بشرى الاتفاقية بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمارة الإسلامية فضيلة الشيخ سلمان الحسيني الندوي حفظه الله

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين محمد وآله وصحبه أجمعين، والعاقية للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

نحمدالله تبارك وتعالى على أنه حقّق لنا أملًا كبيرًا. قال رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في آخر أيام حياته: هلك كسرى فلا كسرى بعده، وليهلكنّ قيصر فلا قيصر بعده.

كنتُ في بداية التسعينات عندما كانت أفغانستان مقبرة الروس الظالمين الغاشمين الطغاة، كنتُ أعلنتُ في خطاباتي بأنه هلك كسرى فلا كسرى بعده، هلكت روسيا، هلك السوفيات فلا سوفيات بعدهم، وليهلكنّ قيصر فلا قيصر بعده، لتهلكنّ أمريكا فلا تكون تلك البلاد التي كانت طاغية والتي كانت تتظاهر بقوّتها الجبّارة ضدّ القوى والبلدان الإسلامية والعربية والبلدان الضعيفة والبلدان المتخلّفة، فقد أصبحت أفغانستان، بعد تلك الفترة مقبرة الأمريكان أيضًا، ولا شك أنّ الطالبان وأنّ المجاهدين ضدّ قوى الشرّ والطغيان أجبروا هذه القوى الطاغية على الرضوخ، على الخضوع، على الاستسلام، على طلب الأمان، على أن يقيموا اتفاقيات الأمن والسلام.

ونحمدالله تبارك وتعالى على أنّ أمريكا خضعت لتلك الاتفاقية التي كنّا نرجوها، وأن تكون خيرًا على أفغانستان، وعلى العالم الإسلامي، وقد سمعنا في الأخبار السارّة أخيرًا أنه قد تمّت الاتفاقية بين الطالبان وبين الولايات المتحدة الأمريكية في عاصمة قطر، وإنّ دولة قطر أضافت هذا اللقاء وهذه القمة وهي القمة في معنى الحقيقة وفي حقيقة معناها، لقد تمت هذه الاتفاقية بين الطالبان وأمريكا في هذا اليوم، وهذا يوم مبارك، ونرجوا أن يجيء إن شاء الله دور العمارة لأفغانستان، دور النموّ والرقي والازدهار، ودور العلاقات الداخلية الطيبة، ودور العلاقات الطيبة مع الدول المجاورة كالهند، وباكستان، وبنجلاديش وغيرها من الدول، ولابد أن تكون العلاقات علاقات أخوية، مثلما كانت هذه العلاقات قبل دخول الإنكليز بين أفغانستان وبين الهند، وكانت الهند حين ذاك تضم باكستان وبنجلاديش، كانت الهند بالحدود من أفغانستان إلى حدود سريلانكا، بل سريلانكا  كانت داخلة في الهند.

فينبغي أن تعود الذكريات الأولى، وأن يعود الدور الأول المزدهر، بعلاقات أخوية وعلاقات الجوار، بين الهند وباكستان، وبنجلاديش وأفغانستان، حتى تصل إلى طاجكستان وغيرها. نرجوا إن شاء الله أن يأتي دور جديد وهو دور الرقي والازدهار في ظل حكومة الطالبان، وأن تُخلّي أمريكا أرض أفغانستان لأصحابها ولأهلها ولمن يستحقونها، وأن تخرج منها إذا أرادت العافية والسلام إلى أمريكا رجعة القهقرى حيث لا ترجع مرّة ثانية.

وأكتفي بهذه الكلمة، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.