حرص أمير المؤمنين الملا محمد عمر المجاهد -رحمه الله- على إصلاح صفوف المجاهدين

الأستاذ وصيل

 

روى الإمام مالك رحمه الله في موطأه عن نافع مولى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى عماله: (إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع).

هكذا هم أمراء العدل، يتفقدون رعيتهم وإخوانهم، ويسعون بشتى الوسائل والسبل لإصلاحهم وإزالة الفساد عن صفوفهم، ولا يغفلون عنهم ولا يتركون حبالهم على غواربهم ليفعلوا ما يشاؤوا.

ونوّر الله قبر الأمير الملا محمد عمر المجاهد رحمه الله، فقد كان نموذجا حيا للأمير العادل، فقد كان حريصا للغاية على إصلاح الصفوف الجهادية، لأنه شاهد بأم عينيه النتيجة الكارثية للإهمال والتهاون في صفوف المجاهدين الذين قارعوا الاحتلال السوفييتي وطردوه عن أفغانستان، وأسقطوا عروش عملائهم.

ولما قاربوا تسلم الحكم، صاروا يقتتلون فيما بينهم، وفعلوا من الجرائم والانتهاكات ما تشيب لهولها الولدان.

 

وفيما يلي نص كلمة قديمة لأمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد -رحمه الله- والتي ألقاها على مسامع المجاهدين قبل سنوات عبر جهاز اللاسلكي:

(أفرغت ذمتي أمام الله، أقسم بالله العظيم قسما بالله، إني لم أقدم هذه التضحيات من أجل شرفي ورئاستي وبقاء ملكي، والله على ما أقول شهيد، فأنا لم أتأخر عنكم بل أضحي بنفسي، وأنصح لكم، وأبلّغكم النصائح، وإن شاء الله لن يحاسبني الله على هذا الأمر، وأفرغ ذمتي أمام الله، لئلا تقولوا أنك كنت غافلا عن أمرنا وساكتا لا تنصحنا، ويكفي التنبيه للمسلم مرة واحدة ولن يملك حجة بعد ذلك في الدنيا والآخرة، ألا قد أبرأت ذمتي أمام الله.

أقول لكم مرة أخرى، ليكن كل واحد منكم آمرا بالمعروف، كل من كان تحت قيادته خمسة نفر أو ألف أو أقل أو أكثر فليكن آمرا بالمعروف، ليحاسب نفسه وإخوانه، هل يصلون أم لا؟ هل يستمعون إلى الموسيقى أم لا؟ هل يرتكبون الفواحش والمنكرات أم لا؟

يجب أن ينتبه جميع المسؤولين إلى هذا الأمر، إن الصف كله يستقيم بهذه الكلمة الواحدة، فمن كان مسلما فليصغ وليستمع وليخلص نيته لله عز وجل، وإن تلطخ بأوحال السيئات والذنوب فليتب منها، وهكذا سيستقيم الصف بأكمله.

وأظن أن جميع المسؤولين يسمعون هذه الكلمة، ومن لم يسمعها فسيسمعها، هذا التنبيه كاف لكم أيها المسلمون، يجب أن تنتهي الأعمال المنكرة في هذا الصف، ويجب أن يزكي كل واحد أصدقاءه).

 

وليست هذه الكلمة هي الوحيدة للأمير الراحل، بل كان دائما يوصي المجاهدين بالتقوى ويقدم لهم النصائح اللازمة، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، عبر كلماته الصوتية ومكاتيبه الإرشادية.

والحمد لله، ما زالت الإمارة الإسلامية ثابتة على خطى مؤسسها، ففي كل سنة يخضع المجاهدون قادة وجندا للدورات الشرعية المكثفة، يقوم بها نخبة من العلماء والشيوخ العاملين، ويتعلم المجاهدون فيها الأحكام الفقهية للجهاد في سبيل الله، مع التربية الإيمانية المستمرة.

ولقد أعطت هذه الدورات ثمارها الواضحة، في إصلاح الصفوف الجهادية، وهذا هو السر لمواصلة الجهاد الأفغاني على بصيرة أكثر من عشرين سنة.