المدارس الدينية هدف جديد للاحتلال

عماد الدّين

 

تزامناً مع فصل الربیع، تُقام الحفلات السنویة لمدارس أفغانستان الدينية تكريماً لخريجي هذه المدارس بمناسبة إنهائهم النظام الدراسي.

وتلقى هذه الحفلات تواجداً رائعاً من قبل الشعب الأفغاني الذي أشرب في قلبه حب الإسلام والتفاني في سبيله. وبصرف النظر عن الثواب الحاصل في مثل هذه الحفلات، هي رمز تعلق هذا الشعب بالمدارس والمراكز الدينية، التعلق المسجل في صفحات التاريخ.

الحقيقة أن المدارس مراكز مهمة لحفظ الدين والقضاء على الفرق الباطلة، ومعسكر لإعداد القادة العباقرة الذين يتصدّون للمحتلين والمنافقين. هذا الدور الهام، وذلك الإقبال من قبل الشعب؛ دفع أعداء الإسلام ليمكروا من أجل القضاء على هذه المدارس والمعاهد الدينية.

لذلك قام الأعداء وأذنابهم بتطبيق مشاريع خطيرة للقضاء على المدارس، والتقليل من شأن العلماء وخريجي المدارس. ومن الخطط الأخيرة للأعداء تلك التي نفذت في إحدى مدارس هرات.

ولكنها باءت بالفشل بحمدالله وتوفيقه. أما أخيرا تفطن الأعداء بأن خططهمم ودسائسهم أضعف من بيت العنكبوت وأن المدارس واقعة في سويداء قلوب الشعب الأفغاني.

إنهم بعد تطبيق مئات الخطط والمشاريع والمؤامرات، وجدوا أن عدد المشاركين في حفلات المدارس الدينية يزداد سنويا. وأن البلاد تسير بخطى حثيثة إلى توسيع نطاق المدارس. والحقيقة أن عدد المدارس بعد الاحتلال صار ضعف ما كان عليه سابقاً؛ لتفطّن الشعب بمدى عداء الغرب للمدارس.

هذه الحقائق المؤلمة للأعداء دفعت بهم إلى اتخاذ خطط خطيرة جداً بالهجوم على المدارس وحفلاتها التي تعقد هذه الأيام.

وقديما قيل: الغريق يتشبث بكل حشيش. هنا غرق الأعداء في بحر المدارس الدينية وتفاني الشعب الباسل. لذلك بدأوا بمسلسل استهداف المدارس الدينية. بدأ هذا المسلسل باستهداف حفلة مدرسة دينية في محافظة فراه، ثم استهداف سيارة تقلّ جمعاً من علماء ولاية نيمروز.

حسب شهود عيان، استهدفت الطائرة الاحتفال في البداية، فتفرق الجمع وجرح اثنان في هذه الهجمة الدامية. وكان الهدف منها تفريق الجمع وتطبيق القسم الثاني من الخطة؛ وهي استهداف سيارة العلماء الضيوف المشاركين في هذا الحفل. وبعد انتهاء الاحتفال ركب الوفد النيمروزي السيارة وخرجوا من المنطقة. ولكن سرعان ما تحركت الطائرة فوقهم فاستهدفتهم قرب الشارع العام. فاستشهد ثلاثة من العلماء الشباب الناشطين وجرح اثنان.

وما نقموا منهم إلا أنهم آمنوا بالله وخدموا المدارس الدينية. ياليت القضية انتهت هنا. فبعد أقل من أسبوع استهدف المحتلون حفلة أخرى في إحدى مدارس قندوز. ومسلسل هذه الهجمات العشوائية بدأ والله يعلم متى ستنتهي. واستشهد في هذا الهجوم الجوي أكثر من خمس وعشرين من المدنيين العزل.

هذه صورة من تجبّر المحتلين، حيث يهجمون على المدارس ويريقون الدماء كي يخوفوا الشعب من المشاركة والمساهمة في حفلات المدارس الدينية وحمايتها ماديا ومعنويا.

ولكن هل يستطيعون تحقيق هذا الهدف الشيطاني؟ بالرجوع إلى التاريخ نرى أن الأعداء بدأوا هجماتهم ضد المدارس الدينية منذ قرنين، وطبّقوا آلاف الخطط والمشاريع للحصول على هذا الهدف. لكن رايات المدارس مازالت ترفرف في سماء العالم الإسلامي؛ لأن المدارس مكان لتربية قادة الدين ووراث النبوة.

والله تعالى ضمن حفظ هذا الدين حيث قال: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). إن هذه الآية تصرح بتكفل الله بالحفاظ على الدين. أما الأعداء فسينفقون أموالهم ضد الدين والمدارس الدينية، والنتيجة التي سيحصلون عليها هي الخيبة والخسران والحسرة على ما أنفقوا.

إن الشعب الأفغاني روى شجرة المدارس الدينية بدمائه، وبذل الغالي والنفيس، لذلك لا يمكنه التخلي عن حماية المدارس والمعاهد الدينية.

أما النقطة الأخيرة هي سكوت ما يسمى بـ المجتمع المدني حيال هذه المأساة. إن استهداف المدنيين من جانب المحتلين قضية معروفة لدى الشعب الأفغاني، ولكن سكوت ما يسمى بـ المجتمع المدني حيال هذه الهجمات شيء حقير. لو استهدف المحتلون مدرسة حكومية فماذا كان سيفعل هؤلاء؟

في مثل هذه المواقف تتمثل إزدواجية هذه الكتلة العميلة.

وليعلم هؤلاء المرتزقة أن سكوتهم عن هذه القضية يكشف القناع عن وجوهم الخبيثة. والشعب يزداد معرفة بخيانتهم تجاهه وتجاه البلد.