تلبـيةً لنداء إمارة أفغانستان الإسلامية لم يشترك الجمهور في أكذوبة الانتخابات

الافتتاحية

يعلم الجميع أن أكذوبة انتخابات أفغانستان انتهت بغروب شمس يوم الخميس 20-08-2009م والصليبيون خذلهم الله تعالى ترهق وجوههم الذلةُ والهوان لعدم مساهمة جمهور المسلمين في تلك الانتخابات الأفغانية الأمريكية، وذلك تلبية لنداء إمارة أفغانستان الإسلامية، فإن شعبنا الفطن الذكي عرف نوايا الاحتلال بالمشاهدة والعيان لا بالحدس والظنون، ورأى أعمالهم البربرية خلال السنوات الثمانية الماضية برؤية العيون، وأدرك معنى الديمقراطية الغربية الهشة، وعلم باليقين أن الانتخابات في ظل الاحتلال لا تلد إلا ولدا طالحا أعمه لا تهمه شؤون المواطنين من المسلمين، بل سيكون أكبر همه إرضاء الكافر المحتل المعتدي؛ وقد قال الرسول المعظم صلى الله عليه وسلم: (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين). وجاء في الأمثال: “من جرب المجرب فقد حلت به الندامة”.
وخدعت أعداء الله الأمريكان عباد الصليب بكلماتهم السحرية الشعبَ المسلم الأبي في انتخابات (9-أكتوبر-2004م)، حيث وعدوهم بقيام حكومة شعبية عادلة في نتيجة الانتخابات الحرة، وأقسموا لهم بالله لئن ساهمتم فيها لتنالون سعادة فائقة لم تروها في حياتكم الغابرة، ولتفوزون برغد العيش والطمأنينة والهدوء الكامل، وسوف تعيشون في بلدكم بالعزة والكرامة، فتوجه حسب الأرقام المعلنة -إن لم تكن بعيدة عن الحقيقة- في تلك الانتخابات حوالي 70 % من المواطنين إلى صناديق الاقتراع.
لكن آل الأمر بعد الانتخابات من السيئ إلى الأسوأ، فبدأ العدو الأزرق -بانتهاز هذه الفرصة المتاحة- يرتكب جرائم بشعة وجنايات لم يُرَ لها مثالٌ من القصف العشوائي، والدمار الشامل، والقتل العام، والاستئصال الكلي، والتشريد الجماعي الغاشم؛ وذلك لإخافة المسلمين وتهديدهم، وتصريفهم عما يدور برأسهم من حب الحرية والاستقلال، وتلوية أعناقهم عن الجهاد المقدس، وتثنية عنانهم عن طرد المحتلين عن أرضهم الطاهرة، كما هو ديدن هذا الشعب مع المحتل على مر العصور والأزمان.
فلذا فشلت دعاة الديمقراطية في إقناع جمهور المسلمين الأفغان بأن انتخابات 20-08-2009م تعقد لصالحهم، واختلفت الأمور تماما بعد ثمان سنوات من التواجد العسكري الأجنبي الذي يعمل على طمس الهوية الأفغانية الإسلامية تحت عنوان إعادة البناء والديمقراطية؛ لأن الحكومة التي قامت في نتيجة انتخابات 2004م لم تخدم إلا الاحتلال الغاشم, ولم تقدم للشعب المسلم إلا الذبح على أيدي وحوش الغرب باسم قمع الإرهاب وإعادة الإعمار وما شابه ذلك من الكلمات الفارغة.
اتفق المراقبون لهذه الانتخابات من الأوروبيين وغيرهم على أن الإقبال عليها كان يسيرا بالنسبة إلى انتخابات 2004م، وأن الناس كانوا غير مبالين بعملية الانتخابات، وأنهم تحدثوا عن عدم الوثوق بالنتائج، وأنهم كانوا لا يرون في الانتخابات حلا لأزمة البلاد، بل قالوا على العكس ستفضي هذه العملية إلى إهراق مزيد من الدماء، وستؤدي إلى الفوضى والفساد أكثر مما كان.
لكنهم لأمر ما سكتوا عن ذكر نسبة إقبال الناخبين عليها في بدأ الأمر، واكتفوا بأن الإقبال كان ضئيلا، ثم نقل عنهم أن الإقبال قدر بـ 40 % ، وأعتقد أنهم لم يكونوا مقتنعين بهذه النسبة، لذا كانوا يقدمون رجلا ويؤخرون أخرى، ولعلهم صونا لماء وجه الغرب وإبقاء على ادخار الدولارات لأنفسهم تعسفوا في القول، وأغمضوا العيون على الضيم؛ لأن نسبة الإقبال كانت أقل من العشرين بالمائة على الأرجح، وذلك في المدن الكبرى، وأما المناطق الريفية والمدن الصغيرة نسبيا فلا تتجاوز نسبة الإقبال عن 5 %. خمس بالمائة على أفضل التقادير.
وقال أحد شهود عيان في قندهار -ويأتيك بالأخبار من لم تزود- إنه انتظر ساعات طويلة ولم ير من الناخبين إلا مقدار ما يعد بأصابع اليد الواحدة، وقال آخر: لم يحضر الموظفون لفتح باب مركز الاقتراع إلا بعد ساعات من الموعد المقرر، لأنهم كانوا على خيبة الأمل من حضور الناخبين؛ وسأل مذيع إذاعة أمريكا قسم الباشتو في مساء يوم الانتخابات مراسله عن الانتخابات في ولاية “قندز” فقال المراسل: اندلعت الحرب صباحا في مديرية “إمام صاحب” و “شاردره” وكذا وكذا؛ فقال: كيف كان سير الانتخابات؟ قال: بدأت الحرب من الصباح إلى المساء. فقال: كيف كان سير الانتخابات في مركز الولاية؟ قال: الحرب اندلعت على كيلو مترات من المدينة!! فكان الحوار مضحكا.
وللفت نظر الجمهور عن الحقائق يتحدثون عن التزوير في الانتخابات، ومن الفائز فيها؟ وكيف كان سير عمل فرز الأوراق؟ وإلى أين نقلت الصناديق؟ ثم يأتي بيان “أوباما” يشعر فيه بالارتياح ويهنئ الشعب بإجراء الانتخابات الحرة النزيهة، ثم يعلن لجنة الانتخابات النتائج الجزئية، و.. و.. هذه مراوغات الاحتلال وأنواع مكره {وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ } (إبراهيم-46).