المذبحة الأخيرة في أفغانستان جريمة لا تغتفر

(تنديد سماحة الأستاذ المفتي محمد قاسم القاسمي ـ أستاذ الحديث والإفتاء بجامعة دارالعلوم ـ بالمجزرة الأخيرة في أفغانستان)

 

ببالغ الأسى والحزن تلقينا نبأ استشهاد أكثر من مائة شخص إثر القصف الجوي على حفل لتكريم الطلاب الخريجين في مدرسة دينية بمدينة قندوز بأفغانستان. وقد سبق هذا القصف قصف آخر على حفل مشابه لهذا الحفل أسفر عن مقتل نفوس من الأبرياء. أن تقع هاتان الحادثتان في أسبوع في حفلات تكريم للعلماء والحفاظ مؤلم ومؤسف جدا، ولا مبرر له شرعا وعقلا. وما حدث في حفل تكريم الحفاظ في مدرسة دار العلوم هاشمية بقندوز راح ضحيته فتية ويافعون وكثير منهم لم يبلغ سن الرشد بعد، وقد حفظوا القرآن الكريم. إن قصفهم وقتلهم إهانة للقرآن والإسلام وكافة المسلمين. ونحن ندين مثل هذه الجرائم بشدة، ونرجو لمرتكبيها الخزي والشنار والهلاك.

ولا ينبغي أن نمر بهذه الجرائم ببساطة، بل يجب أن تستفز مثل هذه الأحداث مشاعر الجميع، وتهز حلف الناتو وحكومة أفغانستان وقادة أمريكا والمجتمع الدولي، وأن يحاسٓب الجناة والمجرمون. إن هذه أزمة حقيقية ويجب تشكيل اللويا جيرغا في أقرب وقت ممكن لاستعراض هذا الحدث وطرق مواجهته وملاحقة مرتكبيه. وعلى الشخصيات الاجتماعية وسراة القبائل أن لا يتغاضوا عن مثل هذه الجرائم التي تقشعر منها الجلود.

ما ذنب هؤلاء الصغار والبراعم الذين لا يعرفون ما هي الحرب؟ ولا يعرفون الطاغية ولا الظالم والمظلوم، ولا يميزون بين اليمين والشمال؟ أين أصحاب الضمير الحي؟ أين الذين يعتزون بأنهم أعادوا الأمن والاستقرار في أفغانستان؟ ألا يشعرون بالخجل؟! قبل أيام صرح ترمب بأنه يشعر بالخجل لما حدث بسوريا، أين هو الآن من هذه الحادثة، ألا يشعر بالخجل والحياء؟!

ما هو واجب الشعب الأفغاني إزاء هذه الجريمة؟ أين الجماهير؟ أين الاحتجاجات والاعتصامات والإدانات؟ لماذا لا يخرج الشعب إلى الشوارع مندداً بهذه الجريمة؟ أين المسؤولون والوزراء من هذه الحادثة؟ من استقال من منصبه اعتراضا على ما حدث؟ أين رئيس الجمهورية وبماذا سيجيب؟!

أين العلماء ولماذا لا ترتفع أصواتهم؟ وليعرف كل من له كلمة مسموعة أو لكلامه أثر ولا يرفع صوته ويقدّم شكوى أنه يحاسب في المحكمة الإلهية، وليعرف المتسببون والآمرون والمنفذون والمخططون أنهم لن يفلتوا من عقاب الله تعالى وبطشه.

من أين تحلق هذه المروحيات ومن أين تتزود بالوقود؟ وأين تهبط، وأين يمكث الطيار؟ ومن أين يتلقى الأوامر؟ إن هذه تساؤلات تطلب جوابا؟

إذا كانت قاعدة مرتكبي هذه الجريمة تقع في بلد غير إسلامي، أليس لقادة ذلك البلد ضمير حي؟ ألا يرون ما يفعل بالأطفال وبالشعب المسكين؟ وإذا كانت قاعدتهم في بلد إسلامي فالإسلام بريء من هذا الإجرام.

بأي ذنب قتل هؤلاء الصغار؟ أين الذين ينادون بالعقلانية والقانون والحرية؟ أين الذين يدافعون عن حقوق البشر وحقوق الحيوانات ثم يحرقون الرطب واليابس؟ وليعرفوا أن دم طفل بريء، وصراخ أرملة قد يبيد عالما بأسره، ويقضي على بلد، ويغير نظاما، فاتقوا الله واتقوا مغبة أعمالكم.

 

ماذا يجب أن نفعل؟

1 ـ الاستعانة بالله تعالى والتضرع إليه.

2 ـ الاستشارة وعقد المؤتمرات وتحليل ما جرى.

3 ـ اتخاذ قرارات حاسمة، وتشكيل المظاهرات لمطالبة الحكومة بالقبض على المجرمين، والمبادرة لإنهاء الأزمة.

4 ـ يجب على علماء الإسلام والمفكرين والمعنيين الذين يرجى أن يصل صوتهم إلى مكان أن لا يتهاونوا في أداء الواجب، وعلى الجماهير أن تنتفض وتتحرك.

 

إننا إذ ندين هذه المذبحة بشدة نناشد أحرار العالم وجميع المؤسسات التي تنادي بحقوق البشر وتعنى بحقوق الحيوانات أن تبادر لحل هذه الأزمة وإيقاف هذه الجرائم ومحاكمة المجرمين. وليعلم الجميع أن الحرب والدمار والقصف لا يحل أي عقدة.

وأخيرا نقدم تعازينا الحارة لجميع الأسر التي فقدت فلذات أكبادها ونرجو لوالديهم الصبر والسلوان.