الغرب وحقوق المرأة الأفغانية

حافظ حبيب

 

بعدما سيطرت الإمارة الإسلامية على كامل أراضي أفغانستان الأبية، وطردت المحتل الغاصب ذليلًا كسيرًا حقيرًا مع حلفائه وأذياله وأذنابه، بات العدوّ المنكوص على عقبيه ممتعضًا مدوّخًا لا يعرف كيف ينتقم من رجال الإمارة الإسلامية والحكومة الفتية التي رفعت لواء التوحيد في طول البلاد وعرضها، ونشرت الوئام والسلام والأمن والأمان في كل شبر من أكناف الوطن الأبي، فجمّد في الوهلة الأولى أموال الشعب الأفغاني كي يقتل الأفغان بالفقر المدقع كما كان يحلم، ولكنّ الله سبحانه وتعالى ردّ كيدهم وهاهم الأفغان أحياء يرزقون لم يُقتل أحد منهم من الفقر.

ثم رموا سهمهم الآخر وابتدعوا ذريعة الدفاع عن حقوق المرأة الأفغانية لتكون مبررًا يعطيهم الحق بالتدخل في الشؤون الداخلية لدولة أفغانستان الإسلامية المحافظة على كرامة نسائها وفتياتها من شرّ مكائد الغربيين ودسائسهم.

وما من شكّ أنّ هذه النعرات قد لاقت آذانًا صاغية من هنا وهناك من قبل الذين يريدون إزالة الحجاب عن المرأة الأفغانية المسلمة العفيفة التي كبرت بالحجاب والعفاف.

والسؤال المطروح هنا: لماذا التركيز بشكل خاص على المرأة الأفغانية؟ لماذا لا ينطق هؤلاء حين تتعرض الناشطات المطالبات بالحرية والتغيير للسجن والتنكيل؟

هل حدث أن اتخذت دولة غربية إجراءً فاعلا ضد نظام اضطهد المرأة بالسجن والتعذيب كما فعلت حكومات مدعومة من الغرب؟ ما الذي فعلته تلك الدول لوقف الاضطهاد الوحشي للمرأة الفلسطينية؟ ما ردة الفعل التي اتخذتها على قتل الفتاة جنا مجدي عصام زكارنة (16 عاما) إثر اصابتها برصاصة في الرأس خلال اقتحام قوات الاحتلال الحي الشرقي من مدينة جنين في 12 ديسمبر الماضي؟ أو الدكتورة رزان النجار وهي تمارس مهمتها لإسعاف المصابين؟ أو الدكتورة مي خالد يوسف عفانة (29 عاما) المحاضرة بجامعة الاستقلال في القدس بإطلاق النار عليها عند أحد الحواجز؟

وبرغم ما يشيعه النظام السياسي المهيمن على العالم في الوقت الحاضر، لم يستطع الغرب نفسه تقديم منظومة حياتية منطقية وعادلة لدور المرأة أو حمايتها من الاضطهاد والاستغلال البشع.

الإحصاءات التي تنشرها مؤسسات البحث والإعلام في الغرب تظهر نمطا غير إنساني للتعامل مع المرأة. فهناك العنف الذي يتعرض له هذا المخلوق تارة لأسباب اجتماعية وأخرى أسرية وثالثة غريزية شيطانية. ووفقا لدراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية قبل عامين؛ فقد تعرضت واحدة من كل ثلاث نساء في العالم، أي نحو 736 مليون امرأة، لعنف جسدي أو جنسي خلال حياتهن. وقال التقرير إن واحدة من كل أربع إناث بين سن 15 و24 قد تعرضت بالفعل للعنف على يد شريك (أي زوج أو عشيق). وتبين أن العنف من الشريك هو أكثر ما تم الإبلاغ عنه على مستوى العالم، إذ قالت نحو 641 مليون امرأة إنهن تعرضن له. وقالت 6 في المائة من النساء إنهن تعرضن للعنف من أشخاص غير الزوج أو الشريك.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية (تيدروس أدهانوم غيبريسوس) أن (العنف ضد النساء منتشر كالوباء في كل البلاد والثقافات، ويسبب الضرر لملايين النساء وعائلاتهن). كما أعدت منظمة (الائتلاف الوطني ضد العنف المنزلي ومقرها واشنطن) تقريرًا حول العنف الذي تتعرض إليه المرأة بمختلف أنواعه. أكّد هذا التقرير تعرّض ما يقرب من 20 شخصًا في الدقيقة للإيذاء الجسدي من قبل الشريك في الولايات المتحدة. يضاف إلى ذلك أن واحدة من كل أربع نساء أي 25٪ يتعرضن للعنف الجسدى المبرح من الشريك أو ملاحقته لها وللعنف الجنسي مع آثار نفسية وجسدية سيئة مثل الإصابات، والخوف، واضطراب ما بعد الصدمة. كما تتعرض واحدة من كل ثلاث لشكل من أشكال العنف الجسدي مثل الصفع والدفع؛ فيما تصاب واحدة من بين سبع نساء بجروح نتيجة الوحشية التي تتعرض لها. وثمة أشكال أخرى من العنف تؤدي لأعداد كبيرة من الضحايا، ومنها الحرق والخنق والخوف الشديد من تعرضهن للأذى أو محاولات القتل من قبل شركائهن. وتصل نسبة العنف المنزلي بسبب استخدام السلاح إلى 19٪. ويقول تقرير المنظمة الأمريكية، أن هناك أكثر من 20 ألف اتصال هاتفي يتم إجراؤها على الخطوط الساخنة للعنف الأسري في جميع أنحاء البلاد يوميًا. ويرتبط الإيذاء الأسري بارتفاع معدل الاكتئاب والسلوك الانتحاري.

كل ما أريد أن أقوله هنا أنه يجب علينا عدم الإنسياق وراء دعاة حقوق المرأة، فالغرب اتخذ منها مجرد وسيلة شرعنها للتدخل في شؤون الآخرين، وبالتالي زعزعة أمن البلاد وإدخال الفوضى والخراب.