يدخل ثلاثة الجنة بالسهم الواحد

noristanv

بقلم: أبو حفص النّيمروزي

منذ أن اشتركت في میادین القتال، واجهتُ أمراً غريباً تعجّبت منه وتعجّب منه الآخرين، وهو أنني قد اشتركت في خمسة معارك، لم أُوفّق بإطلاق نّار في أحدها ولو برمیة واحدة.
ولعلك تظن -أخي القارئ- أن تلك المعارك لم يحصل فيها اشتباك، لكنك مخطئ في ظنك هذا، ففي الغزوة الأولی استشهد منّا ثلاثة مجاهدين، وتجاوز عدد الجرحی العشرة، وجُرح وقُتل من الأعداء جمع كبیر بعون الله، ورحی الاشتباكات كانت دائرة مستعرة لأكثر من عشر ساعات.
وفي المعارك الأربعة الأخری قد وصل إخواننا المجاهدون إلی أسوار حصن العدو، بل في بعضها قد سیطروا علی الأبراج ودخلوا داخل الأسوار؛ ومع ذلك لم أُوفق بإطلاق طلقة واحدة، فكان هذا یُحزنني، خاصة عندما كان الإخوة الآخرون یقول بعضهم لبعض لو كنت مع فلان (أنا) فما كنت لتجد فرصة لإطلاق رمیة واحدة.
فشقّ عليّ الأمر، وجعل الشیطان علی عیني غطاءً حتی كنت أری أنه ليس لي أجر. ورغم أني كنت أشترك في تلك المعارك المباركة، إلا أنه لم تسنح لي الفرصة لإطلاق النار.
كان الأمر هكذا حتی طرق سمعي أثر عن ابن عمر رضي الله عنه، وبه حلق فكري في أجواء الأحادیث، وتذكرتُ بعدها كم من الأجر لكل مشارك في الغزوات، وأن الله لا یُقنط أحداً ولا یُيئسه، وأنه هو الذي یدخل بسهم واحد ثلاثة في الجنة.
هكذا بدأت الأحادیث تحضرني، فخجلتُ من نفسي، فعلی أي شيء حزنت؟ وعلی أي شيء لمت نفسي؟.
الأثر: قال ابن عمر رضي الله عنه: (لأن أقف موقفاً في سبیل الله مواجهاً للعدوّ لا أضربُ بسیفٍ ولا أطعن برمح ولا أرمي بسهم، أفضل من أعبد الله ستین سنة لا أعصیه) [كتاب الجامع].
فوصیتي إلی إخوتي المجاهدین أن لایحزنوا إن حدث لهم حادث مثلما حدث لي، لأنّ هناك أمور یعرفها القادة العسكريون والخبراء، لا الذي شارك في میادین النزال من جدید. فبعد مدة تفكرتُ أمر أمیري وعلمت حسن اختیاره، ففي الغزوة الأولی جعلني عند السیارات، وفي الثانیة جعلني بقرب الأسلحة الثقیلة، وفي الثالثة والرابعة جعلني في الكمائن.
فالأمیر الخبیر یعرف ماذا یفعل، ویعرف الحال الأنسب لك، ومدى خبرتك، وأي موضع صالح لك، فارض بقدر الله فالكل شریك في الأجر إن شاء الله.