرد، وفقًا لـ”تيري جونز” الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية.
تحول كبير في الرأي العام الأمريكي
أظهرت نتائج استطلاع للرأي أن غالبية الأمريكيين يعارضون الحرب في أفغانستان على الرغم من مساعي أوباما لتعزيز دور بلاده وإرسال قوات إضافية إليها؛ وجاء في نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد “اوبينيون ريسيرتش” لحساب شبكة “سي إن إن” أن “54% من المستطلعين يعارضون التدخل الأمريكي في أفغانستان مقابل 41% فقط يؤيدونه”(على ما نقلت مفكرة الإسلام يوم الجمعة 16 – شعبان – 1430هـ 7-8-2009م).
وقال المحللون إن هذه المعدلات تؤكد حدوث تحول كبير في الرأي العام الأمريكي نظرًا إلى نتائج استطلاع مماثل أجري في مايو وكشف أن 48% فقط من المستطلعة آراؤهم يعارضون الاحتلال الأمريكي مقابل 50% يؤيدونه.
جدير بالذكر أن الخسائر في صفوف قوات الاحتلال الأجنبية في أفغانستان تزايدت الشهر الماضي بصورة غير مسبوقة حيث قتل 75 جنديًا أجنبيًا في يوليو حسب الأرقام المعلنة رسميا مما جعل هذا الشهر الأكثر دموية بالنسبة لقوات الاحتلال منذ الغزو عام 2001، كما فقدت قوات الاحتلال الأمريكية 44 جنديًا من هذا العدد خلال الشهر الماضي.
الإخفاق في الحجة
إنهم كَذَبَتْهم أنفسُهم، فكَذَبُوْا شعوبَهم، وكذبوا، ثم كذبوا، فأكذبتهم شعوبُهم وكذَّبتهم، فانقطعت حجتهم، حتى رأوا أنفسهم في مواجهة شعوبهم، لكنهم يصمدون في وجههم على خلاف ما يدينون به من النظام الديموقراطي، بل ويتمسكون بالواهيات رغم إصرارهم على أنهم يخضعون لقرارات شعوبهم، فالشعوب يطالبونهم بسحب قواتهم من أفغانستان عاجلا غير آجل، وقد أثبتت الاستطلاعات الأخيرة للرأي في كل من بريطانيا وأمريكا (التي نشرت عبر وسائل الإعلام العالمي) أن الجماهير من الشعوب تطالب حكوماتهم بالانسحاب الفوري من أفغانستان، حتى جَرَّ الإخفاقُ في الحجة وزيرَ الخارجية الإيطالي (فرانكو فراتيني) إلى القول بأننا ننافق أنفسنا، (كما نقلت عنه مفكرة الإسلام يوم الثلاثاء 20 من شعبان1430هـ 11-8-2009م) حيث قال: “لا يمكن التصدي لحركة طالبان الأفغانية من خلال قانون عسكري أقر في زمن السلم”. وأضاف في مقابلة صحافية: “كفانا نفاقًا !! فالأمر في أفغانستان لا يتعلق بتدريبات، وإن الحديث عن بعض المناطق -التي يعمل فيها جنود إيطاليون في مهام دولية- على أنها أوضاع سلام كما لو أننا نختبئ وراء أصابعنا” !! وأردف فراتيني: “من الواجب تفسير المادة الدستورية القائلة بنبذ الحرب بحيث تشمل إقرار القيام بعمليات واستخدام أسلحة ترمي إلى بسط السلم” على حد زعمه.
وكان وزير الحرب الإيطالي (انياتسو لاروسا) قد قال قبل تصريحات وزير الخارجية بيوم: “إنه من الواجب منح المهمة في أفغانستان وضعًا خاصًا من الناحية القانونية بحيث يطبق التشريع العسكري في زمن الحرب، وليس في زمن السلم كما هو معمول به في الوقت الراهن” !!.
انهيار شعبية “أوباما”
واللافت للنظر أن الأمريكيين يئسو من “بارك أوباما” الذي لقب بـ”الملهم” أثناء حملته الانتخابية، والظاهر أنه بطل سحره الذي سحر به أعين الشعب الأمريكي؛ فإنه قد مضت على توليه مقاليد الحكم 8 أشهر كاملة ولم يظهر في الأفق الأمريكي نور تنحل به الأزمات التي يواجهها المواطن الأمريكي؛ وهذا ما يؤكده المحرر السياسي لـ”جريدة السياسي الالكترونية” (14-8-2009م) حيث قال: “بالنسبة لمعظم الرؤساء الأمريكيين، تعتبر “الشعبية” في الشارع الأمريكي هى المعيار الأول والوحيد لنجاحه .. وبعد مرور ما يقرب من 8 أشهر على تولي أوباما للحكم، بدأ الأمريكيون يستيقظون من “سحره” الخاص، الذي أعمى عيونهم طوال الأشهر الماضية، وطوال فترة الحملة الانتخابية، التي لاقى فيها أوباما دعما من شعوب العالم بلا حدود، واستيقظ أوباما ليجد نفسه غارقا وسط عشرات وعشرات الملفات الشائكة، التي تركها له سلفه بوش مفتوحة.
ورغم التأكيدات الأمريكية بأن انخفاض شعبية الرؤساء في الولايات المتحدة هى أمر كقدرهم تماما مثل الموت والضرائب، فجميع الرؤساء الأمريكيين مروا بفترات ارتفعت فيها شعبيتهم، وفترات أخرى تنخفض فيها شعبيتهم، إلا أن شعبية الملهم “أوباما” كانت الأسرع في الأنخفاض .. كانت الإشارات التي جاءت في عدد من التقارير واستطلاعات الرأي الأمريكية، والتي أكدت أن اقترابَ شهر العسل بين أوباما والجماهير الأمريكية على الانتهاء واحدةٌ من أكبر “المنغصات” التي تعرض لها الرئيس الأمريكي منذ وصوله للحكم، فالشعب الأمريكي، يطالبه أولا أن يحل أزمتهم الاقتصادية، وبنفس المنطق “الأناني” المشهور به الأمريكيون، فإنهم لا يقبلون منطق أوباما الذي يعتبر أن الحلول الداخلية لا يمكن أن تكون سحرية ..”.

الانتخابات لم تكن حلا
الانتخابات في ظل الاحتلال -كما علم- ليست حلا للقضية الأفغانية؛ لأن الهدف منها هو إعطاء صك غير نافق ليكسب بها النظامُ الحاكم في أفغانستان شرعيةً دولية بغض النظر عن الفائز فيها؛ لأن الحاكم الحقيقي هو من يدير الشؤون الأفغانية من البيت الأبيض لا من ينتخب من قبل الشعب، والشعب الأفغاني لا جمل له فيها ولا ناقة، ولا يتمكن من تقرير مصيره في ظلمات الاحتلال، وتحت مظلة المقاتلات؛ ولا يستتاب الأمن، ولا تستقر الأوضاع في البلد بعد الانتخابات كهذه؛ فالحل الأمثل هو إما سحب المعتدين قواتها من بلادنا من غير قيد وشرط، وإما استمرار الجهاد المقدس ضد الصليبيين المعتدين، وإرغامهم على الانسحاب الفوري من أراضينا الطاهرة لا غير.
أساس الأزمات
إن أساس الأزمات الموجودة على الساحة الأمريكية والعالمية هو الاعتداء الأمريكي السافر على أفغانستان وسائر البلاد الإسلامية؛ فالأزمة الاقتصادية التي يعاني منها المواطن الأمريكي ناجمة عن النفقات بلا حدود على الحرب الظالمة الجارفة للشعب الأفغاني؛ وأزمة الانتشار العالمي نبعت من غطرسة حكام الولايات المتحدة الأمريكية واعتداءاتها على البلاد الإسلامية؛ وأزمة الأمن العالمي كذلك نجمت من ظلم القوات الاستكبارية على الشعوب المستضعفة؛ لكن الرئيس الأمريكي المسكين يجهل ذلك أو يتجاهل؛ فإنه يؤكد على استمرار الحرب الطاحنة التي تدور على جماجم الفتيان والفتيات الأمريكية.
على الشعب الأمريكي أن يدرك
من واجبات الشعب الأمريكي أن يعي ما يدور حوله وما يجري على الأرض، وأن يدرك الواقع الأفغاني الأليم لا للشعب الأفغاني المضطهد فحسب بل وللجنود الأمريكية وأسرهم وذويهم، فإن “أوباما” -على خلاف ما وعد الجماهير- بدأ يلعب بجماجم أكباد الشعب وأرواح الشبان الأمريكيين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يعبَث بمهج الأفغان وأرواحهم البريئة؛ كل ذلك لا لأمر هام، بل إشباعا لرغبته الشهوانية من حب استعباد الشعوب الحرة والاستعلاء في الأرض بغير حق.
علما بأن “أوباما” لسفاهة عقله، ودناءة فكره، وقلة علمه بالسياسة العالمية، وعدم كفائته لإدارة الأمور في القرن الحادي والعشرين المتحضر لا يقدر على احتواء الأوضاع المتدهورة الحرجة في كل من أميركا وأفغانستان وفلسطين وسائر البلاد، بل ازداد الطين بلة منذ توليه مقاليد الحكم في البيت الأبيض، فلم يتمكن من التغلب على الأزمة الاقتصادية، ولم يستطع من وضع حد لإراقة الدماء وإزهاق الأرواح وتخريب البلاد، وما استطاع أن يعيد لأميركا اعتبارها الضائع وثقلها السياسي، وبالجملة صار الرئيس الأمريكي “أوباما” كورقة ساقطة تستحق أن تطوى وتلقى في مزبلة التاريخ الأمريكي. وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ.