الحرب الإعلامية ومسؤوليتنا

جنيد المهاجر

 

إن الحرب لا تكون بتسيير الجيوش والصواریخ المتطورة، والأساطیل، والغواصات، والطائرات، والمدرعات، و الرشاشات فحسب؛ بل الحرب لها أشکال مختلفة؛ مثل الحرب الاقتصادیة، والسیاسیة، والإعلامیة.

فالحرب العسکریة -هما امتدّ أمدها- فلن تدوم إلا عدة سنین، وإن تم قتل ملایین الناس نتیجتها، أو تم تدمير عشرات الآلاف من البیوت والمدن، فبمجرد غلبة أحد الطرفین، تنتهي بالکامل، ويفرض الطرف المنتصر شروطه، ويتنازل له الطرف المنهزم.

وكذلك الحال بالنسبة للحرب الاقتصادیة والسیاسیة؛ ستنتهي یومًا ما أيضاً. أمّا النوع الدائم المستمر  من الحروب، فهو الحرب الإعلامیة؛ التي تُعدّ من أشكال الصراع المسلّح بالمعلومات المضللة والأكاذيب المختلقة.

والحرب الإعلامية هي من أهم الحروب التي یخوضها الإنسان دائمًا، ولن تتوقف أبدًا، وهدفها هو السیطرة أو التلاعب بعقول الناس، وحشد الراي العام لصالح/ضد قرارات، أو قضايا، أو أفكار، أو ثقافة معينة.

الحرب الإعلامیة التي تجري في القرن الواحد والعشرین، هي الحرب بین الفکر الإسلامي، وبین الأفكار الباطلة بکل أشكالها. واستخدم الغرب کثیرا هذا النوع من الحروب ضد المسلمین؛ وخاصة في أفغانستان وذلك بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 التي بدأ فيها الغرب حربًا إعلامیة واسعة لإثارة العالم ضد الإمارة الإسلامیة. وحصل الغرب علی تأييد الرأي العام بین حکام المسلمین؛ حیث شاركت کثیر من الدول الإسلامیة مع حلف الناتو في الاحتلال الذي تسبب بالتدفق الغربي إلی أفغانستان والقتل والتهجیر والتشرید فیها.

وفي أثناء الاحتلال أیضًا استعمل الغرب کل قوته ليسیطر علی عقول الشعب کما سیطر علی أرضه؛ فأنشأ کثیرًا من الإذاعات والقنوات التلفازیة والفضائیة، وأصبحت أنشطتها لا تتوقف صباح مساء. وأنفق ملایین الدولارات حتی ینشر الأکاذیب والتهم ضد المجاهدین ویضع غطاء علی المجازر التي يرتکبها یومیًا في البلد من قبل عملائه وحلفائه.

واستخدم أیضًا کثیرًا من العلمانیین والأشخاص الذین کان هدفهم إحقاق ما یطلبه الغرب؛ وهو الغلبة علی الشعب، واستعملوا في ذلك کل ما في وسعهم لیتقدموا في هذا المجال.

وقبل أن تحكم الإمارة الإسلامیة سیطرتها علی أفغانستان، وفي أثناء هجمات المجاهدین علی المدن والقری في عدة مناطق، حاول الغرب وعملاؤه شن حرب إعلامیة جدیدة ضد المجاهدین، وإعادة هیکلة جیشهم بعد هزیمتهم في میادین القتال العسکري؛ لکن خاب رجاؤهم وأصبحوا منهزمین أمام فئة قلیلة من المجاهدین. وكانت هزیمتهم ساحقة في المیدانين العسکري والإعلامي.

وبعد تضحیات جسام؛ سیطر المجاهدون علی كامل أفغانستان، ورفرفت رایة التوحید في أرجائها، وخرج ما تبقی من المحتلين من البلد. ولكن الحرب الإعلامیة لا تزال جاریة بین معسكر الحق ومعسكر الباطل، ولن تتوقف مادام کافر یعیش علی وجه هذه الأرض ومادام جسد مسلم ينبض بالحياة.

 

ما هي مسئولیتنا تجاه هذه القضیة؟

قبل عدة أیام، رأیت في تقریر خاص على القناة المتحیزة (أفغانستان إنترناشيونال) بأن جنودا من الإمارة الإسلامیة هاجموا قریة في محافظة (ننجرهار) بعد أن حذرت أهاليها من زراعة المخدرات، وقُتل أثر ذلك الهجوم أحد أهالي تلك القریة خطأ.

لکن تحولت هذه القضیة إلی عنوان کثیر من القنوات، وکأن مقدمي البرامج ووسائل الإعلام، نسوا ما یحدث في العالم حالیا، وكأنه لا توجد حرب في أوکرانیا بینها وبین روسیا، ونسوا الانتهاکات في فلسطین والمجازر في سوریا.

إن هدف تلك الوسائل هو كسر عقیدة ما لا یقل عن ملیاري مسلم في العالم. ولابد أن يعي کل مسلم مسؤوليته تجاه هذه الحرب، ومسئولیتنا هي الصمود أمام هذه الهجمات الشرسة، وعدم الانجرار خلفها أو الانخداع بضجيجها الكاذب.