الأحداث تمضي لصالح المجاهدين

محمود نويد

 

إن هجمات المجاهدين البطولية نافذة في طول البلاد وعرضها، والحكومة العميلة فارغة القوى ومنهكة من ضربات المجاهدين، فهم قتلى وصرعى وأسرى في ميادين الصراع، أو مختفين متسللين أو هاربين إلى بيوتهم، أو ينضمون بعد إدراكهم الحقائق لصفوف المجاهدين، ويقاتلون بكل بسالة زملاءهم المغررين الذين كانوا بالأمس معهم في خندق واحد، وبالجملة لو أمعنا النّظر إلى التحولات السياسية في البلاد فسنرى بأن جميع الأمور وكل شيء يمضي في هذه الأيام لصالح المجاهدين.

فهذه الحكومة العميلة التي صنعها جون كيري، في اضمحلال وانحلال، وخلافات زعماء هذه الحكومة اشتدت وتيرتها كالأيام الأولى، وكل واحد بصدد إضعاف حزب الآخر أو فئة وجماعة أخرى، فالرئيس أشرف غني ومشاوروه يريدون قمع رجال الدكتور عبد الله وأفراده المؤثرين، ومن جانب آخر الدكتور عبد الله وحاشيته بصدد قمع رجال أشرف غني، إلا أن الجماهير تشيد بأشرف غني والقوات الأممية خلفه وتسانده كما يساعده القانون في بعض الأحيان، كل ذلك جعل الدكتور عبد الله ينفعل في بعض الأحيان ويلزم نفسه بأن يصبر، ويعلم بأنه لو أصرّ على مواقفه ومصالحه، لافتقد ما تبقى له من الوجاهة عند أشرف غني.

وكل واحد منهما افتقد رجاله الأصليين في الحقيقة، بل الأمر فوق ذلك، فهم بصدد إضعاف أفرادهم الأقربين، فالجنرال دوستم الذي كان الرجل الأول لفريق أشرف غني ابتعد عن الحكومة منذ شهور كثيرة بل وأعوام عديدة وشرّد كي يعيش في المنفى، ولم يكتف أشرف غني بذلك، بل بدأ بقمع رجال الجنرال دوستم في ولاية فارياب، ويسعى بأن يبقى دوستم في العزلة أكثر من هذا، ونفس الطريقة يعملها الدكتور عبد الله مع زميله القديم عطا محمد نور، وصار الآن عطا محمد نور -صديقه بالأمس- منافساً شديداً له، وأقيل عطا محمد نور من منصبه بحكم رسمي من أشرف غني، إلا أن الأول غضب أكثر من الدكتور عبد الله صديقه، معرباً عن انزعاجه وقلقه لماذا لم يمنع الدكتور عبد الله ولم يقف أمام أشرف غني عند عزله عن المنصب.

إنّ هذا الصراع الداخلي والخلافات لو جعلناها بجانب الصراع السياسي للقدرات الدخيلة في حرب أفغانستان، فسنرى بأنّ حلفاء الأمريكان من الحلف الأطلسي أيضاً ساخطون من استمرار الحرب في أفغانستان، ومتحيرون أيضاً، فرؤوسهم مطأطأة لأنهم عجزوا عن تنصيب حكومة سالمة نزيهة من الفساد في أفغانستان، ويخجلون من هذا الأمر، وإنْ كانوا يطنطنون بالبقاء في أفغانستان على أطراف اللسان، إلا أنهم يعملون وراء الكواليس على مشاريع مختلفة للخروج من أفغانستان، لأنهم على يقين كامل بأنّ الحماية من الإدارة الفاسدة والضعيفة بكابل، تكون عاراً على الدول الدخيلة في حرب أفغانستان، وتتسبب لفضائح أخرى في مستقبل قريب.