تبصير المسلمة الأفغانية بخطر تقليد الغرب

أبو غلام الله

 

إنّ للمرأة الأفغانية المسلمة -كبقية النساء المسلمات- الكثير من المواهب الضخمة الجديرة بأن تبني أمة أو أن تهدم أمة. فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنّ الدنيا حلوة خضرة، وإنّ الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإنّ أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء). رواه مسلم

وعن أسامة بن زيد وسعيد بن زيد -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما تركت بعدي في الناس فتنة أضرّ على الرجال من النساء). رواه البخاري

ومن هنا نرى أنّ أعداء الإسلام تفرسوا في أسباب قوة المسلمين وحدّدوها، ثم اجتهدوا في توهينها وتحطيمها بكل ما أوتوا من مكر ودهاء. لقد علموا أنّ المرأة من أعظم أسباب القوة في المجتمع الإسلامي، وهم يعلمون أيضاً أنها سلاح ذو حدين، وأنها قابلة لأن تكون أخطر أسلحة الفتنة والتدمير.

ولقد ظلت المرأة الأفغانية المسلمة طيلة القرون الخالية مصونة متربعة على عرشها قارّة داخل “مصنع رهبان الليل، وفرسان النّهار” تهز المهد بيمينها، وتزلزل عروش الكفر بشمالها، فراح أعداؤها الموتورون يحيكون المؤامرة تلو المؤامرة، وينصبون لها الشباك؛ تارة باسم تحرير المرأة، وتارة أخرى باسم التعليم والرياضة، وغيرها من طابور المؤامرات.

فالمرأة الأفغانية المسلمة هي أمّ المجاهدين، وبنت المجاهدين، وزوجة المجاهدين، وأخت المجاهدين، وبدون “المرأة المسلمة” و”البيت المسلم” لايمكن أن تقوم “الدولة المسلمة”. وعودة الإسلام لن تكون إلا على أيدي وأكتاف أولي عزم يقيمون الإسلام في أنفسهم وبيوتهم، ويحكمون بما أنزل الله في خاصة أنفسهم وأهليهم أولاً، حتى يستحقوا تنزل النّصر عليهم، وحتى يأمنوا أن يخذلهم الله في مواطن اللقاء مع الأعداء، (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

إن تقليد بعض الشباب المسلمين والشابات المسلمات للغربيين والمحتلين الذين احتلوا بلاد الإسلام، إنما هو أمارة الانهزام الداخلي الذي ينعكس في هذه التبعية العمياء التي أودت بأصالتهم، وأفقدتهم “العزة الإسلامية”، وجعلتهم يهونون على ربهم، ويهونون على أنفسهم.

ولله درّ العلامة ابن خلدون -رحمه الله إذ عقد فصلاً خاصاً في مقدمته، جعله بعنوان: “المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده”، وبيّن فيه أنّ الذي يقلّد غيره إنما هو الضعيف والناقص والمغلوب والجاهل، فقال: (ولذلك ترى المغلوب يتشبه أبداً بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه، في اتخاذها وأشكالها، بل وفي سائر أحواله. وانظر ذلك في الأبناء مع آبائهم كيف تجدهم متشبهين بهم دائماً، وما ذلك إلا لاعتقادهم الكمال فيهم. وانظر إلى كل قطر من الأقطار كيف يغلب على أهله زي الحامية وجند السلطان في الأكثر؛ لأنهم الغالبون لهم، حتى أنه إذا كانت أمة تجاور أخرى ولها الغلب عليها، فيسري إليهم من هذا التشبه والاقتداء حظ كبير، كما هو في الأندلس لهذا العهد مع أمم الجلالقة، فإنك تجدهم يتشبهون بهم في ملابسهم وشاراتهم والكثير من عوائدهم وأحوالهم، حتى في رسم التماثيل في الجدان والمصانع والبيوت، حتى لقد يستشعر من ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء، والأمر لله).

وصدق ابن خلدون رحمه الله، فلقد توقّع استيلاء الإفرنج على الأندلس الإسلامية، وخروج المسلمين منها قبل أن يقع ذلك بنحو مئتي سنة، ولم يكن له دليل على ذلك إلا مشاهدة تشبه المسلمين بالأعداء في ملابسهم وشاراتهم وعاداتهم وأحوالهم.

إنّ الاعتزاز بالإسلام، والفخر بالأحكام الإلهية والاستعلاء بها على كل ما خالفها من نظم ومناهج، هو مفتاح عودتنا إلى الإسلام، وعودة الإسلام إلى حياتنا.

إنّ الذي يهمّنا أن نؤكّده هو أنّ كل ما نسطّره حول المرأة الأفغانية المسلمة إنما هو من منطلق غيرتنا -بصفتنا مسلمين- على أخواتنا في الإسلام، وحرصنا على صيانتهن وحمايتهن، وليس انطلاقاً من عداوة المرأة، فإنه لا يُتصور رجلٌ سويّ يكون عدواً للمرأة، أليست المرأة هي أمه أو زوجته أو ابنته أو أخته أو قريبته؟ فكيف يكون عدواً لهؤلاء؟

وكذا ينبغي أن لا ننخدع بأكاذيب من يدّعون “صداقة المرأة” ويقومون على دعوة تحريرها، ويقودون تجمعاتها، وهم في الحقيقة الدّ أعدائها، يتاجرون بقضيتها، وينتفعون بانحلالها، مموّهين على ضحاياهم ببريق المصطلحات الخدّاعة، وما هي في الحقيقة إلا كسائر الدخان الذي يطلقه المحاربون لتغطية الزحف، ثم لا تلبث النفوس الضعيفة أن تخرّ صريعة تحت مطارق أوهام “الحرية والتحرير”، وقد تبلورت على أيدي هؤلاء “الأنصار والأصدقاء” في معانٍ طريفة من الفوضى المنظمة.